المقاتلات الأميركية تدك «داعش» والسلاح يتدفق على الأكراد

شنت طائرات أميركية بلا طيار غارات جديدة على مواقع لتنظيم «الدولة الإسلامية داعش» لليوم الثاني على التوالي، ليتضح بذلك أكثر ربط الأميركيين «توسيع الضربات» بتشكيل «حكومة شاملة» ليتحول التدخل الأميركي إلى أداة ضغط على كل من بغداد وأربيل بهدف العودة إلى التعاون.

وما عزز ذلك تقديم الحكومة المركزية شحنة من السلاح إلى قوات البيشمركة وتشكيل غرفة عمليات مشتركة تزامناً مع تقديم الأميركيين شحنتين للقوات المتمركزة في محيط جبل سنجار الذي يعتصم فيه آلاف المحاصرين حيث ألقت لهم طائرات أميركية مواد غذائية.

ولم يتغير الوضع الميداني حيث ما زالت «الدولة الإسلامية» محتفظة بمواقعها التي سيطرت عليها قبل الضربات وبدأت أيضاً بإصلاح سد الموصل، فيما يتهافت المدنيون الأكراد على شراء السلاح استعداداً لتوسع الحرب.

في تفاصيل المشهد العراقي، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن الطائرات الأميركية شنت غارتين جديدتين على أهداف لتنظيم «داعش» في شمال العراق، أسفرتا عن «مقتل عدد من الإرهابيين كانوا يلقمون مدفع هاون، كما ألقت اربع مقاتلات ثماني قنابل استهدفت قافلة متوقفة لمقاتلي الدولة الإسلامية».

خطاب أوباما

في الأثناء، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن الضربات دمرت أسلحة وعتاداً كان يمكن الدولة الإسلامية استخدامها في الهجوم على أربيل عاصمة «اقليم كردستان» العراق.

وفي مؤتمر صحافي مقتضب عقده قبل مغادرته واشنطن لقضاء عطلة تستمر اسبوعين أحجم أوباما عن إعطاء إطار زمني لمدة العملية الحالية في العراق واكتفى بالقول إنها ليست مسألة اسابيع وأن «الأمر سيستغرق بعض الوقت»، موضحاً أن الولايات المتحدة دفعت إلى التدخل لأن تقدم مقاتلي التنظيم كان «اسرع» مما توقعته اجهزة الاستخبارات الأميركية. وأضاف: «أنا واثق من اننا سنتمكن من منع الدولة الإسلامية من الذهاب إلى الجبال وذبح الذين لجأوا إليها إلا أن المرحلة التالية ستكون معقدة على المستوى اللوجيستي، كيف نؤمن ممراً آمناً لتمكين هؤلاء الناس من النزول من الجبال، وإلى اين يمكن ان ننقلهم حتى يكونوا في مأمن؟ هذا من الأمور التي يجب ان نجري تنسيقاً في شأنها على المستوى الدولي». وتابع: «ان الجدول الزمني الأهم بنظري هو الذي سيتيح تشكيل حكومة عراقية، لأنه من دون هذه الحكومة سيكون من الصعب جداً على العراقيين الوقوف بوجه الدولة الإسلامية».

وأكد الرئيس الأميركي إثر اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كامرون أن فرنسا وبريطانيا ستدعمان الجهد الإنساني الذي تقوم به في شمال العراق.

الضربات مقابل الحكومة

إلا أن واشنطن باتت أكثر وضوحاً في ربط توسيع الضربات بتشكيل «حكومة شاملة»، وهو ما يعني عودة الأكراد إلى العمل مع بغداد.

وأكد البيت الأبيض إمكان توسيع نطاق العمليات «حالما يتم تشكيل حكومة شاملة» بحسب تصريحات الناطق باسم البيت الأبيض جوش أرنست.

وربط الخبير الأمني احمد الشريفي اتساع الضربات الأميركية بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة. وشدد على أن «في حال الإسراع بتشكيل حكومة شراكة ووحدة وطنية سيكون التدخل الأميركي له مبرراته الواضحة والمهمة بأنها تدعم العراق بجميع مكوناته، فتشكيل الحكومة الوطنية سيفضي إلى عمليات أميركية واسعة، إن كان على جانب الاستطلاع أو الضربات المباشرة».

بغداد تدعم البشمركة بالسلاح

في غضون ذلك، وصلت شحنة من الأسلحة الأميركية الثقيلة إلى قوات البيشمركة الكردية في محاور القتال في منطقة سنجار من طريق معسكر بلنك في منطقة فيشخابور.

وأفاد مصدر بأن هذه الأسلحة ستزيد من القدرة القتالية للبيشمركة التي تقاتل مسلحي «داعش» في تلك المنطقة كما ستساعد على إلحاق الهزيمة بالمسلحين سريعاً.

وأشار إلى أن قسماً من هذه الأسلحة سيرسل إلى قوات الكوماندوس الموجودين في جبل شنكال فيما القسم الآخر سيرسل إلى محاور المواجهة الأخرى في المنطقة.

في السياق، صرح مسؤول أميركي بأن الحكومة العراقية سلمت طائرة محملة بالذخيرة لمقاتلي البيشمركة في خطوة غير مسبوقة من التعاون العسكري بين القوات الكردية والعراقية دفع إليها تهديد خطير من قبل المتشددين.

وكشف رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول بابكر زيباري، عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة من الجيش والبيشمركة والخبراء الأميركيين لمواجهة تنظيم «داعش»، مرجحاً: «تحقيق تقدم في الحرب على «داعش» خلال الـ48 ساعة المقبلة». وقال المسؤول إن قوات الأمن العراقية سلمت الذخيرة ومعظمها أسلحة صغيرة في طائرة شحن من طراز سي-130 لأربيل.

لكن الدولة الإسلامية أبدت تحدياً، وقال مقاتل ان الضربات الجوية «لن تؤثر فينا». وأضاف: «الطائرات هاجمت مواقع يعتقدون بأنها استراتيجية لكن ليست هذه هي الكيفية التي نعمل بها. نحن مدربون على حرب الشوارع والعصابات».

الناحية الإنسانية

من الناحية الإنسانية، قال «البنتاغون» إن الطائرات اسقطت امدادات إضافية، ليصل اجمالي المساعدات إلى 36 ألفاً و224 وجبة طعام جاهزة و6822 غالوناً من مياه الشرب للمدنيين المهددين في سنجار موطن الاقلية اليزيدية في شمال العراق.

وقالت النائب عن الطائفة فيان دخيل لـ«فرانس برس»: «اذا لم نستطع فعل شيء يمنح أملاً للناس على جبل سنجار فسينهارون خلال يوم او يومين ويحدث موت جماعي». ودعت: «قوات البيشمركة والأمم المتحدة والحكومة المركزية إلى القيام بشيء ما لإنقاذ عشرات آلاف المحاصرين». وأشارت دخيل، من الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى «وفاة 50 طفلاً يومياً في جبل سنجار».

ولفتت دخيل إلى ان المعونات الإنسانية لا تصل إلى جميع المناطق في جبل سنجار، ربما لأن بعضها مجاور لمسلحي الدولة الإسلامية. ووفقاً لبعض أهالي سنجار الذين تحدثت اليهم، فقد تباينت فرصهم في النجاة.

العبث بالسد

من جهة أخرى، قال شهود إن متشددي «الدولة الإسلامية» الذين سيطروا على أكبر سد في العراق في هجوم أثار قلقاً دولياً جلبوا مهندسين لإصلاح السد.

وأبلغ مهندس يعمل في سد الموصل أن مقاتلي «الدولة الإسلامية» أحضروا مهندسين لإصلاح خط كهرباء الطوارئ للمدينة وهي أكبر مدينة عراقية في الشمال. وكان خط الكهرباء قد انقطع قبل أربعة أيام، ما أدى الى انقطاع الكهرباء ونقص في المياه.

وقال أحد المشرفين على إدارة السد إن المتشددين يرفعون أعلام تنظيم الدولة الإسلامية السوداء ويقومون بدوريات مراقبة بسيارات نقل تحمل مدافع آلية لحماية المنشآت التي سيطروا عليها من القوات الكردية في وقت سابق الأسبوع الماضي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى