قادة للقتل في الاختلاف وللسرقة في الاتفاق!

مصطفى حكمت العراقي

يستمرّ الشعب العراقي بتقديم الدماء يميناً وشمالاً قرابين لمجرد الحفاظ على قيادات سياسية تسرق وتقتل وتهجر كيفما تشاء واينما تشاء، وتتخذ من الولايات المتحدة سيداً وملاذاً لها للهروب من قصاص الشعب فهم يحتمون تحت الأسوار الكونكريتية والشركات الامنية الأميركية والكلاب البوليسية والشعب يفقد شبابه وأطفاله وكل مكوناته يوميا ولا من ينتفض غيرة له، بل يكتفون بالاستنكار شعاراً والكذب والتزييف خطاباً، وكأنهم يقولون لنا موتوا بغيضكم، فنحن هنا قاعدون بفضل حماية وليّ نعمتنا أوباما وقائد مسيرتنا سلمان وحامي عروشنا أردوغان، والمسيرة تكتمل… فكلّ له شأن يعنيه ولا يوجد للعراق من يحميه سوى الله وجنوده في الأرض من الجيش والحشد الشعبي ومَن بقي من شرفاء العشائر والذين اتخذوا من الصحراء فراشاً ومن السماء غطاء للحفاظ على دولة أصبحت تتهاوى بفضل إبداع سياسيين جاؤوا بالصدفة تحت حمايات دبابات بوش الابن ليصبحوا قادة بعد أن كانوا حفاة في الغرب وحمائم سلام يتودّدون للمنظمات الإنسانية لأعطاهم ما يسدّ رمق عيشهم اليومي حينها.. قد يقول قائل هذا كلام مبالغ فيه لجهة عدم إنصاف شخصيات تدعي الجهاد والنضال لتحقيق حرية مزعومة لشعب امتهن الموت الذي أصبح ملازماً له، فلا يكاد يمرّ يوم من دون تفجير يدوي هنا وانتحاري ينسف هناك وقصف وتشريد وجوع ومرارة ولا يوجد من يهتز ضميره لكلّ هذا، حتى باتت بغداد التي كان اسمها السلام في يوم ما تصبح وتمسي على تفجيرات جعلت من سمائها تبكي بغبار أسود على ضحايا يسقطون ظلماً لا لشيء سوى لأنهم يريدون الحياة، ولكن القدر جعلهم يعيشون تحت وطأة قادة لا يعرفون سوى تقبيل أيادي الغرب والخليج، ومن جعلهم في هذه المناصب الهزيلة، فتوالت حلقات مسلسل نزيف الدم إذ تبنّت عصابات داعش الإجرامية التفجير الذي وقع الثلاثاء في منطقة الشعب ببغداد، وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات، كما استشهد 25 شخصاً على الأقل الثلاثاء في أربعة تفجيرات استهدفت أسواقاً في شمال وجنوب وشرق بغداد أحدها نفذه انتحاري بحزام ناسف بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية، كما جرح ما لا يقلّ عن 70 شخصاً في الاعتداءات. وقال الناطق باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن إنّ من خلال انتشال الأشلاء ونتائج المعلومات الاولية تبيّن انّ إرهابية انتحارية نفذت الاعتداء في ظاهرة نادرة.

من جهة أخرى أفاد ضابط الشرطة عن استشهاد ثلاثة أشخاص على الأقلّ وإصابة 13 آخرين بجروح في انفجار سيارة مفخخة قرب سوق شعبي في منطقة الرشيد في جنوب غرب بغداد، وفي هجوم آخر قال مصدر في وزارة الداخلية «استشهد سبعة أشخاص وأصيب 21 بجروح في انفجار سيارة مفخخة استهدف مجمع جميلة التجاري، في مدينة الصدر» في شرق بغداد. وأكدت مصادر طبية في مستشفيات بغداد حصيلة الضحايا وتبنّى «داعش» مسؤولية الهجوم الذي وقع في سوق حي الشعب، وقال إنّ المنفذ يدّعى خطاب العراقي قام برمي قنابل يدوية قبل أن يفجّر نفسه. واستشهد ما لا يقلّ عن مئة شخص في موجة هجمات استهدفت خلال الايام الستة الماضية مناطق متفرقة في بغداد ومحيطها ووقع أكثرها عنفاً الأربعاء الماضي حين استشهد 94 شخصاً على الأقل في اعتداءات، بينها تفجير سيارات مفخخة يقودها انتحاريون استهدفت مناطق في شمال وشرق وغرب بغداد..

كلّ هذه الدماء التي سقطت لم ولن تكفي لكي نرى مسؤولاً في الدولة العراقية يخرج علينا معتذراً ومستقيلاً ومُقِراً بفشل قادة جاؤوا مع الاحتلال في ادارة حكم العراق، بل العكس نرى رئيس الوزراء العراقي يقرّ في اجتماع مع قادة تحالف القوى السنية بأنّ كتائب حزب الله ليست ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، ممهّداً بذلك الطريق لتحالف واشنطن بقصفها والعمل ضدّها، وهي التي حمت ولا تزال تقف سوراً منيعاً لبغداد في وجه الإرهابيين القادمين من قضاء الفلوجة المتاخم لحدود بغداد، والذي ترفض واشنطن تحريره جهاراً على لسان كبار مسؤوليها العسكريين بالقول إنّ تحرير الموصل التي تبعد مئات الكيلومترات عن بغداد أهمّ وأوْلى من تحرير الفلوجة الآن والتي تبعد 60 كيلومتراً فقط عن بغداد، وتستجيب وترضخ لهذه الأوامر الحكومة العراقية من دون اعتراض او نقاش! فأين هيبة وسيادة الدولة التي تباكى عليها العبادي ومعصوم والجبوري لمجرّد كسر مقاعد جلوس النواب أثناء دخول المتظاهرين لمجلس النواب العراقي قبل أيام؟ وأين هذه الهيبة من تمركز قوات تركية محتلة في شمال العراق أسميتموها أنتم كذلك وصرعتم بها رؤوسنا قبل أشهر، والآن نجد السفير التركي لا يكاد ينفك من كثرة لقاءاته بكم وأنتم تتودّدون اليه وتتوسلون به ليرضى عنكم..؟

أين السيادة من وصول بايدن إلى بغداد دون علمكم واستقباله من سفيره هنا ووصوله إلى مركز حكمكم في الخضراء دون أدنى معرفة منكم حتى إنْ علمتم قمتم بالذهاب تباعاً إليه في سفارته لالتقاط الصور التذكارية معه! وكأنكم تقولون «بفضل بايدن نحن هنا وبحمده وشكره نحن مستمرون»..

خلاصة القول، فإنّ في العراق قادة تابعين للغرب وواشنطن، وهم يسرقون بلا وجل ويقتلون بلا ملل ولا يهتمّون لشعب يسكن في الوحل ويُساء اليه بلا خجل… في العراق أبرياء يسقطون يومياً وساسة أصبحوا أثرياء وهم يزدادون مالاً يومياً. في العراق قادة أمنيون يتمّ تنصيبهم لمدى ارتباطهم بالسفير الأميركي ومدى إنفاقهم للمال، ولا يجرؤ احد على تنحيتهم ما دام الإنفاق مستمراً ورضى السفير قائماً…! في العراق ساسة إنْ اتفقوا في ما بينهم سرقونا كشعب وإنْ اختلفوا قتلونا…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى