«فيينا ـ 3»: هل من جديد؟
حميدي العبدالله
عقد يوم أمس في فيينا الاجتماع الثالث «لمجموعة دعم سورية» ومن غير المعروف لماذا سمّيت بمجموعة «دعم سورية» في حين أنّ غالبية الدول المشاركة في هذه المجموعة منخرطة في الحرب التي شنّت على سورية منذ عام 2011 وحتى الآن، سواء مباشرة عبر أجهزتها الاستخبارية، أو عن طريق الجماعات المسلحة التي حصلت وتحصل على الدعم المالي «والأسلحة الفتاكة» للفتك بالسوريين وبعناصر الجيش وأجهزة الدولة الأخرى.
لكن السؤال المطروح اليوم يتعلق بما ستؤول إليه الأوضاع في ضوء البيان الصادر عن دول المجموعة. فمن المعروف أنّ المجموعة تتوزّع على طرفين، الطرف الأول الذي يدعو إلى حلّ سياسي للأزمة السورية على قاعدة وقف القتال وبدء حوار سوري – سوري، واحترام حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، وهو ما تضمّنته تفاهمات فيينا 1 و 2 وقرارات مجلس الأمن، وتحديداً القرارات 2253 و2254، ولكن في مجموعة دعم سورية لا تزال هناك دول تصرّ على قلب نظام الحكم في سورية عن طريق دعم الإرهاب، تحت شعار لا دور للرئيس الأسد في مستقبل سورية، وسوف تستمرّ الحرب إلى أن يرحل عن الحكم، وإلا لا وجود للحلّ السياسي، ولعلّ هذه المعادلة التي تتبنّاها الولايات المتحدة هي المعادلة التي يعبّر عنها بفجاجة وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير، بقوله المتكرّر «إنّ على الرئيس بشار الأسد أن يرحل سياسياً أو عسكرياً»، أيّ أنّ الجبير كممثل للمملكة السعودية ينصّب نفسه، مثله مثل الرئيس الأميركي والرئيس الفرنسي ورئيس حكومة بريطانيا، بديلاً عن الشعب السوري مخالفين القانون الدولي والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتفاهمات الدولية، بما فيها «جنيف 1»، التي نصّت على احترام إرادة الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه واحترام سيادة سورية وعدم التدخل بشؤونها الداخلية.
هل تنجح المجموعة في إقناع الدول المتعنّتة بتسهيل الوصول إلى حلّ سياسي، وهل تدعم الاستراتيجية القائمة على العزل بين القوى التي سوف تشارك في الحلّ السياسي والقوى الإرهابية، أم استمرار الاستثمار في الإرهاب؟ وبالتالي يكون جلّ ما تمخّض عن اللقاء بيان صحافي لن تكون له أيّ تداعيات على الأوضاع المأساوية التي تعيشها سورية منذ أكثر من خمس سنوات؟
التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري عند زيارته للمملكة العربية السعودية، كشفت النقاب عن جدول أعمال مجموعة دعم سورية، كما أنها حدّدت سقف الطموح لما يمكن أن يسفر عنه الاجتماع. تبعاً لهذه التصريحات فإنّ المداولات والبيان الختامي تمحورا حول مسألتين…
الأولى ضرورة الالتزام باتفاق وقف العمليات. وواضح أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها ليس لديهم خيار آخر بعد أن اختبروا قدرتهم على تغيير المعطيات الميدانية عبر قرارهم خرق الاتفاق على امتداد حوالى أكثر من شهر، وإذا كان من إنجازات على بعض الجبهات، قابله تراجع على جبهات أخرى، الأمر الذي أبقى الوضع الميداني على ما هو عليه وكأنّ القوة الجوّفضائية الروسية لم تسحب في جزئها الأكبر من سورية.
المسألة الثانية، استئناف حوار جنيف بين وفد الجمهورية العربية السورية ووفود المعارضة على النحو الذي حدث في الجولة الأخيرة، ولم ينتج عن «فيينا 3» تفاهمات أعلى من ذلك في ظلّ المعطيات الميدانية القائمة الآن.