«سوريا الديموقراطية» تطلق معركة ريف الرقة بمشاركة أميركية مباشرة
أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس انطلاق عمليات استعادة السيطرة على ريف الرقة الشمالي من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي، بدعم من طائرات التحالف الأميركي.
القيادية في «القوات»، روجدا فلات، قالت في تصريحات إعلامية «نعلن انطلاق حملة تحرير شمال الرقة، بمشاركة لواء تحرير الرقة وبدعم من طائرات التحالف الدولي، نُطلق هذه الحملة بهدف الحد من الهجمات التي يتعرض لها شعبنا في الجزيرة وكري سبي وكوباني، وضمان أمن أبناء شعبنا، ونناشد الجميع لدعم ومساندة هذه الحملة».
من جهة ثانية، أشار مصدر ميداني من قوات «سوريا الديمقراطية»، إلى أن «القوات» بالتعاون مع الوحدات الكردية، ستبدأ التقدم العسكري بمساندة طيران التحالف الدولي لها في قرية الهيشة.
هذا وكان ممثل حزب «الاتحاد الديمقراطي»، إبراهيم إبراهيم، قد أعلن في وقت سابق أنّ القوات الكردية تنوي قريباً بدء هجوماً على مدينة الرقة بالتنسيق مع موسكو وواشنطن، مشيراً إلى أنّ القوات الكردية قد بدأت التقدم نحو الرقة وتقوم بقصف ضواحيها.
وفي السياق، أشارت مصادر متابعة أنّ «قوات سورية الديمقراطية» بدأت بالتقدم من محور بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة بـ65 كيلومترا، بغطاء جوي من التحالف، وبمشاركة مقاتلين أجانب من القوات الأميركية والبريطانية والفرنسية.
الحملة ترافقت مع حركة نزوح كبيرة للمدنيين من الرقة، بعد أن ألقت طائرات التحالف الدولي مناشير دعت السكان المحليين فيها إلى مغادرة المدينة، لأن الحرب ستبدأ على تنظيم «داعش».
العائلات هربت نحو الريف الجنوبي بمحاذاة نهر الفرات لتأمينهم، كما شهدت منطقة تل أبيض وصول عشرات السيارات المحملة بالهاربين من المدينة، عبر طرق ملتوية تاركين منازلهم لبطش الإرهاب.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ موسكو مستعدة لتنسيق الجهود مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ومع الأكراد، من أجل تحرير الرقة من قبضة «داعش».
وقال، تعليقاً على تصريحات قادة حزب «الاتحاد الديمقراطي»، حول الهجوم على الرقة «لا أستطيع تأكيد ما إذا كانت الأنباء حول بدء مثل هذه العمليات صحيحة، إلأ أنني أعلن بكامل المسؤولية أننا مستعدون لمثل هذه التنسيق».
وأكد الوزير الروسي أنّ الرقة هي أحد أهداف التحالف المناهض للإرهاب، شأنها في ذلك شأن الموصل العراقية، قائلاً «نحن على قناعة بأنّه كان من الممكن تحرير هاتين المدينتين بفعالية أكثر وبشكل أسرع في حال بدء عسكريينا تنسيق خطواتهم في مرحلة مبكرة».
لافروف أضاف أنّ هناك فرصة لتحقق مثل هذا التنسيق، مشيراً إلى أنّ الطيران الحربي الروسي يجب أن يعمل بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف لمساعدة من يحارب الإرهابيين على الأرض، وقبل كل شيء الجيش السوري وكذلك مختلف وحدات القوات الكردية، بما في ذلك الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي.
وكشف أن موسكو وواشنطن اتفقتا على الشروع في التنسيق الفعلي لعمليات محاربة الإرهابي في سورية، مضيفاً أنّ عسكريي البلدين يبحثون حالياً المسائل المتعلقة بهذا التنسيق بالتفاصيل، وقال «إننا توصلنا إلى هذا الاتفاق مع الشركاء الأميركيين، ولكن ليس على الفور بل بعد تجاوز شكوكهم وتأملاتهم، وحتى مقاومتهم لفكرة الانتقال من مجرد تبادل المعلومات إلى تنسيق عمليات محاربة الإرهاب».
وذكر الوزير الروسي بأن هناك قنوات اتصال مفتوحة دائما بين القاعدة الروسية في حميميم والعسكريين الأميركيين العاملين في العاصمة الأردنية، كما أنّ هناك قناة اتصال مباشرة بين موسكو وواشنطن، والمركز الروسي الأميركي بجنيف للرد السريع على خروقات وقف إطلاق النار في سورية.
وفي شأن متصل، أكد مجلس الأمن الروسي أنّ العملية الروسية في سورية تجري وفق «خطة عسكرية دقيقة»، مؤكداً أن سورية لن تصبح أبداً «أفغانستان ثانية» بالنسبة لموسكو.
وقال يفغيني لوكيانوف نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي في تصريحات صحفية، على هامش لقاء أمني دولي رفيع المستوى منعقد في غروزني أمس «سبق للبعض أن تنبأ بتحول سورية إلى «أفغانستان ثانية».. لكن ذلك لن يحصل أبدا، بل يدور الحديث عن خطة عسكرية دقيقة ومحدودة».
وتابع لوكيانوف إنّ الهدف الأساسي الذي كانت روسيا تسعى لتحقيقه في سورية كان يكمن في إطلاق حوار سياسي، باعتباره الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة. واستطرد «نحن لسنا سوريين، ولن نحارب من أجل سوريا. ويتعين على السوريين أنّ يحلوا كافة المسائل بأنفسهم. ونحن نساعدهم، ولكن على نطاق محدود، كما ترون».
المسؤول الروسي أكدّ أنّ العمليات العسكرية المشتركة للجيشين السوري والروسي، أدت إلى تصفية 28 ألف مسلح من «داعش» و»النصرة»، من أصل 80 ألف إرهابي، أي 35 من عناصر التنظيمين، لافتاً إلى أن عمليات التحالف الدولي بقيادة أميركا المستمرة منذ عامين أدت إلى تصفية 5 آلاف إرهابي فقط.
جاء ذلك في وقت قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية، إنّ موسكو تتوقع استئناف محادثات جنيف الخاصة بتسوية الأزمة السورية بعد انتهاء شهر رمضان، أي في أوائل شهر تموز المقبل.
الدبلوماسي الروسي أضاف «لم يتم تحديد موعد استئناف المحادثات حتى الآن، ونحن ننتظر معلومات بهذا الشأن من المبعوث الأممي إلى سورية ستافان دي ميستورا».
ولم يستبعد بوغدانوف أن يجري المبعوث الأممي اتصالات بأطراف النزاع السوري قبل حلول رمضان أو خلاله، لكنه استبعد انطلاق الجولة القادمة من المحادثات قبل انتهاء الشهر المبارك.
وتابع أنّ ممثلي الأطراف السورية غير مستعدين حتى الآن لاتصالات مباشرة، على الرغم من أنّ الحوار المباشر وإشراك أكراد سورية، بمن فيهم ممثلو حزب الاتحاد الديمقراطي، في عملية التفاوض، يعد الخيار الأمثل.
الى ذلك، نفت الدفاع الروسية مزاعم تناقلتها وسائل إعلام عن إسقاط مروحيات قتالية روسية في سوريا مؤكدة عدم حصول ذلك أو وقوع أي خسائر في الأرواح بين العسكريين العاملين في قاعدة حميميم.
وقال الناطق باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، إنّ جميع المروحيات القتالية الروسية في سوريا تواصل تنفيذ المهمات المخططة لها، وذلك تعليقاً على ما نشرته بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن شركة «ستراتفور» Stratfor الأميركية المتخصصة بجمع وتحليل المعلومات وتقديم الخدمات الاستشارية.
كوناشينكوف أضاف «جميع المروحيات القتالية الروسية المتواجدة في الجمهورية العربية السورية تواصل تنفيذ المهمات المخططة لها للقضاء على الإرهابيين. ولم يتكبد قوام القاعدة الروسية أية خسائر»، مشيراً إلى أن مصدر هذه الشائعات دعاية «داعشية»، حيثُ كان التنظيم الإرهابي يحاول إطلاق مزاعمه الكاذبة قبل 10 أيام.
وفيما يتعلق بصور قاعدة «t4» الجوية المؤرخة بـ17 أيار الجاري، والتي نشرتها شركة «ستراتفور» لإثبات مزاعمها حول إسقاط أربع مروحيات روسية وتدمير شاحنات خلال القصف الذي شنه «داعش» في 14 أيار، قال كوناشينكوف «أما صور القاعدة السورية فالطائرات والعربات المحروقة والحفرات، التي تشكلت نتيجة انفجار الصواريخ موجودة هناك منذ أشهر. إنها نتيجة القتال العنيف في هذا المطار بين القوات الحكومية السورية ومسلحي التنظيمات الإرهابية».