واشنطن تغيّر قواعد اللعبة في العراق
هدى رزق
تفيد وزارة الخزانة الاميركية بأنها والسعودية تسيران على الموجة نفسه حيال تمويل الارهاب «رسمياً»، لا سيما في ما يتعلق بتنظيم دولة العراق والشام «داعش». لكن المسارب غير الرسمية للتمويل غير مراقبة وأهمها سماح الحكومة السعودية للافراد بتقديم التبرعات «للتنظيم».
واعتبرت الرياض، على الصعيد الرسمي، ان هذه الجماعة منظمة ارهابية تشكل تهديداً مباشراً للامن ضد المملكة، حيث وضعتها في آذار الماضي على لائحة الارهاب، الى جانب «النصرة» المدعومة من تركيا و«الاخوان المسلمين» والحوثيين، واعتبارها اعداءها فكرياً وسياسياً.
ويرسم وضعها الارهابيين مع الحركات السياسية في سلة واحدة وتصنيفها جميعاً بالارهاب، علامات استفهام حول جدية هذا التصنيف ومعنا.
ويعود تمويل «داعش» الى التبرعات الخليجية ضد الحكومة «الشيعية» في العراق، كذلك ضد الرئيس الاسد في سورية. وهدفت من خلاله الى تعزيز المواقع السنّية في سورية عبر تسريب الاموال والرجال.
وتدعي السعودية ان «داعش» يهدد اراضيها اليوم، وتقول إن بعض السعوديين المنضوين تحت سلطة «التنظيم» يخططون لاغتيال شخصيات أمنية ودينية سعودية، وان هناك مؤامرة محلية لضرب مراكز حكومية لذلك قامت بطلب مساعدة من الحكومة المصرية لحماية حدودها مع اليمن حيث تعتبر التهديد الارهابي الأشد ضراوة؟
تتناقض السعودية. فهي تمول الارهاب وتدرب وتدعم «داعش» وتدعي الخوف منها مما يعود بنا الى التساؤل من هم هؤلاء التسعة والخمسون الذين اعتقلتهم؟ ما هي انتماءاتهم؟ «اخوان مسلمون» ام حزب الله السعودي؟ ام هي مؤامرة فعلية؟.
هل تكتفي وزارة الخزانة الاميركية بتقرير من القطاع الحكومي السعودي لمراقبة تمويل الارهاب لتجفيف موارده كما تدعي؟ هي تعلم ان هناك حملات تمويل ترسل من دول الخليج الى الكويت ومنها الى سورية. هي ليست المرة الاولى التي تستعمل فيها السعودية مقاتلين من خارج اراضيها، فهي مولت «القاعدة» في افغانستان ومولت الحرب في الشيشان ونشرت الفكر التكفيري داخل بعض البلدان الآسيوية حيث تقدم المساعدات وتبني المساجد من أجل الانتشار سياسياً ومذهبياً بعلم الاميركيين.
يعود خوف الرياض من ارتداد هذا التنظيم ضدها بعد سماحها لمواطنيها بدعم الارهاب الى الارتباط المتزايد لسعوديين بهذه الجماعات ولا شك بأنهم واطرافاً مانحة من دول الخليج ارسلوا مئات ملايين الدولارات الى سورية في السنوات الاخيرة وقد يزيد نجاح «داعش» الدعم الخاص لمختلف الحركات «السنية».
وانطلاقاً من الدعم اللوجستي والمالي، يملك «داعش» اليوم مصادر دخل مستقلة بعد احتلاله مواقع مهمة في العراق وسورية. لقد تجاوز التنظيم البدايات حيث أمن له الخليج المساعدات فهو انطلق من تهريب النفط والاسلحة والاثار اليوم ويقوم بعمليات السطو وفرض الخوات على المؤسسات. واستقر بعدما وضع يده على البنك المركزي في الموصل في حزيران الماضي. واستولى على معظم الآبار في سورية وعلى اكبر مصفاة للنفط في الموصل واسقط المدن المحيطة بمواقع البترول .
يصل هذا النهب المنظم الى تركيا التي تشتري النفط السوري بأسعار متدنية وتقوم مافيات النفط الرسمية بتكريره وبيعه في السوق بالسعر الرسمي. وسيطرت القوات الكردية على مدينة كركوك ونفطها وشجعت تركيا أربيل على توريد النفط الخام رغم معارضة الحكومة السابقة.
وتعيد القوى المعادية لمحور المقاومة تموضعها منذ حزيران الماضي وفاجأت ايران – فورا بعد تمديد محادثاتها النووية التي لم تتقدم مع الغرب – بالهجوم على الموصل ووضعتها تحت الامر الواقع. ومطالبة المالكي الفائز في الانتخابات بالاستقالة هي رسالة الى انتخابات سورية أيضاً. صحيح انه تم احتجاز القنصل التركي وثمانية واربعين شخصاً، لكن الحكومة التركية صمتت واشتكت الى الاميركيين. ويعتقد الاتراك ان هجوم «داعش» يثبت استقلال الدولة الكردية ويعلن بداية تقسيم العراق .
وسعى الاميركيون الى تغيير قواعد اللعبة من خلال وضع يد «داعش» على الارض والثروة في سورية والعراق.
و يضم «داعش» الجناح العسكري الجديد لـ«القاعدة» في صفوفه مجموعة مساجين سابقين في السعودية وسورية والعراق وغوانتانامو والآتين من الغرب عبر الحدود التركية. وتم تدريبهم في الاردن وتجهيزهم بأحدث الأسلحة وتمويلهم من حلفاء الولايات المتحدة. لكن هذا «التنظيم» لا يملك القرار الفعلي وهو الأداة التي غيرت قواعد اللعبة التي بدأت في عراق 2003 لكنه لن يكون صانع قرارها السياسي.