«المنار»
وانتهت الانتخاباتُ البلديةُ، بإعادةِ بعضِ الاعتبارِ للديمقراطيةِ اللبنانية، وإسقاطِ كلِ الادّعاءاتِ المعطِّلَةِ للحياةِ السياسية.
أكملَ الشَمالُ وعكار ما بدأتهُ باقي المحافظات، وأعادت طرابلس رجعَ صدى بيروت، موضحةً سببَ تعطيلِ البعضِ لقوانينِ النسبيةِ للانتخاباتِ النيابية.
نسبيةً كانت المشارَكةُ بينَ أقضيةِ الشَمال وعكار، من كثافةِ الخمسينَ في المئة في الضنية إلى ضآلةِ العشرينَ في المئة في طرابلس.
فكان أحدَ الشمالِ كبقيةِ الآحاد .. أثبتَ خلالَهُ الناخبونَ انضباطيةً عالية، وتعبيراً راقياً عن الرأي، فيما كانَ إحجامُ الطرابلسيينَ عن التصويتِ تعبيراً مدوّياً.
فالمدينةُ التي حَفَرَ فيها بعضُ سياسيّيها محاورَ القتالِ المسلح بينَ أبنائِها لسنوات، وشرّدوا أهلَها وعمَّقوا جُرحَها، واستنزفوا اقتصادَها، عادوا اليومَ ليقودوا محاورَ سياسيةً وانتخابيةً في محاولةٍ لإثباتِ أحجامِهِم السياسية، فحَجَّمَهُم الطرابلسيونَ على طريقتهِم.
«أن بي أن»
لم تكن نسبة الاقتراع في طرابلس على قدر الحملات الانتخابية، القوى الطرابلسية أعطت المنافسة البلدية بعدها السياسي، إما لقياس حجم التحالف العريض في الفيحاء استعداداً لتحالفات نيابية، وإمّا في معركة وجود خاضها الوزير أشرف ريفي للبقاء على الخريطة السياسية. نسبة الاقتراع التي لم تكن تجاوزت العشرين في المئة، عكّرت مسبقاً أجواء الفائزين المرجحين.
نتائج طرابلس ستحدّد الأحجام، كما هي حال القبيات العكارية وتنورين البترونية وبشري وسير الضنية ورحبة العكارية، هنا انحصرت المنافسة السياسية، فهل يكسر تحالف حبيش الضاهر الزحف العوني القواتي؟ وهل ينتصر الوزير بطرس حرب على التحالف الثنائي المسيحي؟ هل تجهض رحبة الفورة الشيوعية؟ ومن يتقدّم في الضنية؟ فتفت أم جهاد الصمد؟ أسئلة ستحدّد الصناديق أجوبتها في الساعات المقبلة.
بينما كانت التصريحات السياسية تؤشّر إلى حجم التوتر المتصاعد بين المردة والتيار الوطني الحر، لم يشعر الوزير جبران باسيل بوجود منافسة مع المردة، فهم النائب سليمان فرنجية المعنى بقلب الشاعر فردّ أنّ باسيل لا يشعر بوجود عمّه الجنرال، بين التصريح والردّ والتوضيح أزمة التيار تمتد رغم إبعادها عن زغرتا التي اعترف زعيم المردة أنّ للقوات فيها عشرات أضعاف ما للتيار، في هذه الإشارة رسالة أطلقها فرنجية للجزم بأن لا وجود للتيار على الخريطة السياسية الزغرتاوية.
بشري أدارت معركتها البلدية بصمت ومجرياتها باغتت القوات، فشغلت الحكيم ساعات يشرف على ما يجري في بشري، علماً أنّ منافسي اللائحة القواتية هم قواتيو الهوى لكنهم ضدّ نوّاب القضاء وفي مقدّمهم ستريدا جعجع.
«او تي في»
ختامها شمالاً. 261 بلدية، لكن في الخلفية حسابات نيابيّة ووزارية ورئاسيّة، ففي الواجهة صناديق اقتراع للإنماء والبلدات، لكن تحت الطاولة صناديق سوداء لتحديد أحجام مشاريع المرشّحين للّوحات الزرقاء، أو لمقاعد السرايا ولمقعدها الأول تحديداً، أو حتى لمرشحي الرئاسة. أصلاً، لولا هذا الطابع لما كانت لمحطة الشمال نكهتها. ولأنها كذلك، لم تلبث أن خرجت إلى العلن سجالاً نيابياً في تنورين والقبيات، وسجالاً وزارياً بطعم السرايا في طرابلس بين ميقاتي وريفي وصولاً إلى السّجال بالصدى الرئاسي بين جبران باسيل وسليمان فرنجيه، لكن رغم هذه النكهات الشمالية الخاصة والمميزة، يمكن القول إنّ هناك خلاصات مشتركة بين الشمال وباقي المناطق والمراحل السابقة، وأهمها التالي: أولاً، أنّ آلية إجراء الانتخابات عندنا، أي انتخابات كانت، لا تزال متخلّفة قانوناً وإدارة ولوجستيّاً وأمناً وإشرافاً ونتائج وملاحق ثانياً، أنّ هناك أزمة واضحة بين الناس والأحزاب، كل الأحزاب، وأخطر ما في هذه الأزمة عودة بعض الناس إلى أُطُر أشدّ تخلّفاً من الأحزاب المشكو منها، مثل الاستتباع لعائلات أو بيوتات تحميهم في غياب دولة الحق. ثالثاً، أنّ المرأة مهمّشة حتى الانسحاق، والمسؤولية في ذلك مشتركة بينها وبين كل الآخرين. رابعاً، أنّ الناس توّاقون إلى التعبير عن رأيهم، وأنّ الانتخابات النيابيّة يجب أن تحصل سريعاً وقريباً، وأنّ كل ما خالفها منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، ساقط شرعياً وشعبياً. قبل أربعة آحاد كتبنا على شاشة «أو تي في»: البلدية تنتخب، عقبال البلد… اليوم نرفع الصوت: البلديات انتخبت. البلد غداً، وإلّا استمرار الأزمة.
«ال بي سي»
مساء الخير وإلى اللقاء في أيار من عام 2022، هذا بلديّاً واختيارياً، وإذا تحرّك الوحي النيابي فقد يعود الناخبون إلى صناديق الاقتراع بعد سنة من الآن لاختيار مجلس نوّاب من جديد. أمّا مجلس النوّاب الحالي، فقد لا يحظى بشرف انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن العراقيل القائمة بلغت حدّ العقد المستعصية. هذه هي حكاية الأنواع الثلاثة للصناديق في لبنان، البلدية بعد ست سنوات، النيابية بعد سنة، أمّا الرئاسية فالعلم عند الله.
انتهى شهر الانتخابات البلدية والاختيارية التي بقيت حتى اللحظة الأخيرة مدار تجاذب بين أن تجري أو ألّا تجري، لكنّها في نهاية المطاف جرت لتخلط كل الأوراق السياسية والحزبية والعائلية، فالتصدّعات لم يسلم منها أحد، لا مرجع ولا حزب ولا حتى عائلة، أمّا الخلاصة الأبرز في هذه الانتخابات فهي أنّ أحادية المراجع قد سقطت، إمّا لمصلحة الثنائيات، وإمّا لمصلحة تلاقي الخصوم، وإمّا لمصلحة تحالف الضرورة، وإمّا لمصلحة أنّ المصيبة تجمع. والخلاصة الثانية أنّ السياسة تغلب الإنماء وإنْ أوحى الجميع أنّهم إنمائيون، فيما الاصطفافات بيّنت عكس ذلك.
«ام تي في»
إذا كان إجراء الانتخابات بمختلف صورها هدف بذاته مجرّداً من أي موجبات أخلاقية وعملانية يفرضها التفويض الشعبي على المنتخبين، فلا يمكننا والحال هذه سوى تهنئة الشعب اللبناني على تعلّقه بالعملية الانتخابية، والقوى الأمنيّة على قدرتها على حماية الحراك السياسي، والقوى السياسية على التنافس بواسطة صناديق الاقتراع، إلّا أنّ الأمر مختلف تماماً لأنّ الانتخابات وُجدت للتغيير والمحاسبة، والاختيار يجب أن ينطلق من هذه الثابتة، وإلّا فباطلة كل انتخابات.
ممّا تقدّم، فإنّ على اللبنانيين وعلى القوى السياسية المسارعة إلى تصحيح المفاهيم الانتخابية والعودة إلى الروحية التي من أجلها وجدت الانتخابات، كي لا تكون الاستحقاقات مناسبات للتجديد للفساد والفاسدين أو لانتخاب بدلاء منهم من القماشة نفسها. في سياق أكثر بريقاً، فإنّ للاستحقاق البلدي الفضل في نسف دوّامة التجديد والتمديد للمجلس النيابي، والفضل في تحفيز القوى الحيّة على الإسراع في إنهاء مهانة الشغور الرئاسي وتعرية المتسبّبين به.
«الجديد»
أتمّتِ الانتخاباتُ البلدية محافظاتِها من اليمين إلى الشمال، وانتهى أيار البلدي مع آخرِ أحدِ اقتراع. طرابلس سلّمت على نظيرتِها بيروت في التصويتِ المنخفض، حيث لم تتجاوز النسبة العشرين في المئة، أي أنّ السعد لم يحل على كل مدينةٍ وطئها الحريري انتخابياً. فهل كانت تحالفاتُ زعيمِ المستقبل هي المسبّبة لهذا الانخفاض؟ وهل عندما يغيب المال تُحجبُ الأصواتُ المؤيدة؟
ولم يكن المال وحَده خصمَ الحريري في عاصمة الشمال طرابلس، بل انبعث له ماردٌ خرج من ضِلعِه وترعرع في ريفِه السياسي، تمّ حشوُه بقوى الأمن الداخلي برتبةِ مديرٍ عام، ومنها هُرِّبت موازناتُ الأمن إلى قادة المحاور وخاضوا الحربَ من أجله في معركةِ التوزير، وما عُرف حينذاك بأشرف والإشراف .. نُصِّب وزيراً على الحكومة برتبة العدل، ولمّا اشتدّ ساعدُه رماهم.
وأصبح أشرف ريفي خصماً انتخابياً ينافس مُعيليه سياسياً في عُقر ديارهِم. خاض ريفي المعركة متنكّراً بوجه مجتمعٍ مدني، ووجد نفسَه في موقع النصوح للحريري وطالبه بأن يقتدي بمسيرة والده الشهيد رفيق الحريري، لكن وزير العدل المستقيل كان بهذه النصيحة يدفع زعيم المستقبل إلى إعادة ربط المصير بالمسار، فهل اطّلع ريفي على تاريخ الشهيد لعشرين عاماً؟ كان رفيق الحريري طوالَ عهدِه خليل َسورية وحليفَها، وبحسب شهادة مستشاره مصطفى ناصر فإنّ الشهيد لم يكن في أيٍ من مراحلِه على عداءٍ مع سورية، أمّا لناحية تنسيقه مع حزب الله فيتحدّث المطّلعون من دون حرج، حيث كانت لقاءاتِه السيد حسن نصرالله تحكي تاريخاً من العلاقة المتينة والتي فضّل ّ فيها الحريري خيارَ التخلّي عن الحكم قبل أن يتخلّى عن السلاح، وبهذا المعنى يصبح سعد الحريري نقطةً في بحر أبيه، حيث المحاصصات في الزمن القديم لا تُقاس بحسابات هذا الزمن. وضمن تصريحات اليوم أمس الانتخابي الشمالي التي تنعكس وقائُعها على المشهد السياسي، فإن زعيمَ تيار المردة سليمان فرنجية قدّم في صندوقة الاقتراع ليس صوتَه البلدي وحسب، إنّما أهدى صوتَه الرئاسي بكل رُقيٍّ وحضارةٍ ورِفعة عندما أفصح عن اتّصال بينه وبين الرئيس الحريري، ودعاه إلى عدم الشعور بأي حرج إذا ما أراد التصويت للعماد ميشال عون، قائلاً للمرة الثانية في أسبوع أنّه سيتقبّل هذا الخيار وسيصوّت معه لمصلحة الجنرال.
كلام مسؤول على مستوى البلد في يوم ٍ بلدي، لكن التيار قابله بالتركيز على معركة البترون حيث نشر المردة مرشّحيه على طول المدن وعرضِها، ما تسبّب بتراشقٍ في المواقف بين فرنجية وباسيل.
«المستقبل»
انتهى الشهر الانتخابي.. اللبنانيون قالوا كلمتهم.. بيروت وصيدا، واليوم أمس طرابلس، أثبتت أنّها مع الدولة ومع مشروع الرئيس سعد الحريري الجامع والذي يستوعب كلّ المكوّنات اللبنانية، ويحترم المناصفة والعيش المشترك.
الجنوب والبقاع والضاحية قالوا «لا» كبيرة لحزب الله، بنسب مرتفعة بشكل كان مفاجئاً، بين 46 في بعلبك، و36 في الضاحية، و25 في الجنوب.
زحلة وجبل لبنان أثبتت فيها العائلات أنّ كلمتها عالية، وأنّ التحالفات الحزبية لا تقوى على المكوّنات الأهلية والبيوت المحليّة المفتوحة.
الشمال سنسمع كلمته الليلة أمس ، وستكون عالية ومسموعة.
في الخلاصة، أنهى اللبنانيون استحقاقهم البلدي والاختياري، وكلام الرئيس الحريري أمس أول أمس أعاد تصويب البوصلة إلى الاستحقاق الرئاسي، الذي سيكون بنداً أوّلاً على جدول أعمال لبنان واللبنانيين.