أميركا تُكمل حربها على حزب الله

حسين حمود

يُجمع جميع الأقطاب السياسيين من دون استثناء، على ضرورة قراءة نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية ودلالاتها السياسية للبناء عليها في الانتخابات النيابية المزمَع إجراؤها مبدئياً صيف العام المقبل.

ضرورة هذه القراءة مردّها، بحسب الأقطاب، إلى أنّ الجميع تقريباً خسر في مكان ما ولم يُعقد له لواء الانتصارات الكاسحة، وإنْ فاز بعدد كبير من البلديات والمناصب الاختيارية، إذ إنّ معادلة الانتصار تؤخذ بجانبَيْها: الفوز وحجم قوة الخصم الشعبية التي أحرزها في صناديق الاقتراع، وبالتالي حيثيته المؤثرة، إيجاباً أو سلباً، في الانتخابات النيابية.

ويُضاف إلى ذلك تقويم طبيعة التحالفات السياسية والحزبية التي خيضت بها الانتخابات والمكاسب التي حصّلها كلّ فريق من حليفه وبالعكس. وكذلك ما هي القوى العوامل الداخلية التي أدّت دوراً فاعلاً في الترشيح والاقتراع، وأيضاً ما هي القوى الخارجية الإقليمية والدولية التي وضعت يدها على صندوق الاقتراع؟

فكلّ هذه النواحي برزت بشكل سافر في الاستحقاق البلدي خصوصاً على الصعيد المسيحي وعلى ساحة حزب الله – حركة أمل.

فعلى صعيد التحالفات تبيّن بشكل ظاهر على المستوى المسيحي، أنّ تحالف «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» لم يكن له الصدى الواسع على الصعيد الشعبي، في أكثر من مدينة وبلدة، ولا سيما في جبل لبنان، وهذا الواقع كان له مردود إيجابي على «القوات» التي استفادت من التحالف مع التيار البرتقالي ودخلت على صهوته إلى العديد من المجالس البلدية من دون أن يكون لها أيّ تأثير إيجابي عكسي على التيار. فهي أخذت منه ولم تعطه. ولا يتسع المجال هنا لاستعراض المدن والبلدات التي صعدت فيها «القوات» على ظهر التيار إلى البلديات والمخترة.

أما على صعيد حزب الله – حركة أمل فقد كان الأمر معكوساً إذ إنّ الطرفين تساعدا في خوض الانتخابات والفوز بمعظم البلدات التي شكلوا فيها اللوائح البلدية والاختيارية، تحت اسم «الوفاء والتنمية».

لكن وضعهما، لم يكن سهلاً في كلّ المناطق بسبب الدخول الأميركي على خط المواجهة، ولا سيما في البقاع، وتحديداً في بعلبك التي شهدت معركة انتخابية شرسة انتهت بفوز تحالف قوى المقاومة.

فمعلوم أنّ حزب الله خاض الانتخابات البلدية وهو مثقل بالحرب الأميركية – السعودية ضدّه. وقد تعرّض لعقوبات قاسية من الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج بزعامة السعودية ضمن حروبهم ضدّ حزب الله. واستكملت هذه الحرب في الاستحقاق البلدي خصوصاً في بعلبك، حيث تشكلت لائحة منافسة يرأسها أحد أعضاء المجلس الوطني لقوى 14 آذار، استعمله المحور الأميركي الخليجي لمناوأة حزب الله في عقر داره. لكن وبالرغم من أنّ كفة الربح مالت لحزب الله، فإنّ هذا الأمر لا يمكن تجاوزه نظراً إلى حجم الأصوات الكبير الذي استطاع داعمو اللائحة المنافسة توفيره لها، وهذا يعني مدى شراسة معركة أميركا والسعودية ضدّ المقاومة والتي باتت معركة «كسر عظم» أو «ضرباً تحت الحزام».

أما في المناطق الأخرى التي حصل فيها خرق للوائح «الوفاء والتنمية»، فكان سببه بعض الحسابات المحلية الخاطئة، ولا سيما في قضاء بنت جبيل.

وفي الخلاصة، فإنّ المرحلة المقبلة لن تكون سهلة على كلّ الأطراف السياسية والحزبية، كما كانت في السابق، بسبب تغيّر الاصطفافات من جهة، ودخول قوى إقليمية ودولية ساحة الاستحقاقات المحلية بقوة من جهة ثانية، وإنْ كانت هذه القوى تدّعي أنها لا تتدخل في الشؤون اللبنانية المحلية وأنها تترك للبنانيين حرية الاتفاق على طريقة حلّ أزماتهم، فيما الظاهر للعيان أنّ المواجهات آخذةً في التصعيد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى