اليمن: السلام المستحيل

بلال شرارة

حرب اليمن تقترب من نهايتها، إذ إنّ وقفاً حقيقياً لإطلاق النار قد يتحقق قبل هلال شهر رمضان، وكذلك إطلاق سراح أعداد من المعتقلين. ومما لا شك فيه أنّ دولة الكويت تلعب دوراً هاماً كويتياً وعربياً ودولياً تعززه خبرة أمير الكويت الدبلوماسي العريق لصياغة حلّ يمني.

وفي إطار ما هو متوقع، فإن اليمنيين، وعلى خلفية المحادثات الجارية برعاية أممية في الكويت مع الوفود المتقابلة، فإنّ بحثاً حقيقياً يتناول الحكومة الانتقالية شكلاً ومضموناً والانسحاب العسكري من المدن. وقد دخل اليمنيون مرحلة من التشاور بشأن التفاصيل الخاصة بالخلافات، تعززها أرضية مشتركة ستُسهم في التوصل إلى اتفاق شامل، حسب إعلان نائب وزير الخارجية الكويتي، مما يعني بداية تثبيت حسن النيات عبر وقفٍ حقيقي لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، ومن ثم تشكيل لجنة عسكرية أمنية للإشراف على الانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل.

هل يمهّد ذلك لوقف الحرب؟ برأي الخبراء فإنه لم يعد هناك من مصلحة للجوار العربي الخليجي، خصوصاً السعودي باستمرارها، وهي قد طالت أكثر من اللازم دون نتيجة ودون إنجاز حاسم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجوار الإيراني المسلم، إذ إنّ تلك الحرب تمثل سبباً مانعاً إضافة إلى المسألة السورية أمام بناء الثقة في علاقات الجوار. وإيران تحتاج بعد توقيع الاتفاق النووي إلى كسب الوقت وترميم اقتصادياتها وفتح أسواقها أمام قوة إنتاجها، وهي إيران أيضاً لا تريد الاستمرار في عملية استهلاك مواردها، كما الجوار، على الحروب المفتوحة التي قد تكون من أسباب الفتنة ومن أسباب جعل إيران الفارسية العدو المركزي للعرب بدلاً من «إسرائيل»، في وقت تنخرط فيه إيران في دعم قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية للعدوانية كما الاحتلال «الإسرائيلي». وتلك الحرب لم تعد ضاغطة ومكلفة فقط لخصومها، إذ بات استمرارها منهكاً ومكلفاً للجميع، خصوصاً أنها تستمرّ من دون أن تتمكن الأطراف المعنية من رسم خريطة لانتصار حربي ناجز، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأطراف اليمنية والأمر نفسه ينسحب على القوى الدولية التي تمثل حرب اليمن بالنسبة إليها كما في محاولة تحويل اليمن إلى قاعدة ارتكاز جغرافية في الجزيرة العربية تهديداً لمصادر الطاقة وطرق الإمداد بها ، وحرب اليمن بالنسبة لأطرافها المحلية تحوّلت حرب استنزاف من دون طائل تؤدّي إلى المزيد من الموت والدمار لبلد تحوّل فيه كلّ شيء يتحرك هدفاً، كما دُمّرت مدنه وقصباته. وهي الحرب التي قسمت المقسّم إذ تقوت النزعة الانقسامية في الجنوب، بل بات كلّ شيء قابلاً للقسمة على اثنين حتى الإنسان.

اليمن بين الطموحات الحوثية وعاصفة الحزم و شرعية عبد الهادي منصور أصبحت أمام حتمية بناء سلامها، ومما يُلاحظ أنّ الرعاية الكويتية لاجتماعات المكوّنات اليمنية أنها بدأت تحقق نتائج بالترافق مع تحرك أميركي – بريطاني – سعودي واتصالات كويتية إيرانية لإنهاء الحرب قبل رمضان !

سبحان الله! ستنتهي الحرب وكأن شيئاً لم يكن، وستكمن مشكلات اليمن إلى أنّ تستدعي الحاجة فبين الأطراف اليمنية ما صنع الحداد وقد استمرّ تفرّق أيدي سبأ ليطال أنحاء اليمن والوطن العربي كافة، وهو اتخذ أشكالاً قطرية وكيانية بفعل سايكس بيكو، وهو ينتظر ما ستكون عليه حاله بفعل خريطة تقسيم المقسّم التي سيوقعها كيري لافروف، والتي بموجبها سيكون على بلديهما وأحلافهما إنشاء مخافر حماية للتشكلات الفديرالية الطائفية والمذهبية والعرقية المقبلة، والتي قد تسحب نفسها على اليمن ليس على حدود الشمال والجنوب، فحسب وإنما على حدود الإقليم !

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى