صباحات
من حيث لا تدرون، ستعرفون تدرّج مكانات الناس في قلوبكم وعقولكم عندما تلامسون شعاع الضوء الأول، وتشعرون بدغدغة ابتسامة أو بمسحة كآبة، وتتساءلون: هل هي فرح أم قلق إزاء حدث منتظر؟ فإن كان يخصّكم فأنتم في حال اعتدال أو حياد أو فراغ في الحبّ، وإن كان يرتبط بشخص آخر يتبدّل فأنتم اجتماعيون بمقدار متواضع، وباعتدال. لكنكم أنانيون بدرجة تفوّق الوسط وتقيسون من نقطة انطلاق هي أنتم. وإن كان الشخص نفسه مصدر ابتسامة الفرح ومسحة القلق، فأنتم واقعون في الحبّ لا محالة.
إن تواعدت وردة ونحلة على اللقاء أو فراشة وقبس ضوء على الرقص، فإن سعي النحلة والفراشة لا يعني منسوب شوق أعلى، بل تقدير ظروف الآخر. فتطلّعوا بعيون نحلة وفراشة نحو من تحبّون، تقصر المسافات في عيونكم.
بماذ يقع الشبه بين الذين قالوا إن روسيا تبيع وتشتري ولن تستعمل الفيتو لحساب سورية، وعندما فعلت قالوا لن تقف كما وقف الأعداء، وعندما فعلت انتظروا الهدنة ليقولوا: أرأيتم؟ لقد باعونا. وعندما بدأ الحدث عن نهاية المهلة لعودة السوخوي قالوا: أين إيران؟ ولما رأوها أمامهم قالوا: قتلنا الدولار. وبين الذين قالوا أين التدخل لحماية الليرة السورية أمام الدولار، وعندما حدث قالوا: لعبة تجار ومكيدة خلف الباب. وبين الذين يقولون نريد حسماً لا يتوقف وعندما يبدأ يقولون: تعبنا ونريد أن نرتاح، وعندما يبدأ التفاوض يقولون: هذا تفريط بالشهداء. وبين من قال لهم الإمام علي في خطبة الجهاد: «إن جئتكم في الصيف قلتم مهلاً يبرد عنا هذا الحرّ، وإن دعوتكم لقتالهم في الشتاء قلتم مهلاً يذهب عنّا هذا القر؟».
الياسمين يصير فوّاحاً إذا ترطّب بالندى، ويذبل إذا بقي تحت الشمس ينتظر. فلا تبخلوا بالابتسامة. إنها نقطة البداية في كلّ عطر وطيب، والإشراقة التي لا يبدأ من دونها صباح.
تراقب العيون منذ الطفولة ما يقوم به الكبار. وعندما نكبر نفعل ما اعتدنا أن نراه فعلاً يحقّق الفرح كي نفرح من دون أن نسأل أنفسنا: هل فعلاً هذا باب فرح؟ وعندما نكتشف باباً آخر نقول: ماذا سيقول عنّا الناس؟ وهكذا كي ننجح وهكذا كي نسعد، فنكتشف متأخرين أننا فعلنا كلّ ما نظن أنه سيجعل الناس سيقولون إننا فرحون وناجحون وسعداء، والناس يلوكون بألسنتهم ولا يأبهون. ويمضي العمر بلا الفرح الذي أحببنا وتهرّبنا والنجاح الذي عرفنا وتجاهلنا، والسعادة التي دنت وعنها أحجمنا. ونمضي والناس لا يأبهون. من قال إنّ المألوف هو الصحيح؟
عندما تفتقد الجيوش لقادة أشداء يأخذونها إلى الحرب وينتصرون، تأتي بأصحاب الأصوات العالية ليؤنسوا وحشتها خوفاً من هزيمة. هذا حال ليبرمان وزيراً للحرب في حكومة نتنياهو.
يحسّ الطالب المجتهد بالنشاط صبيحة الامتحان وقد سهر الليل بطوله. ويحسّ الطالب المهمل بالتعب وقد نام الليل كلّه. فلا تصدقوا دائماً إحسساكم بالنشاط والتعب، واختبروا علاقته بما ينتظركم في نهاراتكم ومقدار استعدادكم لملاقاته، سواء لجهة حجم ما يمثّل من تحدّ بالنجاح والفشل أو نوع ما يجلب من فرح أو قلق أو ملل.