صدمة النكسة.. نكسة الإرادة!!

نظام مارديني

تمر الذكرى التاسعة والأربعون لما سُميّ «بنكسة» حزيران، وقد جاء هذا المصطلح كبديل عن تعبير «الهزيمة» واستمرار لنهج المحافظة على كرامة مهدورة، لكن التخفيف من وقع الهزيمة لم يوقف وصولها إلى الناس في كل مدينة وقرية وفي كل بيت، ما يُعيد من جديد طرح أسئلة مفصلية بكيفية التعامل مع صدمة الـ 1967 التي لا تزال تعتبرها الأجيال كارثة لا يمكن أن يأتي أسوأ منها بعد نكبة 1948 والاحتلال اليهودي لفلسطين.

لقد أحدثت هذه النكسة ـ الهزيمة زلزالاً في سورية الطبيعية برمَّتها، وتجاوزت تردداتها إلى كامل العالم العربي، وها نحن نعيش تداعيات هذه النكبة ـ النكسة ـ الهزيمة، ولكن منذ تفجير الحرب الداخلية في لبنان التي استتبعها اجتياح لبنان من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وبالتعاون مع قوى محلية، وردّ المقاومة على هذا الاحتلال وأدواته، وثم جاء الاحتلال الأميركي للعراق، وتفجير الحرب الكونية على سورية تحت لافتة «الربيع العربي» التي أطلقتها كذبة أصابع أطفال درعا، التي فتحت بوابة التعامل بين «معارضات سورية» والكيان الصهيوني.

لنتذكر أن من جنوب سورية، وحيث اللعبة القذرة عربياً وأميركياً، تتشكل الخارطة اليهودية العتيدة للشام والعراق والأردن ولبنان وفلسطين… بعض العرب يتواطأ مع هذه الخارطة الجهنمية إلى حد الاستعداد للمساعدة في غزو الشام لإسقاط النظام، بعدما شاركوا بغزو العراق ليس فقط من اجل استكمال الوعد «الإلهي» المزعوم «من الفرات إلى النيل» بل وأيضاً للثأر من نبوخذ نصر الذي دمر الهيكل الأول.

بهذه النتائج جاءت تداعيات حزيران بعدد كبير من الحروب والمجازر لتطويع سورية الطبيعية من أجل تمرير المشروع اليهودي، وتوزّعَ خطاب مثقفي مجتمعنا ما بين تيار واقعي غضّ النظر عما يحدث، وآخر مقاوم التزم بالثوابت الأولى التي تنادي بفلسطين كاملة وتحفز الأمة نحو روح المقاومة والتصدّي للمشروع الصهيوني وتداعياته التفتيتية لنسيجنا، ولكن في الغالب ظل المثقفون مخلصين لفكرة المقاومة.

ولا يمكن وضع حد لتأثير 5 حزيران 1967 في الوجدانين السوري والعربي، لأن الهموم لا تزال حتى اليوم تدور في إطار إزالة آثار العدوان، ونتج عن طول المدة الزمنية الـ 49 عاماً حتى الآن مزيد من الصفعات المُكهربة دون أي حراسة، إلا من تلك الحراسة العروبية الوهمية التي قسمتنا سرياناً وأكراداً وعرباً، محمديين ومسيحيين، سنة وشيعة. ولعلنا هنا نتذكر دعوة زئيف جابوتنسكي منذ نحو قرن من الزمان، وكما حلم بعده، هنري كيسنجر ومعه دنيس روس، أن تكون دولنا مضارب للقبائل وللطوائف، والآن مذاهب وأعراقاً.

«ليست المسألة النصر العسكري، أو الهزيمة العسكرية.. المسألة هي إرادة الأمة وتقديرها للبطل حين تجد نفسها فيه..»، كما يقول الأديب الفرنسي أدريه مالرو.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى