لافروف يُنهي المهل ومع الجيش السوري في حلب… ووحداته تقترب من الطبقة بري وجنبلاط يسعيان لتأمين هبوط آمن للحريري في مدارج التفاهم مع حزب الله

كتب المحرّر السياسي

وجّهت القيادة السورية رسالة قوية بافتتاح أعمال مجلس الشعب الجديد المنتخَب، بانتخاب أول سيدة لرئاسته، حيث فازت الدكتورة هدية خلف عباس برئاسة المجلس بالتزكية، فيما بدا واضحاً أنه إعلان تمسك بمفهوم الدولة المدنية التي تحتلّ المرأة فيها مكانة لا تختلف عن الرجل، ويأتي انتخاب الدكتورة هدية بمثابة هدية للمناطق الشرقية في سورية تعبيراً عن الالتزام بالوحدة الترابية للأراضي السورية، والرئيسة الجديدة للمجلس تنتمي لمنطقة دير الزور التي يخوض الجيش السوري فيها يومياً معارك ضارية بوجه داعش.

في الميدان، كان الجيش السوري يحقق تقدماً نوعياً في محاور هجومه نحو مدينة الطبقة باقترابه من طريق حلب الرقة، وبلوغه مسافة كيلومترات من مطار الطبقة العسكري بعدما تمكّن من قطع قرابة الخمسين كليومتراً في عمق محافظة الرقة منذ بدء الهجوم، بينما شهدت محاور حلب وأريافها اشتعالاً شاملاً، يؤكد ما تحدثت عنه التقارير العسكرية من توقعات حول رمضان حار، خصوصاً مع الإعلان الروسي القاطع عن نهاية المهل الممنوحة للجماعات المسلحة لفك التشابك بينها وبين جبهة النصرة، وتصريح وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن وقوف روسيا بكل إمكاناتها إلى جانب الجيش السوري في معارك حلب وأريافها، مشيراً إلى خطة تركية تستهدف إسقاطها بيد جبهة النصرة بعدما قدمت لها الكثير من المستلزمات والتسهيلات.

لبنانياً، لا زال مستقبل «المستقبل» على المشرحة السياسية، وسط التكهنات حول كيفية تصرف الرئيس سعد الحريري أمام تشظي تياره السياسي رغم مكابرة رموزه السياسية، فوفقاً لمصادر متابعة لوضع الزعامة الحريرية، أن ما يملك الحريري التصرف به اليوم قد لا يملك التصرف به غداً، وهو الإمرة لكتلته النيابية لاستخدام تصويتها في استحقاقات هامة كرئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات النيابية، وهي كتلة لن ينجح باستعادتها في أي انتخابات مقبلة، وفقاً لأي قانون، ولن تضمن له أي انتخابات منصب رئاسة الحكومة وحصانتها وزعامتها، ما لم تنجده تحالفات الخصوم، خصوصاً حزب الله.

على هذا الخط يبدو تحرّك مشترك للكل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لاحتضان الحريري، وتأمين هبوط آمن لطائرته في مدارج حزب الله السياسية، وبدء حوار جدي حول الخيارات الرئاسية والنيابية قانوناً وتحالفات، وفقاً لمبادرة الرئيس بري تحت عنوان السلة المتكاملة.

بري: أنا مع الحريري

انشغل الوسط السياسي بالمواقف التي أطلقها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط يوم أول أمس، لا سيما موقفه من الاستحقاق الرئاسي والرسائل التي بعث بها إلى الرئيس سعد الحريري. ونقلت مصادر عين التينة عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قوله إنه مع الحريري ظالماً كان أم مظلوماً، ولم تستبعد المصادر أن يلتقيا إذا كان هناك من ضرورة.

وأشارت مصادر في تيار المستقبل لـ «البناء» إلى أن «الحريري سيطلّ خلال هذا الأسبوع في إفطار رمضاني وسيجري جولة أفق سياسية في الملفات المطروحة لا سيما الاستحقاق الرئاسي والانتخابات البلدية ونتائجها».

وحول كلام جنبلاط الأخير لفتت المصادر إلى أن «مواقف جنبلاط جاءت على طريقته المعتادة في توجيه الرسائل»، موضحة أن «جنبلاط يسعى خلال هذه المرحلة للعمل مع حزب الله والمستقبل على تهدئة الوضع الداخلي وكلامه للحريري يأتي في إطار تبريد الأجواء وتخفيف الاحتقان بين الطرفين والابتعاد عن التطرّف»، مضيفة: «جنبلاط أيضاً أسدى نصائح للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن يساهم في هذه التهدئة وتخفيف اللهجة الهجومية ضد الخليج ولا سيما ضد السعودية».

الحجار لـ «البناء»: مستمرّون بترشيح فرنجية

ونفى عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار أن يكون تيار المستقبل يعاني من انقسامات داخلية، وأوضح لـ «البناء» أن «الأوضاع الصعبة التي يمر بها المستقبل على صعد عدة أوحت للآخرين بأن هناك انقسامات وتشنجات داخل التيار، لكن ذلك لا يعبر عن حقيقة الواقع»، مشيراً إلى أن «التيار يجري الآن تقييماً داخلياً سيتوّج بمؤتمر عام للمستقبل قريباً».

وأكد الحجار أن «المستقبل لن يتراجع عن مبادرة ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، بل هي مستمرة ولم يتغير شيء، ومن يقول إن هناك تغيرات فليؤمن الأكثرية والنصاب لمرشحه الرئاسي في المجلس النيابي».

جنبلاط لم يعُد «بيضة القبان»

وقالت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» إن «جنبلاط يدرك أنه لم يعُد يملك التأثير الذي كان يملكه في مراحل سابقة على الساحة الداخلية، ولم يعُد يمثل بيضة القبان في المجلس النيابي لجهة انتخاب رئيس للجمهورية بل هناك أصحاب دول إقليمية كبرى بات هي صاحبة القرار في ملفات المنطقة، والصغار لا محل لهم في المعادلة».

وأشارت إلى أن «جنبلاط يطلق تصريحات نارية وجذابة للفت الأنظار إليه، ووصف رقصة التانغو التي أطلقها على المشنوق تنطبق عليه، فهو يقدم نفسه للآخرين ويوجه رسائل إليهم». وأضافت: «إذا كان جنبلاط جاداً بتأييده لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون فلينزل هو وكتلته إلى المجلس النيابي لتأمين الأغلبية لانتخاب عون رئيساً للجمهورية في ظل إعلان 14 آذار عدم مقاطعة أي جلسة».

وأوضحت المصادر أن «جنبلاط قرأ نتائج انتخابات طرابلس جيداً، حيث اجتاح التطرف مجلسها البلدي ما دفعه لتحذير الحريري بعدم لعب لعبة وزير العدل أشرف ريفي وإلا يصبح ريفي آخر، وحذره من أن الهجوم على حزب الله والشيعة سيؤدي إلى فتنة داخلية». وشددت على أن «ريفي ليس سوى رئيس بلدية ولا يملك مؤهلات ولا إمكانات التمدد الوطني رغم الدعم السعودي له».

وقالت مصادر أخرى لـ «البناء» إن «كل التصريحات التي يطلقها المسؤولون في تيار المستقبل هي مجرد قنابل دخانية، إذ لا مشروع داخلي للسنة في لبنان بل الوضع ممسوك من السعودية فلا الحريري ولا ريفي ولا المشنوق يخرجون من العباءة السعودية، والمشروع المرسوم سعودياً على مستوى لبنان أو المنطقة».

نقاش اللجان لا يبعث على التفاؤل

على صعيد آخر، تعقد اللجان النيابية المشتركة اليوم جلسة لاستكمال البحث في قانون الانتخاب المختلط بالصيغتين الأولى التي قدّمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والثانية الصيغة الثلاثية المستقبل الاشتراكي – القوات .

ونقلت مصادر عين التينة لـ «البناء» أن «الأجواء ليست إيجابية والأمور لا تزال تراوح مكانها والنقاشات لا تبعث على التفاؤل لا سيما أن المستقبل متمسّك بموقفه الرافض للنسبية، ولن يقبل إلا بالقانون المختلط بالصيغة التي قدّمها مع الاشتراكي والقوات».

.. والمختلط الخيار الوحيد

ورجّحت مصادر نيابية مشاركة في الجلسات لـ «البناء» أن يقرّ قانون الرئيس بري بسبب الإحراج الذي أصاب جميع الأطراف من إجراء الانتخابات النيابية المقبلة على قانون الستين لكن لن يُقرّ في وقت قريب»، وشدّدت على أن الخيار بات اليوم بين قانون بري المختلط وبين الستين لكن إجراء الانتخابات أمر محسوم»، لافتة إلى أن «المشروع الحكومي لا حظوظ له بسبب رفض تيار المستقبل كل القوانين التي تستند إلى النسبية».

وتوقّعت المصادر أن تكون «المماطلة في إقرار قانون انتخاب سيدة الموقف في الجلسات التي ستطول وستتحول من جلسة أو جلستين أسبوعياً إلى جلسة كل أسبوعين أو ثلاثة إلى أن يتم التوافق على القانون المختلط قبل الانتخابات بأشهر قليلة وإما العودة إلى الستين».

القضاء وعد اللجنة بتقرير وافٍ

على صعيد الإنترنت غير الشرعي لن تعقد جلسة الإعلام والاتصالات اليوم جلسة على أن تجتمع الثلاثاء المقبل بعد أن طلب القضاء مهلة ليستكمل تحقيقاته وليجيب على طلبات واستيضاحات النواب.

وعلمت «البناء» من مصادر اللجنة أن «القضاء وعد اللجنة بأن يقدّم في الجلسة المقبلة تقريراً كافياً ووافياً وتفسيرات عن كل طلبات النواب»، وأوضحت أن «مدّعي عام التمييز المالي القاضي علي إبراهيم طالب وزارة الداخلية ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص برفع الحصانة وتقديم بعض ضباط وعناصر قوى الأمن للتحقيق في قضية التقصير عن إغفالهم عن تركيب محطات الإنترنت غير الشرعية والتواطؤ بإدخال التجهيزات والمعدّات عبر الحدود لكن لم يتلقّ أجوبة حتى الآن»، وأشارت المصادر إلى أن «المشكلة هي بين المدّعي العام المالي وبين الداخلية اللواء بصبوص وليس مع رئيس اللجنة، خصوصاً أن كلام بصبوص فُهم وكأنه ردّ على رئيس اللجنة»، وفسّرت المصادر «تمنّع وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن عن تقديم العناصر والضباط إلى القضاء العسكري والتمييزي بسبب رغبتها في إجراء تحقيقات داخلية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى