الأسد : حلب مقبرة أردوغان ومفاوضو جنيف ممسحة لأسيادهم أثبتنا القدرة على حماية الليرة وسنحمي المواطن من الفساد
أكّد الرئيس السوري بشار الأسد «أنّ الشعب السوري، فاجأ العالم مرة أخرى بمشاركته غير المسبوقة في انتخابات مجلس الشعب، واختيار ممثليه لتكون رسالة واضحة للعالم بأنه كلما ازدادت الضغوط تمسُّك الشعب بسيادته أكثر».
وقال الأسد في كلمة أمام مجلس الشعب بمناسبة الدور التشريعي الثاني: «إنّ حربنا ضد الإرهاب مستمرة ليس لأننا نهوى الحروب فهم من فرض الحرب علينا، لكنّ سفك الدماء لن ينتهي حتى نقتلع الإرهاب من جذوره أينما وجد ومهما ألبس من أقنعة، وكما حرّرنا تدمر وقبلها كثير من المناطق سنحرّر كلّ شبر من سورية من أيديهم فلا خيار أمامنا سوى الانتصار وإلا فلن تبقى سورية ولن يكون لأبنائنا حاضر ولا مستقبل».
وشدّد على «أنّ أي عملية سياسية لا تبدأ وتستمر وتتوازى وتنتهي بالقضاء على الإرهاب لا معنى لها ولا نتائج مرجوة منها».
وأكّد «أنّ المبادئ ضرورية في أي مفاوضات وفي أي محادثات بين أي أطراف وأي دول، لأنّ هذه المفاوضات دائماً بحاجة إلى مرجعية. هم يقولون إنّ هناك مرجعية هي القرار 2254 كما كان هناك في عملية السلام القرار 242. ولكن، خاصة في هذا القرار عندما تكون القرارات هي تسوية بين الدول الكبرى، كل دولة تريد أن تضع المصطلح الذي يناسبها فننظر إلى هذه القرارات نجدها متناقضة مع نفسها. لو عدنا إلى بيان جنيف عام 2012 نرى أنّ هناك سيادة سورية وهناك بنفس الوقت هيئة انتقالية، فإذا كنا نقول «سيادة سورية» فكيف يحددون نيابة عن الشعب السوري ما هي البنية التي يريدها، فإذا ذكرت السيادة تنتفي البنية. وإذا وضعت هذه البنية التي تسميها حكومة انتقالية أو هيئة انتقالية يعني نفيت السيادة هذا من جانب ومن جانب آخر دائماً نرى مصطلحات مطاطة ليس لها تفسير».
وتابع الرئيس الأسد: «طبعاً عندما فشلوا في الوصول إلى ما يريدون في المرة الأولى كانت الرغبة في الانسحاب وتحميل سورية المسؤولية ولكن لم يتمكنوا، في المرة الأخيرة كان ردهم هو إعلان علني بدعم الإرهاب وإيقاف الهدنة والانسحاب منها، أو ما سمي وقف الأعمال القتالية. وهذا ما شهدناه جميعاً في حلب من قذائف وحشية واستهداف للمشافي والمدنيين والأطفال، ورغم أنّ معظم المحافظات والقرى والبلدات السورية عانت وتعاني من الإرهاب، وقاومت وما زالت إلا أنّ النظام الأردوغان الفاشي كان يركز دائماً على حلب، لأنها بالنسبة له الأمل الأخير لمشروعه الأخونجي بعد أن فشل في سورية، وبعد أن فضحت حقيقتُه المجرمة والمتطرفة في العالم ولأن أبناءها رفضوا أن يكونوا مطية وأداة في يد الغريب، فقاوموا وصمدوا وبقوا في حلب يدافعون عنها وعن الوطن. وحلب ستكون هي المقبرة التي ستدفن فيها آمال وأحلام هذا السفاح بإذن الله… الفتنة في سورية ليست نائمة بل ميتة والتفجيرات الإرهابية لم تفرق بين السوريين، السوريون أخوة بالحياة والاستشهاد ولا فرق بينهم».
وذكّر الرئيس السوري «بأنّ السعودي أعلن علناً دعمه للإرهاب في أكثر من مرة، والتركي الذي يقوم أيضاً علناً بإدخال الإرهابيين عبّر حدوده إلى المناطق الشمالية، وغض الأميركي الطرف عما يقوم به أردوغان الذي كما قلنا افتضح في الخارج، وأصبح منبوذاً في الداخل ومكشوفاً لدى مواطنيه فكان لا بد له من إثارة الشغب والفوضى فقط، كي يبقي لنفسه أوراقاً فأرسل قواته إلى العراق وابتز الأوروبيين بموضوع اللاجئين، وقام بدعم الإرهابيين ودفع الآلاف منهم إلى حلب مؤخراً. عملياً أردوغان لم يبق له من دور سوى دور البلطجي السياسي أو باللغة الفصحى، الأزعر السياسي. لذلك أقول إن تمّ تطبيق الهدنة أو وقف الأعمال القتالية بشكل جيد ففيها إيجابيات. المشكلة لا تكمّن فيها، المشكلة تكمّن في أنّ الصراع في سورية جزء كبير منه كما تعلمون هو صراع خارجي دولي وإقليمي».
وسأل: «ماذا يعني «حكم ذو مصداقية» بالنسبة للإرهابي، إذا أتى «داعش» و»النصرة» والمجموعات الإرهابية الأخرى الموجودة الآن في المناطق المختلفة وحكمت في سورية فهذا «حكم ذو مصداقية» بالنسبة لهم؟ إذا أتينا إلى الخونة الموجودين في الخارج والذين تحولوا إلى مجرد ممسحة لأسيادهم أو لأقدام أسيادهم ووضعوا حكماً يشبههم يحول سورية أو الدولة السورية إلى دولة مرتهنة تعمل على تحويل الشعب السوري كما هو وضعهم الآن.. فهذا أيضاً بالنسبة لهم هو «حكم ذو مصداقية». وأضاف: «بالطبع عندما نذهب إلى المفاوضات لن نوافق على أيّ شيء من هذا القبيل لذلك وضعنا ورقة مبادئ، هذه المبادئ عندما تُوضع تمنع أي طرف من أن يطرح ما يريد، هناك إطار يحدد ما هو أقصى اليمين وما هو أقصى اليسار، ما هو السقف الأعلى والسقف الأدنى، أي طرح خارج هذه المبادئ يُعتبر عرقلة وعدم جديّة في العمل».
وقال: «هم إذاً لم يكتفوا بإرهاب المتفجرات والقذائف بل دعموه بالإرهاب الاقتصادي، عبر العقوبات على سورية وعبر الضغط على الليرة السورية بهدف انهيار الاقتصاد وتركيع الشعب، ورغم كلّ القفزات المؤلمة التي حصلت ما زال اقتصادنا يقاوم وأثبتت الإجراءات النقدية مؤخراً إمكانية مواجهة تلك الضغوط والتقليل من أضرارها، والقدرة على إعادة الاستقرار لليرة. وأنا متأكد أنّ هذا الموضوع سيكون من أولى أولويات عملكم في المجلس، كما سيكون حتماً الموضوع الأهم للحكومة التي ستشكل الآن بعد هذا المجلس الجديد بحسب الدستور. بالنسبة لليرة وكما تعلمون هي تخضع لعدة عوامل العامل الخارجي من خلال الحصار النقدي، والحصار الجغرافي بالنسبة للتصدير، وتخضع للوضع الداخلي من خلال تأثيرات الإرهاب عليها سواء ضرب البنية التحتية أو قطع الطرق بين المدن أو ضرب المنشآت الاقتصادية أو إخافة رؤوس الأموال، تخضع للإجراءات الحكومية من جانب وتخضع لرد فعل الناس. طبعاً ردّ فعل الناس هو نتيجة وليس سبباً ولكن يكون من خلال الهجمة على شراء الدولار أو أي عملة أخرى بدل الليرة السورية وبالتالي ما يوفره من شراء الدولار يخسره من خلال ارتفاع الأسعار».
ورأى أنّ الإجراءات الأخيرة «أثبتت قدرة الدولة على التعامل مع هذا الموضوع، ولكنّ التعامل مع الليرة هو تعامل قصير الأمد. التعامل الطويل الأمد هو من خلال الاقتصاد الذي تأثر بشكل أو بآخر ولكن في بدايات الأزمة هناك من أوقف المشاريع الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة، على اعتبار أنّ هذه الأزمة ستستمر بضعة أشهر.. وبعد بضعة أشهر تعود الأمور إلى طبيعتها. لم يحصل هذا الشيء، وتابع قسم من السوريين الذين يعملون في مجال الاستثمار على اختلاف مستوياتهم تابعوا إنجاز مشاريعه».
وشدّد على «أنّ المطلوب منا الآن لاستمرارية دعم الليرة والوضع الاقتصادي وكلاهما متشابك ومترابط هو أن يقوم أصحاب الاستثمارات بكل مستوياتها الصغيرة ولو كان محلاً بسيطاً والمتوسطة والكبرى بإنجاز المشاريع، والمطلوب من الحكومة بالإضافة للإجراءات النقدية هو أن تبحث القوانين والإجراءات، التي يمكن أن تُسّرع دورة الاقتصاد لأنّ مشكلة الليرة بالدرجة الأولى هي ضعف الاقتصاد».
وإذ رأى «أنّ إرهاب الاقتصاد وإرهاب المفخخات والمجازر والقذائف واحد»، أكد «أنّ حربنا ضد الإرهاب مستمرة ليس لأننا نهوى الحروب فهم من فرض الحرب علينا، لكن سفك الدماء لن ينتهي حتى نقتلع الإرهاب من جذوره أينما وجد ومهما ألبس من أقنعة، وكما حرّرنا تدمر وقبلها كثير من المناطق سنحرر كلّ شبر من سورية من أيديهم فلا خيار أمامنا سوى الانتصار وإلا فلن تبقى سورية ولن يكون لأبنائنا حاضر ولا مستقبل.
وكرّر الرئيس السوري دعوته «كلّ من حمل السلاح لأي سبب من الأسباب أن ينضم لمسيرة المصالحات، التي انطلقت منذ سنوات وتسارعت في الآونة الأخيرة. فالسير في طريق الإرهاب لن يؤدي إلا إلى خراب الوطن وخسارة كلّ السوريين دون استثناء فعودوا إلى رشدكم إلى وطنكم، فالدولة بمؤسساتها هي الأم لكل أبنائها السوريين عندما يقررون العودة إليها. نعدكم بأنّ هذه الدماء لن تذهب هدراً وأن النصر قادم لامحالة بكم وبأبطال الجيش وبكلّ سوري أبى إلا أن يدافع عن أرضه وعرضه أينما كان».
وأكد «أننا لن ننسى ما قدمته المقاومة الوطنية اللبنانية لسورية في مكافحة الإرهاب فامتزجت دماء أبطالها بدماء أبطال الجيش العربي السوري والقوات الرديفة فتحية لهم لبطولاتهم، لوفائهم».