أميركا تهدّد روسيا… أضغاث أحلام!
ما زالت الولايات المتحدة الأميركية تحاول اجتراح الأساليب كافة كي تعود متحكّمة بالقرار العالمي وحيدةً، بعدما سلبتها روسيا هذه الهيمنة، عبر فرض نفسها وفرض غيرها من القوى العالمية على أرض الواقع كشركاء أساسيين في صوغ هذا «القرار العالمي».
لم يعد العالم مسرحاً لواشنطن تتحكم به كما تشاء، ولذلك هي تحاول كلّ مرة «زكزكة» روسيا، إن عبر أحداث الشرق الأوسط، أو عبر الزيارات الغزيرة إلى شرق آسيا، أو عبر تأليب الأوروبيين ضدّ موسكو.
إلا أنّ تهديد واشنطن لموسكو، يعدّ تطوّراً لافتاً، وقفت عنده صحف عدّة لا سيما الروسية. وفي هذا الصدد، حاولت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية تسليط الضوء على الرابط ما بين «توجيه ضربة خاطفة وشاملة» لروسيا، وتعزيز عديد قوات الأطلسي على تخومها. وذكّرت الصحيفة بأن ميثاق حلف الناتو للرد السريع والشامل لصدّ أي خطر يتهدد أمن الولايات المتحدة أو المواقع العسكرية للدول الأعضاء في الأطلسي، ينصّ على استعداد القوات المسلحة الأميركية وفي غضون ساعة واحدة، لتوجيه ضربة خاطفة وشاملة لأي نقطة في العالم لإبطال خطر الاعتداء أو التهديد به. وأشارت الصحيفة، إلى أن البنتاغون، واستناداً إلى هذا الميثاق، سبق له وأن اختلق الخطر الروسي على أمنه وأمن أعضائه، وأن التطورات في الوقت الراهن صارت تقتصر على التنفيذ.
الجيش الروسي، تؤكد الصحيفة، أنه لن يقف مكتوف الأيدي، إذ بحوزته ردود فعالة وناجعة قد يلجأ إليها لدى تعرض الأراضي الروسية لاعتداء من هذا القبيل، حيث أن المنظومات الروسية للإنذار المبكر تعمل على مدار الساعة، فيما لا يغمض جفن للقوات الجوية الفضائية تحسباً لأي طارئ. وكتبت «كمسمو لسكايا برافدا» أن الساسة والاستراتيجيين الأميركيين يخطئون، إذا ما اعتبروا أنهم سوف يدوسون على أزرار صواريخهم ويقبعون في ملاجئ واشنطن أو نيويورك وهم يدخنون السجائر ويحتسون القهوة بانتظار إركاع روسيا بضربتهم الصاروخية.
إلى ذلك، تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى المناورات الحربية الكبرى، التي يجريها الناتو في منطقة البلطيق تحت اسم «بالتوبس 2016»، مشيرة إلى أن الغرب ينوي فعلاً ردع روسيا. وجاء في المقال: يُجري الناتو خلال الأسبوع الحالي في منطقة البلطيق أكبر مناورات عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، وستشارك فيها للمرة الأولى فرنسا. ذلك، إضافة إلى عقد الحلف قمته في وارسو يومي 8 و9. وسيسبقها بيوم بدء أضخم مناورات للقوات المسلحة البولندية في التاريخ الحديث، بمشاركة القوات الأميركية.
«كمسمولسكايا برافدا»: واشنطن تحضر لاحتلال روسيا «في ساعة»!
اعتبر فرانس كلينتسيفيتش نائب رئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي لشؤون الأمن والدفاع أن الناتو مستمر على قدم وساق في تعزيز وجوده وتمدده في شرق أوروبا للانقضاض على روسيا الاتحادية.
أثار المسؤول الكبير في مجلس الاتحاد الروسي لغطاً غير مسبوق في مختلف الدوائر الروسية بتصريح أكد من خلاله أن حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة ودرعها الصاروخية، إنما يعد لتوجيه ضربة شاملة لروسيا الاتحادية، بدليل تمدده شرقاً وتعزيز قواته هناك، والتي وصلت إلى 20 ضعفها!
صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية، حاولت الوقوف على هذا التصريح، وتسليط الضوء على الرابط ما بين «توجيه ضربة خاطفة وشاملة» لروسيا، وتعزيز عديد قوات الأطلسي على تخومها.
وذكّرت الصحيفة بأن ميثاق حلف الناتو للرد السريع والشامل لصدّ أي خطر يتهدد أمن الولايات المتحدة أو المواقع العسكرية للدول الأعضاء في الأطلسي، ينصّ على استعداد القوات المسلحة الأميركية وفي غضون ساعة واحدة، لتوجيه ضربة خاطفة وشاملة لأي نقطة في العالم لإبطال خطر الاعتداء أو التهديد به.
وأشارت الصحيفة، إلى أن البنتاغون، واستناداً إلى هذا الميثاق، سبق له وأن اختلق الخطر الروسي على أمنه وأمن أعضائه، وأن التطورات في الوقت الراهن صارت تقتصر على التنفيذ.
وبالوقوف على كيفية توجيه الناتو ضربته العاجلة والشاملة لروسيا، لفتت «كومسومولسكايا برافدا» إلى أن قوات «الردّ الخاطف والشامل» الأميركية تضمّ في قوامها صواريخ بالستية لا نووية، وأخرى فرط صوتية بعيدة المدى يمكن إطلاقها من القاذفات الاستراتيجية تستغرق ما يتراوح بين 30 و40 دقيقة حتى تصل هدفها.
واستنادا إلى ما تقدم، اعتبرت الصحيفة أن أصحاب الفكر «الاستراتيجي» الأميركي، يخططون لتوجيه ضربة مباغتة لروسيا تذهلها وتجعلها تلهث في طلب الرحمة، على أن يعقب ذلك إرسال قوات برية تحتل أراضي العدو المفترض، وهذا يعني، أنه كلما كانت قوات الأطلسي البرية أقرب من حدود روسيا، ازدادت فعالية الضربة العاجلة والشاملة.
وأضافت أن هؤلاء الاستراتيجيين، رغم ثقتهم التامة بما يخططون له، لا يهملون احتمال أن تتمكن روسيا من توجيه ضربة صاروخية جوابية، إذ بحوزتهم ما يسمى بالخطة «باء» التي تتضمن ضرورة اعتراض الصواريخ الروسية بفضل منظومة الدفاع الصاروخي التي يعكف جنرالات الأطلسي على نشر عناصرها في محيط روسيا.
الجيش الروسي، تؤكد الصحيفة، أنه لن يقف مكتوف الأيدي، إذ بحوزته ردود فعالة وناجعة قد يلجأ إليها لدى تعرض الأراضي الروسي لاعتداء من هذا القبيل، حيث أن المنظومات الروسية للإنذار المبكر تعمل على مدار الساعة، فيما لا يغمض جفن للقوات الجوية الفضائية تحسباً لأي طارئ.
وكتبت «كوكسومولسكايا برافدا» أن الساسة والاستراتيجيين الأميركيين يخطئون، إذا ما اعتبروا أنهم سوف يدوسون على أزرار صواريخهم ويقبعون في ملاجئ واشنطن أو نيويورك وهم يدخنون السجائر ويحتسون القهوة بانتظار إركاع روسيا بضربتهم الصاروخية.
الصواريخ الهجومية الاستراتيجية، والقاذفات الاستراتيجية، والغواصات الروسية المزودة بصواريخ نووية عابرة للقارات، وبصواريخ «كاليبر» المجنحة، تناوب ليلاً ونهاراً على طول ساحلي الولايات المتحدة الشرقي والغربي.
ومضت الصحيفة تقول، إنه لدى روسيا فضلاً عن ذلك، ما يجعلها قادرة على فتح ثغرات واسعة في منظومة الدرع الصاروخي الأميركية، حتى ولو تمكنت هذه المنظومة من إسقاط بعض الصواريخ الروسية التي قد تنشد أراضي الولايات المتحدة.
وأكدت «كومسومولسكايا برافدا»، أن الرد الروسي على أي ضربة صاروخية أميركية، سوف ينتهي باندثار الولايات المتحدة عن بكرة أبيها وتحول أراضيها إلى صحراء مقفرة يتصاعد منها الدخان، فيما سيكون للدول الأوروبية التي قد يستخدم الأطلسي أراضيها لضرب روسيا، نصيبها من الضربة الجوابية الروسية ولن تقدر على تغيير مكانها والإفلات من العقاب.
وفي سياق تعليقها، ذكّرت الصحيفة بدخول مدمّرة «USS Porter» الأميركية محملة بالصواريخ الموجهة مؤخراً مياه البحر الأسود، وذلك في إطار مناورات «الحزم الأطلسي» الدورية هناك، مشيرة إلى أن الهدف الأميركي المعلن من وراء مناوراتها أنها «خدمة للسلم والاستقرار».
وأوردت في هذا الصدد، مقتطفات من بيان صدر عن البحرية الأميركية جاء فيه: «تستمر الولايات المتحدة في استعراض تمسكها بأمن حلفائها الجماعي في إطار الناتو ودعم الشركاء في أوروبا».
وخلصت الصحيفة، إلى أن حلف الناتو حينما يفزع حلفاءه بروسيا، إنما يبتزهم في طلب المال، لافتة إلى أنه جرت العادة على أن يفاجئ الناطقون باسمه الجميع بتصريحات تشدد على ضرورة حماية أعضاء حلفهم من خطر خارجي محدق، ليبدو الأطلسي كحمل وديع محشور في الزاوية.
وساقت في هذا الصدد، تعليقاً لإيغور كوناشينكوف الناطق الرسمي بِاسم وزارة الدفاع الروسية، اعتبرته يصلح لأن يكون تشخيصاً طبياً لحالة مرضية يعانيها الأطلسي، إذ قال: «من تصريحات مسؤولي الناتو، يبدو الأطلسي للوهلة الأولى حملاً وديعاً لا يضر بأحد، فيما احتشدت الوحوش الضواري الممثلة بروسيا وغيرها من الدول الخارجة عن تحكم الولايات المتحدة لالتهامه».
وأضاف: «يعقب هذا التهويل خروج متقاعدي الحرب الباردة من السراديب، وبينهم سفراء أميركيون سابقون لدى روسيا، والقائد السابق لقوات الناتو في أوروبا، وهم يرددون شعارات جنون ارتيابي تحذر من انبعاث «امبراطورية الشر، ويحسبون الأرقام كالمقامرين للوقوف على المدة التي قد يستغرقها الروس للقضاء التام على الأطلسي».
ومضى يقول: «أما الخطوة الثالثة، فتتمثل في أن تعكف وسائل الإعلام الغربية على تغطية تصريحات هؤلاء وتقديمها كحقائق دامغة لا تقبل التأويل. وفي ختام المسرحية، يظهر السكرتير العام للناتو على الملأ، ويجهد في تهدئة الجميع وطمأنتهم، مؤكداً أن ما يشاع عن سقم الناتو سابق لأوانه، وأن احتفاظ الناتو بقدرته على حماية أعضائه من الروس يتطلب بعضاً من التمويل الإضافي».
وخلص الناطق العسكري الروسي إلى أن الناتو سوف يسدل ستارة مسرحيته لهذه السنة في 8 الشهر الجاري في وارسو، ليعلن في أعقاب ذلك أنه وتلبية لنداءات «العمال المسالمين» في بولندا والبلطيق، تقرّر نشر قوات برّية أطلسية إضافية لردع روسيا، وذلك تتويجاً لرفد ميزانيات بلدان الناتو العسكرية بأموال إضافية، بما يحمي بيروقراطيي الأطلسي من هجمات دافعي الضرائب عليهم.
«نيزافيسيمايا غازيتا»: استعراض للقوة بواسطة «بالتوبس»
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى المناورات الحربية الكبرى، التي يجريها الناتو في منطقة البلطيق تحت اسم «بالتوبس 2016»، مشيرة إلى أن الغرب ينوي فعلاً ردع روسيا.
وجاء في المقال: يُجري الناتو خلال الأسبوع الجاري في منطقة البلطيق أكبر مناورات عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة، وستشارك فيها للمرة الأولى فرنسا. ذلك، إضافة إلى عقد الحلف قمته في وارسو يومي 8 و9. وسيسبقها بيوم بدء أضخم مناورات للقوات المسلحة البولندية في التاريخ الحديث، بمشاركة القوات الأميركية.
وستُجرى خلال الأسبوعين الأولين من حزيران سلسلة من المناورات والتدريبات الحربية لبلدان الناتو، وبحسب ممثل السفارة الفرنسية في فيلنوس سامي فيسيكا، فقد وصلت إلى ليتوانيا وحدات برية فرنسية للمشاركة في مناورات «الذئب الحديدي 2016».
ويشارك في هذه المناورات، إضافة إلى القوات الليتوانية، نحو 5000 عسكري من الدنمارك وألمانيا والولايات المتحدة وبولندا وفرنسا ولوكسمبورغ. ومن الجانب الأميركي وحده يشارك نحو 1000 عسكري وزهاء 400 آلية عسكرية. كما أن فرنسا تنوي مستقبلاً نشر 150 فرداً من قواتها المسلحة في ليتوانيا. وتتزامن مع هذه المناورات مع تدريبات الناتو «Saber Strike 2016»، التي يشارك فيها زهاء 10 آلاف عسكري من 12 دولة. والمهمة الرئيسة لهذه المناورات هي التدريب على نقل القوات المسلحة والمعدات العسكرية من أوروبا الغربية إلى الشرق عبر ألمانيا وبولندا ودول البلطيق ورومانيا وبلغاريا.
وقد بدأت في بولندا تدريبات «أناكوندا 2016»، التي تسبق قمة الناتو في وارسو. وبحسب معلومات وزارة الدفاع البولندية، يشارك فيها نحو 27 ألف عسكري منهم حوالى 10 آلاف أميركي من 22 دولة. وصرّح وزير دفاع بولندا ماريك توماشيتسكي لوسائل الإعلام بأن هذه التدريبات «مهمة لنا ليس فقط بعدد الأفراد المشاركين فيها، لا بل بعدد الدول المشاركة لأن ذلك يدلّ على مستوى المشاركة السياسية».
هذا، وكانت مناورات «بالتوبس 2016» قد بدأت في نهاية الأسبوع الماضي بمشاركة السفن الحربية الأميركية، وفي مقدّمها سفينة القيادة «Mount Whitney» من الأسطول السادس. ويشرف على هذه المناورات قائد الأسطول السادس الأميركي الفريق البحري جيمس فوغو، الذي قال إن إجراء هذه التدريبات بقوات وأسلحة حقيقية، هو اختبار لمنظومة واقعية لأننا نريد أن نكون على يقين من قدرتنا على الرد على أي تهديد… وإن استعراض إمكانياتنا علامة تشير إلى وجودنا ووحدتنا.
ويشارك في هذه المناورات 50 سفينة حربية و60 طائرة من 12 دولة، من ضمنها قاذفتا القنابل «بي 52» الأميركية. كما تشارك فنلندا والسويد فيها على رغم أن الدولتين ليستا من دول الناتو حيث سيتم للمرة الأولى إنزال قوات الناتو في ميدان بشبه جزيرة هانكو الفنلندية، ثم في جزيرة يوت في أرخبيل ستوكهولم في السويد.
ويرى خبراء عسكريون من روسيا أن هذه السلسلة من المناورات والتدريبات، ليست سوى استعراض، وتبدو استفزازية. وهي استمرار للمناورات والتدريبات التي أجراها الحلف في إستونيا الربيع الماضي تحت اسم «عاصفة الربيع»، التي اعتبرتها وسائل الإعلام الأضخم في تاريخ إستونيا. وكانت قد سبقتها مناورات «درع الصيف» في نيسان، والتي أجريت في لاتفيا. وجميع هذه المناورات تبين بوضوح زيادة عدد القوات والمعدات الأميركية فيها.
من جانبه، أشار المؤرخ الحربي الدنماركي، الجنرال المتقاعد ميكائيل كليميسين، إلى أن إجراء تدريبات بهذا الحجم في منطقة البلطيق، من الممكن أن تؤدي إلى اندلاع الحرب، أو تضع العالم على حافة نزاع مسلح.
وما يؤكد هذه الفكرة، أن قائد القوات البرية الأميركية في أوروبا الجنرال بين هوجيرز أعلن خلال مؤتمر «تعزيز قوة وردع الناتو» الذي عقد في فيلنوس، أنه «يجب أن يكون بوسعنا فعلياً ردع روسيا». لذلك، فهو يعتقد بضرورة زيادة عدد قوات الناتو في منطقة البلطيق.
وقد زاد من تفاقم الأمور إعلان السويد وفنلندا عن استعدادهما للسماح بنشر قوات الحلف على أراضيها بصورة دائمة.
«غارديان»: بلير التقى حلفاءه لمناقشة ردّه على تقرير «تشيلكوت»
نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية في صدر صفحتها الأولى أمس تقريراً لمحرّر الشؤون الدبلوماسية فيها باتريك وينتور، يتوقع فيه أن يدافع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن قراره في المساهمة بغزو العراق، بالطلب من منتقديه التركيز على كيف سيكون استقرار الشرق الأوسط لو ترك صدام حسين في السلطة وهو قادر على تطوير أسلحة دمار شامل.
وينقل وينتور عن أصدقاء مقرّبين من بلير اعتقادهم أنه سيحاجج بعد نشر تقرير تحقيق «تشيلكوت»، بأن سبب حمام الدم المتواصل في العراق هو مستوى التدخل الخارجي في العراق من إيران وتنظيم «القاعدة»، لا فشل التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في العراق.
ويضيف التقرير أن بلير قد التقى بحلفائه لمناقشة ردّه على تقرير «تشيلكوت»، لكنه لن يدلي بأيّ حديث قبل موعد نشر التقرير في السادس تموز.
وعلى رغم عدم العثور على أيّ أسلحة دمار شامل في العراق، على العكس من التوقعات الاستخبارية الأولى، يتوقع التقرير أن يقول بلير أن صدام حسين احتفظ بالخبرة والقدرة على صنع مثل هذه الأسلحة.
ويقول التقرير إن زعيم حزب العمال جيريمي كوربن، سبق أن تعهد بأن يعتذر الحزب رسمياً عن إدخاله بريطانيا في الحرب في العراق على قاعدة من التضليل وانتهاك للقانون الدولي، لكنه كان أقل وضوحاً في شأن مدى معقولية إرسال بلير إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته بجرائم حرب.
ويضيف أن إصرار كوربن على التأكيد أن بلير قد ضلل الشعب البريطاني في شأن طبيعة الخطر الذي يمثله صدام، أغضب بعض مؤيدي بلير الذين تساءلوا لماذا يعامل بلير كمجرم حرب من قبل رجل رفض التصويت في مجلس العموم على اتخاذ فعل ضدّ الرئيس السوري بشار الأسد.
ويخلص التقرير إلى أن عديدين داخل حزب العمال البريطاني يعتقدون أن توقيت نشر التقرير صمّم لتحويل الانتباه من الخلاف الكبير داخل حزب المحافظين على إدارة الاستفتاء في شأن الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلى خلاف محتمل مقابل داخل حزب العمال.
«إيزفستيا»: تركيا تصبح غير أهل للمصافحة
تناولت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية مسألة إبادة الأرمن على يد العثمانيين، مشيرة إلى الأسباب التي تمنع تركيا من الاعتراف بذلك.
وجاء في المقال: أصبحت ألمانيا الدولة الـ 29 التي تعترف بإبادة الأرمن. فقد سبقها في ذلك البرلمان الأوروبي، الذي شجب ملاحقة الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية، ووصفها بالإبادة في القرار الذي أصدره. وكانت روسيا في عام 1995 قد اعترفت بإبادة الأرمن في العهد العثماني.
وكانت أولى عمليات إبادة الأرمن قد سُجلت في نهاية القرن التاسع عشر، واستمرت هذه العمليات إلى عام 1922. وكانت إبادة الأرمن مرتبطة بالطبيعة الشوفينية للدولة التركية، التي لم تسمح على مدى مئات السنوات بالمساواة بين مواطنيها حيث كان المسيحيون على امتداد تاريخ الإمبراطورية العثمانية ملزمين بدفع الجزية لأنهم من غير مسلمين.
ولكن، وبسبب ظروف معينة في عام 1915، استلهمت الحكومة التركية فكرة، أن الأرمن، عنصر غير موثوق به في أراضي الإمبراطورية، خصوصاً على ضوء الانتصارات التي حققتها القوات الروسية على جبهة القوقاز، فكان الأرمن يتعرضون إما للطرد أو القتل لضمان الوحدة الوطنية أمام العدو.
واستناداً إلى هذه الخطة التي نفذها الثلاثي أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا، تم في البداية ذبح المثقفين الأرمن، الذين كان بإمكانهم قيادة الشعب الأرميني، وبالتزامن مع هذا، تم إعادة جميع الأرمن الذين خدموا في الجيش إلى الخطوط الخلفية، حيث تم تجريدهم من السلاح، ثم قتلهم رمياً بالرصاص أو ذبحهم.
كل هذا جرى بهدف ضمان عدم منع الأرمن، الذين يقطنون في ما يسمى أرمينيا العظمى في تركيا، من المقاومة.
بعد ذلك، اتُخذ قرار بترحيل السكان الأرمن باتجاه الصحراء القاحلة في سورية وإلى قيليقية منطقة جغرافية تاريخية تقع جنوب الأناضول على سواحل تركيا الجنوبية . وقد أدى الرحيل في هذا الطريق، «طريق المبكى»، إلى وفاة أعداد كبيرة من النساء والشيوخ والأطفال.
وكان عدد السكان الأرمن في تركيا قبل بداية الحرب 2.5 مليون نسمة، ولكن بعد نهايتها لم يبق في تركيا سوى 33 ألف أرميني. بعض هؤلاء هربوا خوفاً من ملاحقتهم من قبل الجندرمة التركية، ولكن النسبة الأعظم 1 1.5 مليون أبيدوا على يد الأتراك. والمقصود هنا عمليات إبادة المواطنين لأسباب عرقية.
ومنذ ذلك الحين، تعاقبت على السلطة في تركيا حكومات وأجيال مختلفة من الساسة. ولكن، لم تظهر لدى أي منها أي علامة تدل على الندم لما حصل، بل على العكس من ذلك. إذ يلاحق في تركيا كل من يحاول كشف الحقيقة عن إبادة الأرمن.
فقد أضطر الكاتب أورهان باموك إلى الهجرة بسبب ذلك. كما أن الصحافي التركي من أصل أرمني هرانت دينك قُتل عام 2007 للسبب نفسه. أي أن كل من يحاول الحديث عن هذه القضية، يجازف بحياته لأنه سيحاسب بموجب قانون الأمن القومي ـ «تشويه سمعة الشعب التركي».
وتركيا تفرض خلال عشرات السنين حصاراً على الأراضي الأرمينية ولا تسمح بوصول البضائع والناس إليها، ولا حتى بتحليق طائراتها عبر أجوائها إلى أرمينيا، وتعرقل جميع المحاولات الرامية إلى تخفيف حدة التوتر في هذه المواجهة.
وبمبادرة من الولايات المتحدة وبدعم من روسيا والاتحاد الأوروبي، وقّعت أرمينيا وتركيا في عام 2009 برتوكولاً في شأن البدء في بناء علاقاتهما تدريجياً.
ولكن، لم يمض سوى بعض الوقت حتى اعتبرت أذربيجان هذه الاتفاقية التي ستؤدّي إلى فكّ الحصار عن أرمينيا من جانب تركيا، أنها خيانة للشعب الأذربيجاني.
وفي ما بعد، وللتصديق على هذا البروتوكول، طلبت من أرمينيا تسليم قرة باغ إلى أذربيجان. وكان هذا انتهاكاً لسياق المفاوضات. بعدها فشلت كل المحاولات الرامية إلى تسوية الخلافات بين البلدين.
وأردوغان لا يستعرض في عرقلة عملية التسوية تضامنه مع أذربيجان، بل ويخاف من أن تتبع ذلك المطالبة بدفع تعويضات مالية لضحايا عمليات الإبادة، التي قد تبلغ عدة مليارات من الدولارات.
وإضافة إلى هذا، يرفض أردوغان بسهولة تنفيذ التزاماته حول قضايا أخرى. فقد رفض تنفيذ اتفاق رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو مع الاتحاد الأوروبي في شأن إلغاء نظام التأشيرات مقابل إجراء إصلاحات محددة في تركيا، وقال إن «تركيا لن توافق على هذا، ونحن لم نتفق في هذا الشأن».
ومن الواضح أن تركيا اليوم ليست موضع ثقة ولا يمكن مصافحتها، لأنها تتصرف بكبرياء، وهي شريك غير موثوق به، لأنها لا تخفي استعدادها لرفض أي اتفاق سابق، ناهيك عن موضوع الإبادة.
وقد تحول أردوغان اليوم إلى إبادة الأكراد، مع أن حجم العمليات اليوم يختلف جداً عن التي وقعت عام 1915، لأن الأتراك حينها استغلوا الحرب العالمية الأولى في تغطية عمليات إبادة الأرمن.
وختاماً، لو لم تكن أنظار العالم موجهة نحو الشرق الأوسط حالياً، لفعل الأتراك بالأكراد ما فعلوه بالأرمن عام 1915، لأنهم لم يأخذوا العبرة من ذلك ولم يندموا. وهذا عبء ثقيل على أكتاف الشعب التركي.