الأميركان يراقصون «داعش» لا يقاتلونها والروس فضحوهم «داعش» كنتاج عن البلبلة الأيديولوجية والعبث بدمها

المحامي محمد أحمد الروسان

الأزمة في المنطقة الشرق أوسطية، تتحوّل ناراً وشنّاراً، وهي من ستحدّد مستقبل غرب آسيا لعشرات السنين المقبلة، ومفتاح الحلّ في هذه الأزمة هو المفتاح السوري، فمن يملك مفتاح سورية ترتفع حظوظه في امتلاك المنطقة غرب آسيا بأكملها ، فإذا نجح اليانكي الأميركي وجوقته والكومبارس المرافق له، بالسيطرة على سورية كان ذلك ضربة قاسمة لمحور المقاومة من ناحية، وروسيّا من ناحية أخرى، وهذا من جانبه يفسّر أحد أسباب التدخل الروسي والإيراني وحزب الله في الأزمة السورية. فسورية ليست الوادعة تونس الخضراء، وليست مصر التي شلّتها «كامب ديفيد»، وليست ليبيا المحكومة بكتاب أخضر، وليست اليمن الفقير بفعل جاره الذي يضربه ويعتدي عليه كلّ يوم تحت عنوان إعادة الرئيس الفارّ ببرقع النساء.

سورية بنسقها السياسي ورئيسها، ليست بلداً على الهامش الخرائطي، يكفي أن تجيّش بعضاً من داخله حتّى يسقط رئيسه، بتظاهرات وأغنيات ومواويل وبرامج اتجاه معاكس ومقالات وتحليلات، تبثها بعض فضائيات عرب روتانا مش حتئدر تغمّض عينيك . الأرض بما رحبت انقسمت وضاقت كخرم إبرة حول هذا الرجل، الرئيس بشار الأسد، وانّ مراهقات سياسية ودبلوماسيات الصعلكة لعربان روتانا مع بعض خصي وتدمير للوعي العربي، تشرح وتكشف بعضاً من أسباب ثبات النظام السوري. حال البعض منّا ليس أسوأ من معظم علماء الأركولوجيا المنوطة بهم مهمة دراسة آثار المجتمعات الإنسانية الغابرة وتراثها الحضاري والثقافي، ولكن يبقى المغفّلون والسذّج منهم أقلّ ضرراً وخطراً من الأشقياء الدهاة المأجورين أو المتحيّزين الذين يصنعون متاهات التاريخ والجغرافيا.

نعم العرب كثبان بشرية على غرار الكثبان الرملية تتقيّأ المال مثلما تتقيّأ الدم والطعام، وأميركا صارت ضرورة شيطانية لبعض العرب، والغرب كان يعلم أنّ ذلك الوحش الأيديولوجي القاعدة و«داعش» يترعرع في دورتنا الدموية، وعملوا على برمجته إلى اللحظة المناسبة التي تدق فيها ساعة الانفجار، وعندما تبعثر السوريون الطبيعيون تبعثر العرب معهم، والأميركان تسكنهم قعقعة المصالح بينما العرب تسكنهم قعقعة الغرائز، ولا أحد يستطيع أن يغسل تلك الخطيئة التي تدعى العرب، والخلاف بين العربان حول تقاسم الجثث والموتى فقط. الكيان الصهيوني ثكنة المرتزقة المصنوعة من شتات يهود العالم وصهاينتهم في فلسطين المحتلة كلّ فلسطين، الى حدّ ما وبشكل جزئي، هو قوّة اقليمية بفعل غطاء دولي متعدّد، يشترك بتدعيمه بعض العرب وبعض المسلمين لا بقواه الذاتية، أرسيت قواعده منذ زمن اغتصاب فلسطين من القرن الماضي، وما يجري الآن من هبّة شعبوية فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، تتحوّل نحو انتفاضة مسلّحة في كامل الضفة الغربية المحتلة وغزّة المحتلة وفي داخل الشمال الفلسطيني المحتل ثكنة المرتزقة إسرائيل ، تحدّد مصير هذا الكيان وأفق بقائه واستمراره كقوّة إقليمية بفعل الغطاء السابق ذكره، في ظلّ هذه الهبّة الشعبوية التي في طريقها الى انتفاضة ثالثة متعدّدة أشكال النضال بما فيها المسلّح، أعمق من سابقتيها حتّى وانْ تمّ احتواؤها لاحقاً، من بعض العرب الصهاينة وبعض المسلمين الصهاينة، كون الحالة الفلسطينية في حالة استمرار لبقاء الأسباب والمسبّبات لاستمرار الاحتلال، والمسارات الخيانية الاستئصالية للشعب الفلسطيني الحيّ، لآنّها ببساطة أيّ الهبّة الشعبوية الحالية أنهت استراتيجية إدارة النزاع التي ينتهجها الصهيوني بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة منذ زمن، والمسندة من البعض العربي لا يقيم اتفاقيات معلنة مع تل أبيب عاصمة ثكنة المرتزقة هذه، وعلاقات هذا البعض العربي أقوى من علاقات عمّان والقاهرة مع هذا الكيان الصهيوني.

استهداف الغرب لتركيا… لن يتأخر

وبالرغم من الموقف والفعل من سياسات الرئيس أردوغان وحكومته، من سورية قلب الشرق وتاجه، ودفعه لزبالة الإرهابيين الى الداخل السوري من جهات الأرض الأربع منذ بداية المسألة السورية كمؤامرة أممية، الاّ أنّنا نرى أنّ البلدربيرغ الأميركي يضع تركيا الجغرافيا والديمغرافيا ضمن دوائر استهدافه ولو بعد حين، وما تفجيرات العاصمة التركية وبعض مساحات الجغرافيا التركية والتي تقع بين الحين والآخر، إلا مؤشر بسيط رغم جزالته على صدق ذلك، وانْ كان بالمعنى التكتيكي ليؤسس للمسار الاستراتيجي لاحقاً. لذلك من زاوية الغرب ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية، ينظرون الى الجمهورية التركيّة بأنّها يجب أن تبقى تحت رعاية غطاء دولي يمنع وفاتها من ناحية، بسبب تساوقها مع رؤى البلدربيرغ الأميركي في الداخل السوري والمنطقة، وها هو الإرهاب يرتدّ عليها، ويمنع شفاءها من لوثة الإرهاب وعقابيلها وتداعياتها من ناحية أخرى، والتفجيرات المتتالية خلال عام مضى قرينة صحّة قطعية على ما هو مرسوم. في حين أنّ الجمهورية المصرية العربية، تحاول جاهدةً حياكة غطاء دولي واسع بالرغم من تردّدها من سورية لصيانة الأمن القومي العربي، حيث نريد موقفاً مصرياً أكثر وضوحاً وفعلاً، وانْ كانت القاهرة ساندت بشكل واضح الفعل العسكري الروسي في الدواخل السورية وما زالت القاهرة أسيرة ورهينة لمعادلات دولية وداخلية، حيث العاصمة الأميركية واشنطن دي سي تمسك بمفاصل دورة حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، عبر مظلة دولية سمحت بإنتاج آلية تعطيل لقواها الذاتية عبر اتفاقيات «كامب ديفيد»، لكي يكتمل حول معصمها القيد.

وصحيح أنّ الرياض قوّة إقليمية ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية وبفعل غطاء دولي أرسيت قواعده في أربعينيات القرن الماضي لا بقواها الذاتية، كشف ذلك بكلّ وضوح الفخ اليمني لكي يستنزف السعودية ماليّاً وما أبعد من ذلك. وسورية ورغم الجراح والنزف المتعدّد، بنسقها السياسي وجيشها العربي العقائدي ومقاومتها الشعبوية، وصمود شعبها ومجتمعها وتماسك القطاع العام وعدم انهياره، رغم الحرب الكونية والصراع على سورية وفي سورية وثبات وصمود الرئيس الأسد، هي من تمنع الأصوليات الإرهابية الثلاث: الصهيونية العالمية، الوهابية وهي اس وجذر الأولى، العثمانية الجديدة، من تفجير المنطقة بالكامل. الفدرالية الروسيّة بفعلها العسكري تحاول ملء الفراغ المتأتي عن فشل السياسات الأميركية، وعلى رقعة جغرافية تؤدّي عليها «إسرائيل» دوراً محوريّاً، فمنعت الى حدّ ما العربدة الإسرائيلية في السماء السورية وعلى طول الساحل السوري، كما فرضت حظراً جويّاً في الشمال السوري بفعل الأمر الواقع، فلم نعد نرى ونسمع عن تدخلات تركية تسند أدواتها المسلّحة في الداخل السوري عبر عربدة طائرات الأف 16 التركية المتقدّمة، حيث طائرات السوخوي 30 الروسية والمعدّة للمواجهات الجويّة الجويّة حاضرة وجاهزة، وعادت بزخم من جديد. انّ ثكنة المرتزقة إسرائيل ترى في الوجود العسكري الروسي في سورية، من شأنه أن يولّد استقراراً في سورية، فيما العدو يريد أن يطيل أمد القتال في سورية ويستنزفها…

هذه هي المعادلة الإسرائيلية الاستراتيجية المفضّلة، كما ترى ذات ثكنة المرتزقة هذه أنّ الوجود العسكري الروسي قد يحدّ من قدرة الدولة السورية وجيشها، وإيران وحزب الله على الدخول في حرب مع «إسرائيل» وعليها، كونه في حالة الحرب فإنّ الوسيط سيكون على الأرض وفي الميدان ويملك علاقات مع الجميع. مع التأكيد أنّ ثكنة المرتزقة إسرائيل تخشى محطات رادار يديرها الروس مع السوريين وبالقرب من الحدود الأردنية السورية والمثلث المشترك، من شأنها التشويش والإطباق الألكتروني على الرادارات الإسرائيلية، مقابل خشية ثكنة المرتزقة هذه أنّ الفعل العسكري الروسي الشامل والمتعدّد على كامل الجغرافيا السورية بما فيه الساحل السوري الطويل، أن يحدّ ويقيّد العديد من سلّة النشاطات الإسرائيلية البحرية، خاصة بعد ضرب مواقع دواعش الماما الأميركية بالصواريخ الروسية من بحر قزوين بحر الخزر وعلى مسافة 1500 كيلو متر في الشمال السوري، وأصابت أهدافها بدقة متناهية، مما جعل البنتاغون ومن ارتبط به من إعلام عربي وغربي، من شنّ حملة إعلامية شعواء في محاولة يائسة بائسة للإضرار بسمعة الصناعات الروسية والاختراعات العسكرية المتعدّدة، حيث كانت الرسائل السياسية والعسكرية متعدّدة وشاملة، لكلّ أطراف محور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من بعض عرب وبعض غرب.

لا ضمانات روسية لـ«إسرائيل»

والأنكى من كلّ ذلك هو أنّ ثكنة المرتزقة إسرائيل لم تحصل على أي ضمانات روسيّة واضحة بعدم السماح بنقل أسلحة متطورة من سورية وإيران الى حزب الله، لا بل أنّ الرئيس بوتين لم يجمّد اتفاقية صواريخ اس 300 لإيران ووصلت طهران، كما أنّ بوتين لم يعد الصهيوني نتنياهو بشيء بخصوص سحب حزب الله من القنيطرة ونزع الأسلحة من هذه المنطقة، وكلّ ما قاله بطرس العظيم لنتنياهو أنّ سورية ليست بصدد فتح جبهة جديدة في الجولان السوري المحتلّ حتّى اللحظة وضمن الظروف الحالية.

وعليه لا اتفاق روسياً إسرائيلياً سوى لجينة تصغير لجنة عسكرية مشتركة، لإعلام إسرائيل فقط بلحظة بدء قصف أدوات الإرهاب الإسرائيلي في الجنوب السوري، لكي تحتاط تل أبيب من عودة ما أدخلته ورعته وعالجته من إرهابيين في الداخل السوري اليها، وثمة زيارات غير معلنة تتمّ بين الحين والأخر للجنرال نيكولاي بوغدنوفسكي نائب رئيس أركان الجيش الروسي الى تل أبيب في سياقات ذلك لا أكثر ولا أقلّ.

انّ ثكنة المرتزقة إسرائيل ورئيس عصابتها نتنياهو يدرك أنّ تحويل المخاطر من التواجد العسكري الروسي والفعل العسكري لموسكو في الميدان الى فرص يستفيد منها، يبقى محدود الضمانات، حيث السياسة الروسية موجهة الى واشنطن والغرب الأوروبي، ولا تقتصر حساباتها على هواجس ثكنة المرتزقة إسرائيل ، وحاول الصهيوني بنيامين نتنياهو، أن يوهم مجتمع ثكنة المرتزقة إسرائيل أنّه حقق اتفاقاً ما مع موسكو، وأنّ زياراته المعلنة وغير المعلنة ناجحة بكلّ المقاييس لكنه فشل في ذلك، وفضحه بعض الإعلام الإسرائيلي الصهيوني، ونشر غسيل فشله على حبال إعلام ثكنة المرتزقة إسرائيل ، لا بل وأزيَد من ذلك قال إعلام المرتزقة الصهاينة إنّ الاتفاق الروسي الإسرائيلي الوهم يمسّ في العلاقات مع واشنطن، ويساهم في تقوية المحور الإيراني في المنطقة، ويرى كاتب هذه السطور أنّه يبدو، أنّ عدوى حمق بعض الإعلام الخليجي وحمق بعض الإعلام العربي، انتقلت إلى بعض الإعلام الإسرائيلي الصهيوني المنافق والمؤيد لبنيامين نتنياهو.

انّ الحضور العسكري الروسي الفاعل والمتفاعل ومفاعيله ونجاعة ضرباته لسلّة زبالة الإرهابيين وعلى رأسهم عصابة داعش الماما الأميركية وعلى جلّ الجغرافيا السورية، خلق ستاتيكو جديداً متعدداً ومتطوراً على الساحة الإقليمية والدولية قبل الداخل السوري ودول جواره، وفضح كوميديا مقاتلة داعش الأميركية، وأوضح أنّ الأميركان يراقصون داعش لا يقاتلونها، كما فضح الروس بفعلهم العسكري ونجاعته كيف أدارت واشنطن بلبلة استراتيجية في المنطقة، وكيف برمجت استراتيجية البلبلة هذه، فأنتجت داعش كنتاج عن البلبلة الأيديولوجية مع تأكيدهم أنّه لا سقف زمنياً وجغرافياً لفعلهم العسكري، وكله مرهون بمدى استئصال الدواعش من سورية والعراق والمنطقة ككلّ، ومدى تقدم الجيش العربي السوري واستعادته لكامل الجغرافيا السورية كلّ ذلك لإفشال استراتيجية الاستدارة التي تنتهجها واشنطن لضرب هياكل أمن الصين وموسكو وإيران وجلّ آسيا.

إذا كان اليمن المحطّم بالنسبة للرياض بفعل العرب، يشكل حساسية عالية بالمعنى الجيواستراتيجي ومحوري للأمن السعودي، فإنّ سورية محورية للأمن الاستراتيجي الروسي، فداعش تحديداً بالنسبة لنواة الفدرالية الروسية ثعبان لا بدّ من ضربه على رأسه، حيث الرأس في الرقّة السورية، والقيادة العملياتية له بين جرابلس ومنبج، والبطن والذيل من الموصل في العراق وعلى طول المسافة العراقية السورية باتجاه الرأس في الرقّة، بجانب ضرب صعاليك جيش الفتح في خان طومان ومحيطها، والمشتقات الإرهابية الأخرى ظواهر فولكلورية، وضرب داعش في العراق من قبل الروس لاحقاً سيمنع داعش من ميزة التواصل الجغرافي، وبالتالي أسقطت موسكو ورقة التوت الأميركية عن حربها المزعومة لداعش في الداخل السوري والعراقي، وهذا ما تحاول واشنطن منعه عبر أدواتها المتأمركة في مفاصل الحكومة العراقية الحالية، حيث واشنطن تريد إبقاء التواصل الجغرافي الحيوي للثعبان داعش، كونه محوري في استراتيجية استدارتها نحو الصين وروسيّا وإيران وجلّ أسيا. ثكنة المرتزقة إسرائيل ترى أنّه ثمة تضارب بين حسابات الروس والإيرانيين حول الجولان السوري المحتلّ وفي سورية، حيث إيران تريد الجبهة ساخنة ضدّ الاحتلال، في حين روسيّا تسعى لرعاية سلمية بين دمشق وتل أبيب، مع أنّ الواقع والفعل الميداني يشير الى أنّ الدور الإيراني ودور حزب الله مكمّل ومتساوق مع الدور الروسي الشامل والفاعل، وثمة دور صيني كامن كقوّة في الداخل السوري، يتدخل عند الضرورة والطلب منه بذلك من قبل الدولة الوطنية السورية على غرار ما جرى مع الطلب الروسي، ومع التأكيد أنّ الأسد لن يوقع على أيّ تسوية سياسية بشأن الجولان المحتلّ ما لم يصرف له ذلك كمكاسب داخلية وإقليمية أولاً، وموافقة شعبه عبر استفتاء ومباركة حلفائه وعلى رأسهم إيران وروسيّا، حيث يعني هذا بالسياسة حصريّاً، أنّ ثكنة المرتزقة إسرائيل قد تلجأ الى الانسحاب الأحادي من الجولان السوري المحتلّ، كما حصل في جنوب لبنان عام 2000، وكما حصل بعده في غزّة زمن الإرهابي شارون، حيث حقد الأخير على الفلسطيني لا يوصف.

أوباما يورّط الخليجيين

العندليب الأسمر باراك أوباما حقق نجاحات في الملف الإيراني والكوبي وعبر الدبلوماسية وتخلّى عن حلفائه الخليجيين، بل وورّطهم بفخ اليمن ليستنزفهم مالياً، لذلك هو قد يسعى الى تفاهم من نوع خاص مع روسيّا حول سورية ليعزّز من فرص هيلاري كلنتون، أو قد يقوم باتجاه معاكس عبر التصعيد العسكري، انْ في الداخل السوري عبر مجتمع صعاليك الوكلاء وانْ في الداخل العراقي، خاصةً أنّ الأخير عاد أولوية أمن قومي أميركي لغايات العبث بالجغرافيا والديمغرافيا الإيرانية، والذي قد يدفعه الى ذلك هو هذا الفعل العسكري الروسي في سورية، والذي هو أبعد من سورية وما يجري فيها، حيث تأمين النفوذ الروسي في المتوسط والعمل الروسي العسكري في فضاءات المجال الحيوي الأميركي المباشر بإقامة قواعد عسكرية على الحدود مع تركيا، وذلك لإقامة توازن مع النفوذ الأميركي في أوكرانيا، كذلك موسكو تريد تعزيز التحالف مع إيران في سورية، كون الأخيرة منفذاً بحرياً لطريق الحرير الحيوي لكلّ من الصين وروسيّا وإيران للوصول الى المتوسط، وهذا الطريق يحتاج الى أفغانستان ليصل الى إيران، ويحتاج للعراق ليصل الى سورية، فقامت واشنطن باحتلال أفغانستان ولن تنسحب منها، واحتلال العراق ولن تنسحب منه وتعود من جديد اليه عبر الثعبان داعش، لقطع طريق الحرير بين الصين وروسيّا وإيران في أفغانستان، وبين إيران وسورية في العراق، والمشروع الأميركي فشل حتّى اللحظة في كلا البلدين، فمعركة الإرهاب في سورية وفي العراق واحدة، وهي معركة الجغرافيا، والمعارك من الفلّوجة الى الرقّة، ترسم معالم المنطقة ومنحنياتها، وهي أيضاً معركة الكانتونات الكرديّة. إذاً ثمة تقدمات لما تسمّى بقوّات سورية الديمقراطية قسد من غرب نهر الفرات باتجاه منبج، ومعركة الأخيرة صفعة لتركيا! فكيف سيكون ردّها؟ وأيضاً هي صفعة لعمق مصداقية أنقرة، حيث فشلت تركيا في تثبيت خطوطها الحمر، وفشلت في دحر داعش عسكرياً من هذه المناطق، بسبب سوء اختيارها للفصائل الإرهابية التي أوكلت لها هذه المهمة، في حين أنّ قوّات ما يسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده أميركا، ضربت كلّ الجسور التي تربط بين ريف جرابلس وريف منبج، لكنّ ثمة تساؤلات: هل الهدف تقطيع أوصال داعش ومنعه من استجلابات لتعزيزات من جرابلس؟ أم الهدف منعه من الانسحاب بالاتجاه المعاكس؟ أم أنّ هناك ثمة روائح ضمانات لتركيا بأنّ الأمور لن تصل الى أقصاها، وهو منع قوّات سورية الديمقراطية من الاقتراب من جرابلس بعد سيطرتها على ريف منبج؟

محام، عضو المكتب السياسي

للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى