سيناريوجيفري فيلتمان…
روزانا رمّال
كما أريدَ للخبر ان يُنشر ذكرت معلومات صحافية انّ نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية السفير جيفري فيلتمان الذي من المفترض ان يتسلّم مهمة تيري رود لارسن المتعلقة بمهمة رعاية تطبيق القرار 1559 زار بيروت لمدة 24 ساعة، منذ عشرة أيام، التقى خلالها عدداً من المسؤولين وبحث معهم في التطورات على الساحة اللبنانية، وما يمكن ان تشهده المرحلة المقبلة.
فيلتمان القادم على متن طائرة خاصة أقلته من قبرص الى عوكر، طلب أن تبقى زيارته سرية، واجتمع مع القائم بأعمال السفارة الأميركية ريتشارد جونز وفريق السفارة وأجرى معهم مباحثات حول لبنان وسورية والعلاقة الروسية الاميركية، مركزاً على الوضع العام في لبنان خصوصاً، ليتواصل فيلتمان مع عدد من الأصدقاء ويبلغهم انه في بيروت ويرغب في لقائهم.
اضاف المصدر الصحافي أنّ فيلتمان أبلغ من التقاهم من الاصدقاء انّ الفراغ الرئاسي في لبنان بات يشغل المجتمع الدولي، كونه يزيد من المخاطر في ظلّ الأوضاع المتفجرة المحيطة بلبنان على الأصعدة كافة، ولأنّ المجتمع الدولي الذي يرى انّ حزب الله هو المسؤول عن هذا الفراغ، فإنه سوف يزيد من ضغوطه على الحزب وتحديداً في موضوع العقوبات لإجباره على تسهيل الانتخابات الرئاسية.
هذا هو كلام جيفري فيلتمان المعلن عنه حرفياً، وهذه هي أجواء الغموض التي بدأت تسود المشهد اللبناني بزوار يأتون تحت جنح الظلام بمعابر غير رسمية وكأنّ الزيارة فيها شيء من الريبة والحذر على ما يبدو، وهذا لوحده كفيل برسم خارطة جديدة للوضع الأمني والسياسي المقبل في لبنان على ضوء تجربة كبرى عاشها لبنان في عهد السفير «الفذ» جيفري فيلتمان، والأمر هنا لم يعد يتعلق بأجواء حصول الزيارة من عدمها، إنما تخطاها لتصبح «هالة» الاسم الحاضر بشكل تصاعدي عند كلّ مناسبة او تقرير او اعلان اممي رسمي وآخره اعلان تيري رود لارسن عن عزمه الاستقالة لصالح فيلتمان ليصبح راعي تطبيق القرار 1559 مع كلّ ما يعنيه من مواجهة حزب الله، وهنا تتقاطع زمنياً مرحلة الضغط الأميركي على حزب الله والضغط باتجاه صرف ايّ ردّ فعل في الداخل اللبناني سياسياً يُحسب او يوضع في إطار الحلف الاميركي في المنطقة بمواجهة روسيا وإيران وسورية.
لا يزال جيفري فيلتمان واحداً من ابرز ديبلوماسيّي الولايات المتحدة الاميركية، وقد ارتبط اسمه بالكثير من المحطات المفصلية في الشرق الأوسط أبرزها في لبنان عندما كان سفيراً في أصعب المراحل، وأكثرها مفصلية، لكن بالاضافة الى كلّ هذا فإنّ ما يجعل الديبلوماسي في اكثر مهماته خطورة هو تقاطعها مع هجمة دولية عربية على حزب الله الذي يعتبر فصيلاً أساسياً في ملف مكافحة الإرهاب في سورية وهي مهمة أضيفت اليه بعدما كان مطلوباً اميركياً بقرار أممي شهير تمّت حياكته خصيصاً لتلك المرحلة فكيف باليوم وحزب الله يكتسب خبرات عسكرية أكبر وهو ما يتفق عليه ضباط اسرائيليون كبار عبّروا عن «تعاظم قدرات حزب الله بعد عشر سنوات وتراكم خبراته القتالية وهو ما تفتقده أكثر برامج التدريب صرامة في الجيش الإسرائيلي حسب قولهم.
مهمة فيلتمان بعد عام 2005 اثناء اغتيال الحريري وما أعقبها من اغتيالات توالت أسّست لحرب «إسرائيلية» عنيفة عام 2006 كان قد تمّ التمهيد الداخلي بحرفة اميركية واضحة على يد فيلتمان الذي أدار مرحلة نشأة فريق 14 آذار وعمل بشكل دؤوب على توجيه الضغط على حزب الله حتى تقدّمت اسرائيل مجدّداً بأرضية الانقسام السياسي 8 و14 والضغط الممهّد بتفجيرات سابقة.
عملياً فإنّ عبوة فردان في بيروت على «بنك لبنان والمهجر» هي واحدة من أصل أشكال الضغوط على حزب الله بطريقة او باخرى، وتترجم ما قاله فيلتمان لأصدقائه خلال زيارته المفترضة في الساعات الأخيرة، وربما احدى ترجمات رعاية تنفيذ القرار 1559 وأهمية الضغط على الحزب داخلياً في محاولة لإعادة مشهد ما بعد 2005 الى الواجهة، فهل هذا يعني انّ السيناريو الذي يعتمد على تفجيرات او خضة أمنية ما ستكون أحد أبرز ممهدات الحرب «الاسرائيلية» الجديدة؟ لا يمكن التغاضي عن حضور وازن لاسم فيلتمان مجدّداً على الساحة اللبنانية بدون الغوص في الهدف الاميركي المقبل، واذا كان لبنان ورقة مؤجلة اميركياً فإنّ كلّ المؤشرات تقول انها ستتقدّم بالأشهر المقبلة على ما سواها على ما عبّر عنه فيلتمان عن قلق المجتمع الدولي من الفراغ الرئاسي في لبنان، وفي هذا الإطار يقول مصدر سياسي مضطلع لـ»البناء» انه «يستبعد ان يتوصّل البلد إلى حلّ أزمة الرئاسة بدون حدث كبير، ما يعيد خلط الأوراق من دون استبعاده ان يكون حدثاً خطيراً»…!