الجيش السوري يتقدم في ريف اللاذقية ويشرف على الحدود التركية

في أول رد روسي على كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بشأن نفاذ صبر الولايات المتحدة الأميركية بشأن الملف السوري وخاصة في حلب، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ تصريحات كيري عن نفاد الصبر الأميركي بشأن حلب يثير الاستغراب.

ونصح الوزير الروسي، واشنطن أن تكون أكثر صبراً بشأن الملف السوري، مشيراً إلى أنّ روسيا لم تعط أحداً أيّ وعود بشأن سورية، وأنه لا يوجد تقدم في العملية السياسية في سورية.

وقال «إنني رأيت تصريحات جون كيري ودهشت، يتحلى جون كيري عادة بضبط النفس، ولا أعرف ماذا حصل معه. ومن ثم قرأت توضيحاً أصدرته وزارة الخارجية الأميركية حول تصريحات كيري. وعليهم أن يتحلوا بصبر أكبر».

وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان في هذا الخصوص أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تحدث أكثر من مرة عن «سياسة صبر استراتيجي» تمارسها إدارته. وأردف قائلاً «وفيما يخص جوهر الموضوع الذي أثار قلق جون كيري لهذه الدرجة، فهو تحدث عن نفاد الصبر بشأن عجزنا عن عمل ما يجب علينا أن نفعله مع بشار الأسد، فأذكر بأننا لم نقدم أي التزامات أو وعود لأحد».

وأضاف «إننا اتفقنا على أنّ جميع من يعمل من أجل تسوية الأزمة السورية، سيسترشدون بالاتفاقات التي تم تحقيقها في إطار مجموعة دعم سورية، والتي تبناها مجلس الأمن الدولي في قراره».

ورفض لافروف تحميل روسيا مسؤولية تعثر عملية التسوية السلمية بسورية، مؤكداً أنّ واشنطن تتحمل مسؤولية رفض المعارضة السورية الجلوس إلى طاولة التفاوض.

وأعاد إلى الأذهان أنّ الهدنة ما زالت صامدة، رغم الخروقات العديدة لنظام وقف إطلاق النار في سورية، كما شهد الوضع الميداني تحسناً ملموساً، وتم إيصال المساعدات الإنسانية إلى العديد من المناطق المحاصرة. لكن، لم يتم تحقيق أيّ تقدم على المسار السياسي.

وذكر الوزير الروسي بأنه اجتمع بالمبعوث الأممي إلى سورية، ستافان دي ميستورا، الذي أكد لهم عجزه عن إطلاق حوار سياسي بمشاركة جميع الأطراف السورية، موضحاً أنّ الأتراك لا يسمحون بمشاركة الأكراد في المحادثات، فيما ترفض الهيئة العليا للتفاوض الاعتراف بالحقوق المتساوية لفصائل المعارضة الأخرى بل تطالب باعتبارها المفاوض الرئيس.

واستطرد قائلاً «أما العجز عن إقناع هؤلاء الأشخاص بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بمراعاة تامة للتفويض المعطى من جانب الأمم المتحدة، فجاء ليس بذنبنا، بل بذنب الولايات المتحدة التي تقف عاجزة، أو ربما لا تريد الضغط على حلفائها في المنطقة الذين يضعون شروطاً».

كما لم يستبعد لافروف أن يكون الغرب يسعى لاستغلال تنظيم «جبهة النصرة» لإسقاط النظام الحاكم في سورية. وأضاف «يتكون لدي انطباع بأنّ هناك لعبة ما تجري، وهم ربما يريدون الحفاظ على النصرة بشكل ما ومن ثم استخدامها لإسقاط النظام».

وتابع أنه سأل كيري بشأن هذه «اللعبة» مباشرة، لكن الأخير نفى ممارسة أي ألعاب. وأوضح لافروف أنّه مندهش من عجز الأميركيين في إجبار فصائل المعارضة التي يدعمونها على الخروج من المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين.

وأعاد إلى الأذهان أنّه سبق لكيري أن تعهد، قبل 3 أشهر، بإخراج المعارضين المعتدلين من المناطق القريبة من مناطق سيطرة النصرة في غضون أسبوعين أو 3 أسابيع. لكن الوزير الأميركي يقول إنّ واشنطن بحاجة إلى شهرين أو 3 أشهر لإحراز هذه المهمة.

واعتبر أنّذ التسوية باتت في دائرة خبيثة، إذ ترفض الهيئة العليا للتفاوض الجلوس إلى طاولة المفاوضات، طالما تستمر الغارات الجوية، لكن من شأن إيقاف الغارات الجوية إعطاء «النصرة» المزيد من الإمكانيات لتعزيز قدراتها بفضل تدفق التعزيزات والآليات القتالية والأسلحة والذخيرة من الأراضي التركية.

وفي السياق، بحث الوزير الروسي، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قضايا مكافحة الإرهاب وتسوية الأزمتين السورية والليبية.

وأفادت الخارجية الروسية، أمس، بأن لافروف أكد خلال لقاء الأمين العام على ضرورة بذل مزيد من الجهود من أجل تسوية الأزمتين في سورية وليبيا، إضافة إلى إصلاح أجهزة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة.

إلى ذلك، قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي «إننا نريد أن نستفسر من دي ميستورا عن مواعيد استئناف المحادثات السورية. ونحن ندعو إلى إجرائها في أقرب وقت ممكن»، مؤكداً أنّ موسكو» تدعم إجراء عملية التفاوض بدينامية أكبر، لأننا بدون ذلك سنكون عاجزين عن الالتزام بالجدول الزمني الذي توصلنا إلى التوافق بشأنه في إطار محادثات فيينا».

وأشار بوغدانوف إلى أنّ البعض يتحدث عن بدء المرحلة الانتقالية بسورية في 1 آب، وعن إجرائها لمدة 18 شهرا، محذراً من استحالة تحقيق هذه الأهداف بلا حوار بين السوريين أنفسهم.

وأضاف أن ممثلين عن دي ميستورا سيتوجهون إلى دمشق وموسكو والرياض والقاهرة، حيث سيجتمعون خلال الأيام القليلة المقبلة مع مختلف فصائل المعارضة السورية، «الداخلية» و«الخارجية»، لإجراء «محادثات تقنية».

وأكد أنّ موسكو تؤيد هدنة طويلة الأمد في حلب السورية، وأضاف «إننا اتفقنا مع الأميركيين بشأن ذلك على مستوى رفيع. وأصدرنا بيانات مشتركة، اعتمد المجتمع الدولي عليها لتبني قرارات».

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تهدئة لمدة 48 ساعة في مدينة حلب السورية بدءاً من يوم أمس الخميس، مشيرةً أن الهدف هو خفض مستوى العنف المسلح، وتهدئة الوضع.

وأكد الدفاع الروسي أن تنظيم «جبهة النصرة» يقصف أحياء عدة في حلب براجمات الصواريخ، فضلاً عن شنّ هجوم بالدبابات في جنوب غرب المدينة.

ميدانياً، وسع الجيش السوري عملياته في ريف اللاذقية الشمالي، وتمكنت وحداته من السيطرة على جبل الحجار وبرج الحياة وجبل الرويسة الواقع جنوب قرية الشحرورة في منطقة جبل التركمان، وسط استمرار العملية العسكرية في المنطقة باتجاه جبل الحوارة والمرتفع 665.

سيطرة الجيش السوري هذه مكنه من الإشراف على مساحات واسعة من الشريط الحدودي مع تركيا، و ساعده في قطع خطوط إمداد المسلحين القادمة من الجانب التركي بالنار، كما مكنته من السيطرة بالنيران على قرى كلز، الصرّاف والحجّار شرق بلدة ربيعة.

وفي السياق، أكد مصدر عسكري سوري، أنّ عدداً كبيراً من المسلحين قتلوا خلال تقدم الجيش السوري في ريف اللاذقية، معظمهم من جنسيات غير سورية، حيث تمكنت القوات المهاجمة بعد عمليات عسكرية دامت لأكثر من يومين متواصلين من تثبيت سيطرتها على عدة مواقع هامة بالقرب من الحدود التركية وأن المقاومة الشرسة من مسلحي «جبهة النصرة» المدعومين تركياً أخرّت من إعلان السيطرة.

وتحدث المصدر عن عمليات عسكرية أكثر أهمية تجري في الجهة الشرقية القريبة من أرياف حماة وإدلب في محور «كباني»، والتي وصفها بالشرسة باعتبارها مركز تجمع بشري لمسلحي «جيش الفتح» المتخوف من هجوم مرتقب على ريف إدلب.

وقال إنّ سمة العمليات في هذا المحور عبارة عن تمهيد ناري عنيف من سلاح المدفعية، والطيران السوري الروسي المشترك، يرافقه تقدم وحدات الاقتحام بحذر شديد من «رويسة الملك» إلى التلال المجاورة، بغية كسر التحصينات التي تمنع سقوطها، فمعظم المناطق المحيطة بالبلدة تلال جبلية مرتفعة، فيما يتمركز الجيش السوري في مواقع منخفضة مما يعرض مواقعه للاستهداف الدائم، وفي حال تمت السيطرة على مرتفعات السيرياتيل، والزويقات، والعالية المشرفة على البلدة يتم الدخول إليها بسهولة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى