الغرب المتصهين.. ضرب سورية بأردوغان وضرب أردوغان بسورية

توفيق بن رمضان

نشرتُ عام 2012 مقالاً عنوانه: «أيّها الأردوغان لقد خيّبت آمالنا»، وقلت لأردوغان في خاتمة المقال إنّ ما فعله في سورية، سيرتدّ عليه وعلى وطنه وعلى كلّ من دفعوه من أشرار الغرب المتصهين المتربّص بأمّتنا وأوطاننا وشعوبنا… ولكم نص الفقرة الأخيرة من المقال: «أيّها الأردوغان لا تتصوّر أنّك ستكون من الفائزين والرّابحين، بما فعلته في الشّعب والوطن السّوري، بل سيطاردك الدمار الذي ألحقته بسورية، والأرواح التّي أزهقت، وستصلك اللّعنة والخزي ممّا اقترفته مع من دفعوك للعمل على تصعيد وتأجيج الأوضاع لتدمير سورية وتحطيم وسحق وتشريد شعبها المسكين، ولن يرحمك التّاريخ ولن يسامحك الله. أيّها الأردوغان لا تتصوّر أنّ وطنك محصّن ممّا يحصل في المنطقة، بل إنّ مستقبلك ومستقبل الشّعب التّركي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبل الأمّة العربيّة والإسلامية لا الغرب ودول النّاتو، ويحك أيّها الأردوغان كان من الأحرى بك أن تعمل وتدفع نحو المصالحة والتّهدئة في سورية وليس نحو التّصعيد والتّقتيل والدّمار، وأذكرك بما قاله الله في كتابه الكريم: «بسم الله الرّحمن الرّحيم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» .

لقد توسّم العرب الشّرفاء خيراً في أردوغان وتصوّروا أنّ هذا الزّعيم التّركي سيجبر ما انكسر منذ قرن بين الأخوة العرب والأتراك بعد مشكلة الحرب العالمية الأولى وما خلّفته من أحقاد وضغينة، ولكن بعد الذّي حصل في سورية وبعد تورّط أردوغان في الكارثة السّورية عاد العرب والأتراك إلى نقطة الصّفر، فقد عادوا إلى وضعية مائة سنة إلى الوراء، وكبرت واتّسعت الشّقة من جديد بين العرب والأتراك، وللأسف فقد ضيّع أردوغان الفرصة لعودة العلاقات الطبيعيّة مع الشّعوب العربيّة وخاصة الشعب في سورية والعراق، ناهيك عن الجزء الهامّ من الشّعب الكردي المتواجد في تركيا وخارجها.

لم أكن أتصوّر أنّ الزّعيم التّركي أردوغان بهذه السذاجة السّياسية حتّى يقع في الفخّ الذّي نصبه له الغرب المتصهين حتّى ينخرط في المؤامرة لتكون نهايته السّياسية بهذا الشّكل، فقد تورّط بكلّ وضوح في تدمير سورية وفي إشعال نار الفتنة وفي دعم المجموعات الإرهابية المتطرّفة بالرّجال والعتاد فقد سمح «للجهاديّين المزعومين» بالتّحرك بكلّ حريّة والعبور عبر الحدود التّركيّة السورية.

وها هو الشّعب التّركي أصبح الآن يعاني من الإرهاب والعنف والتّطرّف والانشقاق وانعدام الأمن والاستقرار على أراضيه، زيادة عن الانقلاب الغربي في المواقف، فالغرب بعد أن ورّط أردوغان في سورية ها هو ينسحب ويتركه يتحمّل كلّ التّبعات ويواجه كلّ المشاكل الطّارئة لوحده، بل لا شكّ أنّهم سيكيلون له الاتّهامات بسبب تساهله في ترك المتطرّفين يعربدون دخولاً وخروجاً من وإلى سورية عبر الاراضي التّركية، فقد انهزم أردوغان وداعموه من دول العرب والغرب، وخسر خسراناً ما بعده خسران بتورّطه في المؤامرة التّي حيكت ضدّ سورية، فلا هو ولا حلفاؤه تمكّنوا من إسقاط الرّئيس بشّار ولا هو غنِم الانضمام إلى الاتّحاد الأوروبي، بل إنّ الغرب المتصهين دفعه وورّطه في المؤامرة التّي حيكت ضدّ سورية سنوات قبل تحرّك الشّعب التّونسي ضدّ نظام بن علي، وذلك بشهادة الوزير الفرنسي السّابق رولان دوما، ها هو تورّطه في الأزمة السّورية يدمّره سياسياً بل سيجعله في موقع المتّهم بعد دعمه للإرهاب والإرهابيّين وقد تكاثر الخصوم عليه في الدّاخل والخارج.

أما الأغبياء والمساكين من أبناء التيّارات الإسلامية من المغرّر بهم، فقد قدّموا خدمة للصّهاينة والغرب المتصهين من حيث لا يعلمون، فقد جعلوا من أنفسهم وقوداً وحطباً للفتنة والمؤامرة التّي حيكت ضدّ سورية، و قدّموا خدمة للمشروع الصّهيوني لم يكن ليحلم بها زعماء وقادة الكيان الغاصب في فلسطين بتدمير سورية وإضعافها وإهدار طاقاتها ومواردها، هذا في ما يخصّ الجوانب الظاهرة، أما الجانب الخفي والغير معلن والغير مطروح في الإعلام المتصهين فهو استدراج للمتشّددين وجعل سورية مصيدة لكلّ من يحملون عقيدة قتالية ضدّ المنظومة الصهيو ـ غربية، فقد عملوا على استدراجهم للمصيدة السّورية والعراقيّة من أجل جلبهم وجمعهم ومن بعد سحقهم دون أن يخسروا فلساً أو جنديّاً واحداً، بل عملوا على التّخلّص منهم بأجناد عرب وأموال وعتاد عربي، مع مساعدة غربيّة بقنصهم من الجو بالوسائل التّقنية الحديثة المتنوّعة، دون خسائر ولا مواجهة مباشرة على الميدان فقد استوعبوا جيداً الدّروس من تورّطهم في العراق وأفغانستان.

كاتب وناشط سياسي

romdhane.taoufik yahoo.fr

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى