أسرار ليلة 8 آب في واشنطن أربيل مركز التنصت الأميركي في الشرق الأوسط… كادت تسقط
كتب المحرر السياسي
الليلة التي غيّرت وستغيّر الكثير من الحسابات الأميركية في المنطقة هي ليلة السابع والثامن من آب، عندما رنّ الهاتف الذي يربط غرفة العمليات في البنتاغون الأميركي بالبيت الأبيض، كما يقول مصدر ديبلوماسي روسي رفيع، وكان المتحدث الجنرال طوني أبي زيد يطلب محادثة الرئيس الأميركي باراك أوباما، قائلاً: «كلّ شيء بنيناه ينهار سيدي الرئيس، «داعش» يدخل أربيل، ومحطتنا المركزية لإدارة الأسلحة ومجموعات التدخل والعمليات الخاصة وغرف المتابعة والتنصّت ستقع بأيديهم، ولا غنى عن قرار فوري بتحريك الحاملة يو أس وطائراتها النفاثة لمنع دخول «داعش» إلى أربيل مهما كلف الثمن، نحن أمام 11 أيلول آخر وننتظر القرار»، وخلال دقائق كان قرار الرئيس الأميركي بالتدخل السريع والمستمرّ لمنع «داعش» من دخول أربيل.
كان مقاتلو «داعش» قد دخلوا شوارع أربيل، التي أضحت خلال عشرة أعوام بفنادقها وشققها المفروشة شبيهة بجنيف، حيث يقيم رجال الاستخبارات الأميركية و»الإسرائيلية» بكلّ راحة مزوّدين بكلّ وسائل الرفاهية والترف والشعور بالاطمئنان، وحيث الشركات الأميركية الكبرى وظفت رساميل هائلة لبديل عن دبي كعاصمة للاستثمار في الشرق الأوسط، بنصائح من الاستخبارات الأميركية لجعلها عاصمة لشركات النفط العالمية، شركات التنقيب والتكرير والصيانة ومدّ الأنابيب وهي بالمئات، قد اتخذت من أربيل مقراً رئيسياً لنشاطاتها في الشرق الأوسط، ومثلها فعلت شركات الأمن الأميركية الكبرى التي تشتغل في بغداد وتطمح لسواها من العواصم، لكن إداراتها ومخازنها ومعداتها التكنولوجية العالية الكلفة والحساسة بشروط أمانها موجودة في أربيل، ومثلها وحدات نخبة العمليات الخاصة التي ليس من مهامها عمليات الدفاع عن مواقع معيّنة، بل هي قوات التدخل لتنفيذ عمليات استخبارية خاصة، تحتاج من يحميها ويحمي مواقع إقامتها، ولم يكن في الحسبان أن تكون أربيل يوماً موضع تهديد.
أربيل تسقط وما كان الأمر متوقعاً، وأربيل بديل واشنطن لتل أبيب ودبي معاً، كعاصمة اقتصادية واستراتيجية، ومنها كلّ مقرات التنصّت على إيران وربما أيضاً روسيا والصين، ففيها ما لا ثقة لواشنطن لوضعه في باكستان وتركيا.
حدث ما ليس متوقعاً، وصار القتال لحماية أربيل مهمة أميركية مباشرة، فصدرت مجموعة من القرارات لكن المهم منها لم يصدر بعد ولا يزال قيد النقاش، وهو قرار التحدث مع الدولة السورية بعدما صار التعاون مع إيران أمراً محسوماً.
لا يزال في واشنطن من يقول يمكن لـ»داعش» أن يستنزف سورية، وأن نقاتله في العراق، كما لا يزال في واشنطن من يقول إنّ الوقت لا يرحم وعلينا التحدث فوراً مع سورية ورئيسها، لأنّ الحرب والمنطقة يدخلان مرحلة حاسمة وما تستطيعه الطائرات الأميركية هو منع التقدم الداعشي إذا بقيت في الأجواء كما هو الحال، لكن هذا مستحيل، فلا بدّ من رجال يقفون للتصدّي لرجال «داعش» الذين يثيرون الرعب في نفوس جنود الجيش العراقي والبيشمركة على حدّ سواء، لكن الجيش السوري ومقاتلي حزب الله وحدهم لا يأبهون لهؤلاء.
لبنانياً لم يغيّر الحدث الكثير سوى المشاركة في الحضور إلى أربيل، كما فعل وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، بينما تفرّغ النائب وليد جنبلاط لاستطلاع بالنار لما سمعه من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول الاستحقاق الرئاسي، فزار الوزير السابق سليمان فرنجية، بعد زيارته العماد ميشال عون، مستكشفاً فرص التفاهم الرئاسي، من جهة وفرص تشكيل ائتلاف هادئ يضمّ الثامن من آذار مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، للنهوض بالاستحقاقات الداهمة من جهة أخرى.
التمديد أصبح واقعاً
على صعيد الاستحقاقات الداخلية، لم تبرز أي مؤشرات جدية من شأنها حلحلة الأزمة الرئاسية، على رغم اللقاء اللافت الذي عقد أمس في بنشعي بين رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. ووضعت مصادر قريبة من جنبلاط الزيارة في إطار الاتصالات التي يقوم بها الأخير مع القيادات السياسية بحثاً عن خيوط ولو بسيطة تلتقي حولها الأطراف بما خص الاستحقاق الرئاسي، وكذلك السعي للحؤول دون تمدد الفراغ إلى مجلس النواب. إلا أن المصادر اعترفت بأن الموضوع الرئاسي لم ينضج على ما يبدو حتى الآن، مشيرة إلى أن مساعي جنبلاط تهدف أيضاً إلى تحصين الاستقرار الداخلي في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف البلد وكل فئات المجتمع اللبناني. وفيما قال جنبلاط إنه «مهما كان التفاوت السياسي تبقى هناك محطات مشتركة للحفاظ على وحدة لبنان واستقراره»، أكد فرنجية أن «اللقاء كان ودياً جداً، وهناك أشياء نختلف عليها وأخرى نتفق عليها، ولكننا نؤمن بالحوار، ونمتلك الهاجس نفسه على لبنان». وأعلن الجانبان أنهما لا يملكان حلاً للأزمات الراهنة.
ولوحظ أن وزير الاتصالات بطرس حرب حاول الالتفاف على ضرورة حصول إجماع نيابي على انتخاب رئيس الجمهورية بدعوته إلى انتخاب الرئيس في الدورات التي تلي الدورة الأولى بنصاب النصف زائداً واحداً، وهذا النصاب مؤمن من خلال موقف بري وكتلته.
إلا أن الأمر المؤكد الوحيد هو أن التمديد لمجلس النواب أصبح ثابتاً بعد انتهاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة من دون أن يبتها مجلس الوزراء في اليوم الأخير من المهلة القانونية، علماً أن وزير الداخلية نهاد المشنوق رفع كتاباً بهذا الخصوص إلى مجلس الوزراء. وتقول مصادر سياسية إن التمديد لمجلس النواب أصبح حاصلاً فعلاً وينتظر حصول توافق بين الكتل النيابية على ما يمكن وصفه بـ «صفقة» تسبق وتلي التمديد بدءاً من إعادة التشريع إلى المجلس.
إلا أن وزير العمل سجعان قزي أكد أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قد يعرض في جلسة يوم الخميس. وشدد قزي على «أننا كرافضي التمديد قد نقبل به لأشهر قليلة لوضع قانون لانتخاب مجلس نيابي جديد، ولكن إذا قبلنا التمديد فهو تمديد للشغور الرئاسي».
من جهته، نفى عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش «وجود صفقة لتمرير سلسلة الرتب والرواتب مقابل التمديد لمجلس النواب». وأكد أن «الذهاب إلى انتخابات نيابية ولبنان في أتون صراع المنطقة في ظل فراغ رئاسي يؤدي إلى كارثة لأن الحكومة ستصبح حكومة تصريف الأعمال»، معتبراً «أن الأفق لا يزال مسدوداً أمام إمكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية قريباً».
وأشارالنائب ايلي ماروني على حركة الاتصالات التي يقوم بها رئيس حزب «الكتائب أمين الجميل «بغية إعادة إحياء المؤسسات وفي الطليعة انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، لافتاً إلى أن الجميل التقى شخصيات عدة وهو سيلتقي جنبلاط في الأيام المقبلة.
أزمة التصحيح والإفادات
أما في الشأن التربوي فيبدو أن قرار إعطاء الإفادات أخذ طريقه إلى التنفيذ مع بدء وزارة التربية طبع الإفادات بديلاً عن الشهادة الرسمية، وتأكيدها أن قرار إصدار الإفادات أصبح نافذاً وبات بإمكان الطلاب الانتساب إلى الجامعات والقوننة تأتي لاحقاً، على رغم قرار الجمعيات العمومية لنقابة المعلمين العودة عن قرار مقاطعة تصحيح الامتحانات بينما أبقت مجالس نقابات التعليم الثانوي على قرار المقاطعة.
وإذا كان القرار النهائي ينتظر ما سيصدر عن هيئة التنسيق بعد ظهر اليوم فإن مصادر الهيئة أكدت لـ «البناء» أن التوجه هو نحو الاستمرار في مقاطعة تصحيح الامتحانات، وحملت وزير التربية المسؤولية الكاملة عن قرار إعطاء الإفادات. ورأت المصادر «أن البعض يريد الهروب من المشكلة الأساس وهي سلسلة الرتب بينما مقاطعة تصحيح الامتحانات نتجت من المشكلة الأساس».
وتعقد لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة جلسة عند العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم برئاسة النائب بهية الحريري وحضور وزير التربية الياس بوصعب، وذلك للبحث في القضايا التربوية الملحة.
توقيف مسؤول سابق في «المستقبل»
أمنياً، قطع شبان طريق كورنيش المزرعة احتجاجاً على توقيف المسؤول السابق في تيار «المستقبل» إبراهيم دياب. وقد وصلت قوة من الجيش إلى المنطقة لفتح الطريق، التي قُطعت في الاتجاهين بالإطارات المشتعلة عند تقاطع جامع عبد الناصر.
وعلم انه تم إلقاء القبض على دياب في مطار بيروت الدولي.