أردوغان.. وموائد رمضان

وردة بية

الكلّ يعلم أنّ موائد الافطار الرمضانية هي من أوصلت أردوغان الى ما وصل اليه، فكسب عن طريق سياسة «أطعم الفم تستحي العين»، قاعدة عريضة من المتعاطفين الأتراك، ومن ثم الوصول الى رأس السلطة… لا أحد ينكر السنوات الوردية والنجاح الذي حققه الرجل في بدايات حكمه، كما أنّ لا أحد ينسى الدور الدونجواني الاستعراضي الكبير الذي أدّاه في مؤتمر دافوس، عندما تحدّى بلغة شديدة اللهجة الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيريس حول سياسة «إسرائيل» اتجاه غزة، وترك مكانه وخرج محتجاً. الحق يُقال إنّ الرجل اكتسب بموقفه ذاك شعبية الأبطال الفاتحين، فرأى محللون كبار وقتها أنه دخل الى القلوب من هذه البوابة، ولكن ما لبث أن خرج منها يقول معلقون – بسبب المفارقات والمتناقضات التي وقع فيها وهي: حجم التبادل الاقتصادي مع «إسرائيل» الذي وصل الى الذروة في عهده عام 2014 رغم الوضع السياسي المتأزم ظاهرياً بين تركيا و«إسرائيل». ويشير محللون اقتصاديون الى أنّ الانتعاش الاقتصادي بينهما يزداد كلما وصل الاسلاميون الى الحكم في تركيا…! حيث ذكر موقع «i24news.tv» الالكتروني أنّ حجم التبادل التجاري حطم رقماً قياسياً جديداً، ووصل إلى ذروة جديدة عام 2013 متجاوزا 4.85 مليار دولار، بزيادة 39 مقارنة بالعام 2012. ووصل حجم التبادل إلى هذه الذروة بفضل ازدياد الصادرات الإسرائيلية لتركيا بنسبة 76 وازدياد الاستيراد الإسرائيلي من تركيا بنسبة 13 …!

ناهيك عن التدريبات والمناورات العسكرية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي بعيداً عن عين وسائل الاعلام في الأراضي التركية! بالإضافة الى فضيحة مؤونة الغذاء التي قدّمت للجنود الاسرائيليين خلال العدوان الأخير على غزة…! وآخر المعلومات المسرّبة تؤكد أنّ مسؤولين اسرائيليين أجروا محادثات مع تركيا على المستوى الديبلوماسي لبحث إمكانية استعادة التحالف السياسي بين الجانبين. كما أوضحت صحيفة «هآرتس» أنه تمّ استئناف المحادثات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق مصالحة يفضي الى تعاون أكبر بين الجانبين.

أبناؤنا المُغرّر بهم لا يفرّقون بين العلاقة مع اليهود والعلاقة مع الصهاينة المحتلين، فعندما تقول لهم إنّ أردوغان زار «إسرائيل» ويسعى الى اقامة علاقات اقتصادية استثنائية وغير مسبوقة معها، يقولون لك : «ولما لا، فالرسول محمد كانت له علاقة حسن جوار مع اليهود في مكة «. ليتبيّن بأنهم لا يفرّقون أساسا بين اليهود الذين عايشوا الرسول وكانوا أصحاب الأرض وقتها، وبين صهاينة العصر مغتصبي الأرض العربية… ففي حالة الرسول، كانوا أبناء وطن واحد والسلام بينهم واجب، أما في حالة أردوغان فلا يمكن أن يطلق عليها سوى «الخيانة العظمى».

قد يقول قائل إنّ النظام العلماني التركي أنشأ علاقات مع «إسرائيل» قبل وصول أردوغان، ولماذا نُحمّله وحده تبعات هذه العلاقات المتجذرة؟ لنردّ في المقابل ونقول: ولماذا تنتعش في عصره وتصل الى مستويات قياسية، وهو الإسلامي الذي يجاهر بدعم «غزة»؟

هذا على الجانب الاسرائيلي العدو المفترض ، أما على الجانب السوري والعراقي الجار والصديق المفترض فالمؤامرة أصبحت مكتملة الجوانب، عندما فتح الحدود البرية التركية من شرقها الى غربها لإطالة أمد الأزمة في سورية وغضّ الطرف عن دخول آلاف «الجهاديين» من كلّ بلدان العالم الى سورية عبر تركيا وإمدادهم بالأسلحة، حيث تمّ توثيق هذه الفضائح بالصوت والصورة عبر وسائل إعلام تركية معارضة. مثلما تمّ توثيق عبور آلاف حاملات النفط السوري والعراقي إلى تركيا عبر وسائل رصد روسية. ناهيك عن القضاء على أكبر مصانع الشرق الأوسط في حلب وتحويلها الى تركيا بـ«رخص التراب» عن طريق المقايضة بالسلاح، وموقفه المريب من اجتياح داعش للموصل العراقية وعدم تحرّكه بعكس ما فعل مع سورية.

المفكر الإخواني السابق كمال الهلباوي لم يفوّت فرصة للتعليق على مفارقات أردوغان فقال متهكماً: «سيبك بقى من دافوس واللي بيعملو أردوغان» ملمّحاً الى أنّ الرجل استثمر هذا الموقف طولاً وعرضاً.

أما الفنان الكوميدي أحمد آدم في برنامجه «آدم شو» فقد فضح السياسة الأردوغانية مخاطباً الرأي العام العربي قائلاً: «شغل مخك» وتساءل: كيف يسمّي أردوغان من يحملون السلاح في سورية بـ«الثوار»، ويسمّي الأكراد الذين يعارضون سياسته ولا يحملون السلاح في تركيا بـ«الارهابيين»؟ وخصّص حصة كاملة تحدّث فيها عن لعبة «حلب تحترق» وكيف يستغلّ تجار الأزمات الدم السوري للمتاجرة به من خلال الصراخ الإعلامي لحماية الارهابيين…!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى