تركيا المُحتلة… كيف يستقيم لدعاة التديّن الإخواني السلفي مساندة تركيا حليفة «إسرائيل» قاتلة الفلسطينيين وحارقة الأقصى
د. رفعت سيد أحمد
إنّ ادّعاءات تركيا أردوغان أنها دولة تحمي وتدافع عن مقدسات الإسلام وعن جماعات الثورة الإسلامية في مصر وسورية، لهي ادّعاءات كاذبة، لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالكيان الذي يحرق الأقصى ويقتل الفلسطينيين ويدمّر مقدسات الأمة، فكيف يستقيم الأمر؟! إننا أمام منافق عظيم اسمه أردوغان، وجماعات إرهابية منافقة تدعي الإسلام.
إنّ التاريخ يحدّثنا ومعه الواقع أنّ تركيا التي يحبّها الإسلاميون في مصر ويحبّها يوسف القرضاوي وجماعته في ذلك التنظيم القطري الأميركي المسمّى بـ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، ربما أكثر من حبّهم لبلدهم مصر أو لوطنهم العربي، ويتمنّون إعادة إنتاج نموذجها في الحكم، ويقلّدونها تقليداً أعمى حتى على مستوى تسمية أحزابهم بأسماء شبيهة بحزب العدالة والتنمية مثل الحرية والعدالة و البناء والتنمية وغيرها من الأسماء المقلّدة بلا وعي، تركيا هذه هي أول بلد في العالم تعترف بـ«إسرائيل» 28 آذار/ مارس 1949 وتحتفظ اليوم بعلاقات دافئة جداً مع تل أبيب، والتاريخ يقول لنا إنها كانت تاريخياً في صف الأعداء فلقد انضمّت إلى حلف بغداد المعادي لمصر عبد الناصر عام 1955، وأيّدت العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والتدخل الأميركي في لبنان، ونشر قوتها على الحدود العراقية للتدخل في إسقاط ثورة 14 يوليو 1958، إضافة إلى تلويحها المستمرّ بقطع المياه عنه أو تخفيض حصة سورية والعراق من المياه وإنشاء السدود والخزانات لإلحاق الضرر بالزراعة في العراق وسورية، وانتهاكها المستمرّ لحرمة الأراضي العراقية منذ عام 1991 ولحدّ الآن بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي P.K.K مستغلة الأوضاع الشاذة في شمالي العراق، وتتعاون بقوة مع أميركا والكيان الصهيوني في مجال التصنيع العسكري للصواريخ وشبكات الليزر التكتيكية المضادّة للصواريخ والتي تحمل اسم نويتلوس وهي شبكة تمّ نشرها في أواخر عام 1997، وثمة اتفاقات عديدة بين تركيا والكيان الصهيوني على إنتاج صاروخ بوياي – جو ارض والذي تنتجه تركيا لصالح الكيان الصهيوني، وتآمرها الواضح على وحدة الأراضي السورية تحت مسمّى وهمي اسمه «دعم الثورة السورية»، فضلاً عن محاولاتها المستمرة لاحتواء حركة حماس وتحويلها إلى حركة مقاومة سياسية فقط دون الجهاد المسلح خدمة لـ«إسرائيل» التي تربطها بها علاقات وطيدة، من أبرز ملامحها:
1 – في 1958، وقع داڤيد بن غوريون وعدنان مندريس اتفاقية تعاون ضدّ التطرف ونفوذ الاتحاد السوڤياتي في الشرق الأوسط. وفي 1986 عيّنت الحكومة التركية سفيراً كقائم بالأعمال في تل أبيب. وفي 1991، تبادلت الحكومتان السفراء وفي شباط/ فبراير وآب/ أغسطس 1996، وقعت حكومتا تركيا و«إسرائيل» اتفاقيات تعاون عسكري. وقد وقع رئيس الأركان التركي چڤيق بير على تشكيل مجموعة أبحاث استراتيجية مشتركة، ومناورات مشتركة، منها تدريب عروس البحر ، وهي تدريبات بحرية بدأت في كانون الثاني/ يناير 1998، ثم تدريبات مع القوات الجوية، كما يوجد عدة آلاف من المستشارين العسكريين الإسرائيليين في القوات المسلحة التركية. وتشتري تركيا من «إسرائيل» العديد من الأسلحة وكذلك تقوم «إسرائيل» بتحديث دبابات وطائرات تركية.
منذ 1 كانون الثاني/ يناير 2000، أصبحت اتفاقية التجارة الحرة «الإسرائيلية» التركية سارية.
على الرغم من معارضة تركيا لتقسيم فلسطين عام 1947 إلا أنها كانت أول دولة إسلامية تقيم علاقات رسمية مع «إسرائيل» – كما سبق وذكرنا – وسارعت إلى عقد اتفاقيات تجارية بعدها، وبعد عضوية تركيا في حلف الناتو اقتربت سياستها من الايديولوجية الأميركية واتجهت إلى تعميق علاقاتها مع «إسرائيل».
وشهد العام 1994 أول زيارة لرئيسة الوزراء التركية تانسو تشيلر إلى «إسرائيل» لأول مرة، وبعدها، ظهرت الاتفاقيات العسكرية السرية إلى النور في 1996 بتوقيع الاتفاقية الأمنية العسكرية التي اعتُبرت مخالفًه للقانون، لأنها وُقعت دون موافقة لجنة الشئون الخارجية في البرلمان التركي، ومع ذلك استمرّت حتى يومنا هذا.
وتضمّنت الإتفاقية إقامة مناورات مشتركة برية بحرية – جوية وتبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين وتبادل الاستخبارات الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري، إضافة إلي تعاون وثيق في صيانة وإحلال وتجديد سلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي التركي بقيمة تتجاوز ملياري دولار.
2 – حتى 2016 لا تزال عقود التسلح تمثل صلب التعاون العسكري بين أنقرة وتل أبيب بل تضاعفت عما كانت عام 2006 وتحوّلت إلي شراكة استراتيجية منحت شركات الأسلحة «الإسرائيلية» عقوداً معلنة وسرية لتطوير الدبابات M60 وتحديث المقاتلات أف-16 و أف-5 وبيع طائرات بدون طيار.
3 – من إجمالي الحركة التجارية بين تركيا و«إسرائيل» كانت عقود الأسلحة تمثل بين 65٪و 72٪ وبينما وصل التعاون العسكري في العام الحالي 2016 بين الجانبين إلى 2.5 مليار دولار فإنّ الاتفاقيات الموقعة والتي لم تلغ حتى الآن ترفع الرقم إلى قرابة الـ 7 مليار دولار وهو حجم الصفقات والتعاون بين البلدين في 2016 وخاصة بعد عودة العلاقات الدبلوماسية الدافئة إثر المصالحة بعد حادث السفينة مرمرة .
ورغم اتجاه تركيا إلى تنويع مصادر مشترياتها من السلاح وإنشاء صناعة وطنية كبديل الا أنها لم تخفض من اتفاقاتها العسكرية مع «إسرائيل»، بل علي العكس استمرّت في منح «إسرائيل» المجال الجوي والبحري للمناورات والتدريب وفتح قواعدها العسكرية في قونيا وأنجرليك لتستعملهما المقاتلات الإسرائيلية يا ترى ضدّ؟!.. السؤال للإسلاميين السذج! فالدم الفلسطيني واللبناني خير مجيب إنْ هم أعجزتهم الإجابة!!
4 – التعاون الاستراتيجي، العلاقات الاقتصادية… تفيد معطيات وزارة التجارة والصناعة «الإسرائيلية» بأنّ تركيا تحتلّ المرتبة السادسة في قائمة الصادرات «الإسرائيلية» لدول العالم. الناطق بلسان الوزارة براك غرانوت يشير إلى أنّ حجم التبادل التجاري بين تركيا و«إسرائيل» شهد تطوّراً هائلاً، ونبّه إلى أنه ارتفع من 300 مليون دولار في 1997 إلى 3.1 مليارات دولار عام 2010 وفيه بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية لأنقرة ملياراً وربع المليار دولار.
5 بالعودة إلى الاتفاقية الأمنية العسكرية سنة 1996 بين تركيا و«إسرائيل» نجد أنّ من أبرز بنودها والتي تنفذ اليوم في ظلّ حكومة أردوغان صديق وحامي وراعي الإخوان المسلمين وجماعات داعش وأخواتها:
أ- خطة لتجديد 45 طائرة f – 4 بقيمة 600 مليون دولار، تجهيز وتحديث 56 طائرة f – 5، صناعة 600 دبابة m – 60 ، خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية «ميركافه»، وخطة مشتركة لإنتاج طائرات استطلاع بدون طيار، وخطة مشتركة لإنتاج صواريخ أرض جو «بوبي» بقيمة نصف مليار دولار بمدى 150 كم.
ب – تبادل الخبرة في تدريب الطيارين المقاتلين.
ج – إقامة مناورات مشتركة برية بحرية – جوية.
د – تبادل الاستخبارات المعلومات الأمنية والعسكرية بخصوص المشاكل الحساسة مثل الموقف الإيراني والعراقي والسوري وطبعاً التجسّس على الفلسطينيين واللبنانيين المقاتلين.
هـ – إقامة حوار استراتيجي بين الدولتين.
و – التعاون الاقتصادي تجاري صناعي وعسكري .
6 – العلاقات التركية – الإسرائيلية تتحكّم بها عناوين ثلاثة: مشروع أنابيب السلام، واتفاق التعاون الاستراتيحي، واتفاق التجارة الحرة. هذا ويتلخّص مشروع «أنابيب السلام» في إقامة محطة بمنطقة شلالات مناوجات التركية لتزويد «إسرائيل» بكمية 50 مليون طن سنوياً من المياه لمدة 20 عاماً. ويستند المشروع إلى ضخّ المياه في أنابيب برية عبر الأراضي السورية، ثم دخولها إلى شمال لبنان أو شمال شرق الأردن، وبعدها إلى الأراضي الفلسطينية، أو نقلها بحراً إلى الساحل «الإسرائيلي» في حال عدم توقيع اتفاقية سلام بين «إسرائيل» وكلّ من سورية ولبنان. وتشير مصادر إلى انتهاء بناء المحطة التركية، مع بقاء تنفيذ المشروع معلقاً. مشروع تبلغ تكلفته نحو مليار دولار، ووُقِّعَ في عهد أجاويد، علماً بأنّ أوزال بدأ يتحدّث عنه منذ 1991 بقوله المشهور «مثلما يبيع العرب البترول، يجب على تركيا أن تبيع بترولها، أيّ المياه». وقد تمّ التوقيع على الاتفاق في آب/ أغسطس 2002، ويتردّد اليوم أنّ أردوغان قد أعطى إشارة العمل الفوري فيه بأوامر أميركية وبروح براغماتية بحتة لا ترى تناقضاً بين ادّعائه دعم السلام والمسلمين وعلاقاته المسائية والعسكرية مع أعدائهم، الصهاينة!، أما المحوران الآخران التعاون الاستراتيجي والتجارة الحرة فهما قائمان على قدم وساق ويتمّ التوسع فيهما رغم اللهجة العالية التي يطلقها أردوغان ضدّ «إسرائيل» بين حين وآخر ليرضى السذج من العرب والإسلاميين والذين للأسف يصدّقونه، ويتخيّلون بعقولهم السطحية أنّ هناك خلافاً بينه وبين «إسرائيل»! بيد أنّ عاموس جلعاد، رئيس دائرة الشؤون السياسية – العسكرية في وزارة الدفاع الاسرائيلية صرّح لراديو «إسرائيل»، انّ «العلاقات العسكرية بين «إسرائيل» وتركيا لا تزال مستمرة ولا يزال الملحق العسكري الاسرائيلي يواصل عمله»، وأنّ ما تدّعيه تركيا وأردوغان من قطع للعلاقات العسكرية ليس سوى كلام للاستهلاك المحلي والعربي ليس إلا .
ثم أضاف المسؤول الإسرائيلي أنّ التعاون العسكري التركي والإسرائيلي لا يزال قائماً ومتطوّراً، خاصة في مجال تحديث طائرة F-4 فانتوم تركيا وطائرات F-5 بتكلفة 900 مليون دولار وتطوير 170 من دبابات M60AI لتركيا 500 مليون دولار، بوب I وصواريخ بوباي II 400 كم 250 ميلاً مجموعة دليلة صواريخ كروز بوب II سطح جو من طراز صواريخ مقابل 150 مليون دولار السهم المضاد للصواريخ الباليستية للصواريخ متفق عليه من قبل «إسرائيل»، إقرار، الولايات المتحدة ينتظر 400 كم 250 ميلاً مجموعة دليلة صواريخ كروز التفاوض .
وينصّ الاتفاق العسكري مع «إسرائيل» بعد تجديده في عهد أردوغان على تبادل الطيارين ثماني مرات في السنة حيث يسمح للطيارين الإسرائيليين بممارسة طويلة المدى مع التحليق فوق الأراضي التركية الجبلية بهدف طبعاً التدريب على أراض شبيهة بالأراضي الفلسطينية، يعني وباختصار للمشاركة المباشرة في قتل الفلسطينيين، ودفن القضية الفلسطينية التي كان ينبغي أن يعتبرها إسلاميو الثورات الجديدة الذين يعيشون الآن في تركيا بعد طردهم من مصر وسورية بمثابة قطب الرحى لأنّ بها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين!! أم يا ترى العلاقة مع تركيا أردوغان أهمّ لدى إسلاميينا ونخبتنا المخدوعة، من القدس ، ومن الحقيقة؟ تلك الحقيقة التي تقول ببساطة واختصار إنّ تركيا أرودغان دولة مُحتلة دولة منافقة كارهة لمصر ولسورية وللوطن العربي، ولا علاقة لها بالإسلام أو بالثورة، إنها الوجه الآخر والقبيح لواشنطن وتل أبيب في كراهية العرب وذبحهم!
Email:yafafr hotmail.com