أردوغان.. حساب البلطجي!
نظام مارديني
لا تزال تركيا تحت وقع الصدمة التي خلفتها التفجيرات الدموية في مطار أتاتورك في اسطنبول، تلك التي قام بها تنظيم داعش الذي كان يتخذ من تركيا منطقة انسحاب وقاعدة للتزوّد بالمعدات اللوجيستية والمساندة، رغم أن هذه التفجيرات لا «تفسد للود قضية» مع انقرة.
تزامن التفجيرات مع تحولات مهمة في السياسة الخارجية التركية، وهذه التحولات ترافقت وتدهوراً داخلياً مهماً على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي وأمني. وهو ما شكل علامة فارقة في تأكيد فشل مشروع اردوغان اوغلو في المنطقة عموماً، ولذلك كان هدف التنظيم الإرهابي من توجيه ضربة إلى الحليف التركي:
اولاً، السعي إلى إذكاء نار الخلافات السياسية في تركيا. إذ لطالما بادر السياسيون الأتراك في الماضي إلى اتهام حزب العمال الكردستاني في كل مرة وقعت فيها تفجيرات، ما أدى إلى زيادة التوتر بين الأكراد والحكومة التركية، وذلك منذ أن علّقت أنقرة في صيف 2015 مفاوضات السلام مع الأكراد، مفضلة في ذلك الخيار العسكري، وتعتبر الحرب على حزب العمال الكردستاني أولوية قصوى لتركيا، وهذا ما يحاول داعش الاستفادة منه بهدف إذكاء الخلافات السياسية.
ثانياً، تحذير أنقرة من أنها ذهبت بعيداً في التطبيع مع روسيا بعد رسالة الاعتذار، وهذا ممنوع طالما العدوان قائم على سورية ومحورها المشكل من روسيا وإيران والصين، وضمناً مع المقاومة اللبنانية. ولذلك قاد التفجيرات الإرهابية ثلاثة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق داغستاني وأوزبكستاني وقيرغيزي .
ثالثاً، اعتقاد «داعش» بأن العدوان على سورية والعراق يكاد يشرف على نهايته، بعد التطورات العسكرية المتسارعة في حلب والرمادي والاستعدادات العالية لتحرير الموصل والرقة.
وفي ضوء ذلك، فإنه من الطبيعي أن يؤدي انسحاب «دواعش» الجمهوريات السوفياتية إلى تفجير هنا وتفجير هناك ولا يهم إن كانوا «الكفار» أو الحلفاء.
رابعاً، إن التحولات ستدفع تركيا، إلى فتح كوة في الجدارين السوري والعراقي في محاولة تطبيع مع دمشق وبغداد، ولطالما حذرت العاصمة السورية من أن كرة الإرهاب سترتد، آجلاً أم عاجلاً، الى ملعب اولئك الذين رموا بها في الهلال الخصيب بهذه الطريقة الوحشية والظالمة.
ولكن لكي تتحقق هذه التحولات فإن أنقرة مطالبة بالكثير، منها غلق الحدود، إيقاف حركة تدفق الإرهابيين، البحث في اتفاقيات أمنية جديدة مع دمشق وبغداد. وحينها فقط يمكن القول بأن التغيير في السياسة الخارجية التركية قد لاقى صداها في تأكيد اتباع دبلوماسية تسهم في نشر السلام والاستقرار والعلاقات الحسنة مع دول الجوار.
ولكن السؤال الذي يطرحه المراقبون، هل يمتلك أردوغان القدرة والسلطة الكافية لإغلاق حدوده مع سورية والعراق بعيداً عن قائد القوات الأميركية في تركيا. إضافة إلى رئيس محطة الـ CIA في أنقرة؟
الرئيس السوري بشار الأسد، قرأ رغبة أردوغان في التطبيع مع دمشق، خصوصاً بعد حديث رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم عن «الحرب العبثية» في سورية، ولذلك أطلق الأسد هجومه القوي في خطاب افتتاح دورة البرلمان الجديد، ليغلق على أردوغان أي صيغة للاستفادة من انتصارات الجيش السوري، جزاء وعقاباً له على خيانته. وجاء وصف الأسد للرئيس التركي بأوصاف الفاشي والبلطجي، مع وعد بأن تكون حلب مقبرة له، ليغلق الباب في وجهه نهائياً.
للكاتب التركي جنكيز شاندار ما يشي بنهاية الأزعر: «تعالوا نبحث عن أردوغان بين الأنقاض في سورية».