«إسرائيل» تتحرّك بوجه ترامب وتحسم خيارها: ترويج دولي وإعلامي لكلينتون
روزانا رمّال
تعيش الولايات المتحدة مرحلة حاسمة من تاريخها تمتدّ حتى نهاية ولاية باراك أوباما في شقين أساسيين يحسمان مصير هوية المرحلة المقبلة، الأول يتعلق بمسألة الإرهاب وإمكانية اعتباره جزءاً من مخطط «ساري المفعول» عند أيّ اجندة سواء كانت هوية الرئيس أكان جمهورياً أو ديمقراطياً ، والثاني التقدّم نحو استحقاق رئاسي بمرشحين مثيرين للجدل الأول بشخصية مريبة وغريبة على رجال الساسة الأميركيين كرجل الأعمال دونالد ترامب والثاني بلفتة مغايرة تتمثل بإمكانية وصول أول امرأة لسدة الرئاسة كالمرشحة هيلاري كلينتون.
وبالحالتين تبدو فكرة الحسم عند الرأي العام الأميركي الذي اثبت انه تواق للتغيير وبعناوين عريضة ومبهرة ظاهرياً غير واضحة حتى الساعة. فالمرشحان هذه المرة لديهما ما يكفي لجعل المعركة متقاربة، فمرحلة اختيار اول رئيس اسود في الولايات المتحدة تحكي هذه النزعة الأميركية بالتمايز الذي قد يجد فيه بعض الطامحين للتغيير وجهاً من وجوه الانتقال الى مرحلة جديدة ما يبرز طريقة تفكير المقترع الأميركي الذي يبدو أنه يأخذ بعين الاعتبار هذه الشكليات أكثر من اعتبار انّ همّه الاساسي هو اختيار المرشح الأكثر قدرة على حماية وجه أميركا دولياً وإعادة العلاقات الجيدة مع الدول التي تضرّرت بفعل سياساتها التوسعية، وخصوصاً في الشرق الأوسط، اضافة الى اختيار الأكثر قدرة على تخليص العدد الكبير والهائل من المواطنين الأميركيين العاطلين عن العمل من البطالة التي تجتاح البلاد بشكل يشرح بعد معظمه عن «السياسة». وفي هذا الإطار يطرح المرشح الجمهوري دونالد ترامب رجل الاعمال الشهير آفاق عدة لإصلاح ما افسدته السياسات الاقتصادية المتعاقبة اولاً والسياسية التي أثبتت فشلها ثانياً مع دول أصبحت تعتبر خصماً لدوداً لواشنطن لحسابات توسّع لم تعد قادرة عليها. وهنا بغضّ النظر عن شخصيته غير المحبّبة لدى الطبقة التي تعتبر تصريحاته متهوّرة ولا تتناسب مع صورة أميركا، وبالتالي فإنّ فرص ترامب في إرضاء هذه الفئة معدومة مقابل ما تقدّمه وزيرة خارجية أميركا السابقة هيلاري كلينتون كوجه من وجوه الديبلوماسية واللياقة السياسية صاحبة العلاقات الواسعة دولياً والخبرة بملفات عدة، خصوصاً في ما يتعلق بالشرق الأوسط والملف الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» ما بات بالنسبة لواشنطن الهمّ الأكبر القادر على دهورة أمنها إذا أساءت مجدداً قيادة المنطقة هناك.
سيدة أميركا الأولى سابقاً، تنافس ترامب بما يمكن أن يجعل منه مرشحاً ضعيفاً، لكن هذا لا يعني عدم وقوعها امام مخاطر الأخذ بعين الاعتبار سياسة الحزب الديمقراطي الذي تمثله وفشله في مسألة مكافحة الإرهاب التي بدت أولى اهتمامات أوباما منذ تسلّمه الولاية الثانية التي وعد فيها بإخراج جنوده من أفغانستان بحلول أواخر عام 2016. وهنا تحضر سورية وما يعنيه من تطورات كارثية فيها أنشأت فصائل إرهابية مضاعفة جعلت من مسألة العراق وافغانستان جزءاً بسيطاً من مخاطر ما تمثله سورية بموقعها القادر على تصدير الإرهاب لأوروبا وبعدها الى أميركا. وهذا ما أثبتته احداث اورلاندو وغيرها من متفرقات واحداث اعادت الأميركيين إلى مشهد 11 ايلول واستحضرت معها مخاوف بهذا الإطار استطاع ترامب استغلالها للهجوم على سياسة أوباما من جهة، وللحديث عن نيات تقديم يد التعاون مع روسيا لمكافحة الإرهاب.
لا تبدو حظوظ ترامب قادرة على الاستقرار بالنسبة الأعلى التي وصل اليها اليوم، ففي حديث سجل له حول «إسرائيل» أثار ذعراً، تحدث ترامب عن نيته مراقبة مسألة تقديم السلاح للدول الصديقة، مقترحاً فكرة بيعها، وهنا بدت «إسرائيل» قلقة أكثر من أيّ وقت مضى، فحاول ترامب تصحيح موقفه بسرعة ليدرك أنّ تل أبيب ركيزة أساسية للفوز.
يواجه ترامب اليوم حملة دولية منظمة تدعم هيلاري كلينتون بشكل كبير وواسع بدأها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وكشف معها النيات «الإسرائيلية» التي ظهرت على لسان عاصمة أوروبية بارزة كباريس، وهي التي من المفترض أن تقف على الحياد في مسألة من هذا النوع، وألا تدعم جزافاً مرشحاً أميركياً بوجه الآخر تحسّباً لفوزه وإفساد العلاقة بين البلدين أولاً، وضرورة عدم التدخل بشؤون خارجية من هذا النوع ثانياً، وفرنسا التي لها سابقة الدعم «الإسرائيلي» بوجه إيران حتى آخر لحظة من توقيع الاتفاق النووي تقدّم رسمياً هذه الرغبة مجدّداً نيابة عن أوروبا.
يعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنّ انتخاب المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة «يمثل احتمالاً خطيراً سيجعل العلاقات مع واشنطن شائكة ويضع الأميركيين امام مسؤولية هذا الخيار»، وفي حديث لمجلة اقتصادية «ليزيكو»، يقول هولاند «إنّ انتخاب ترامب خطير وسيؤدّي إلى تعقيد العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة».
من جهتها وبشكل لافت يصبّ في خانة الترويج والترويج المضادّ تشير شركة «ايبسوس» للدراسات والأبحاث الدولية بعد قيامها بدراسة في 25 بلداً حول العالم إلى انّ هيلاري كلينتون تقدّمت بشكل كبير على منافسها دونالد ترامب بنسبة 57 من مجموع العينات في 25 بلداً مقابل 13 في المئة فقط لترامب، فيما قال 30 في المئة ممّن شملهم الاستطلاع إنهم لم يتخذوا قراراً بدعم أي من المرشحين»، لافتةً إلى أنه «لم يُعرب سوى 9 في المئة من المواطنين في الدول الخمس والعشرين التي شملتها الدراسة عن اعتقادهم بأنّ انتخاب المثير للجدل ترامب سوف يحمل نتائج إيجابية على السلام والأمن في العالم.
«إسرائيل» تتحرك بوجه ترامب وتحسم خيارها… كلينتون للرئاسة، فماذا يقدّم أوباما في آخر ولايته دعماً لها؟