ألا تعرفينني؟
أقتلع نبضي من أحشائي
فالجوع للحبّ يجعلنا نأكل بنَهَمٍ
فندمن على الجوع بعدها
قلبي عود كبريت
اكتفى بالاحتكاك بالعلبة
من دون أن يفتعل الاشتعال
كي لا ينطفئ!
ترتمي على ركبتي
كموجة فاجأت جزيرة فمحتها
وجلدي رمل تناثر بين خصل شعرك
ويداي تغرقان في المحيط
الفراغ الذي بيننا يحضننا
الماء في المحيط يلتمس جبيني
أغرق
نصف كفّي في الهواء الطلق
ونصفها يجتذبه موج شعرك
يغريني لأطبع ملامح عنقك على كفّيّ
تخّيلي أنه بإمكانك القبض على الماء
بالشدّ على الماء بأصابعك؟
لا!
ستفقدين الماء إذا تصلّبت أصابعك عليه
ستفقدين الماء إذا لم ترخي أصابعك
صارت أظافري مسامير تشقّ كفّيّ
تلتوي في الهواء وأقاوم تفَرُّس هالتك بي
كي لا أفقدك
أخاف منّي على عنقك الطريّ
أخاف منكِ
وحبّك ماء
لا يمكن العبور عليها إلا بالسقوط فيها
ولا حدود للعمق فيها إلا بالغرق!
عيناكِ تنغمسان في الشاشة
وقلبي بؤبؤ ينبض خلسة
كعصفور غطس منقاره في القمح مسرعاً
خوفًا من أن يسجن
حرةٌ أنا في النظر إليكِ
البوح في السرّ يفقده قيمته
والسارق يطارد حين يُكشف
ظنّوا أنّ الشمس تدور حول الأرض
قالوا إنّ الحبّ دائريّ
كذّب العلماء أنفسهم
فالشمس تجري جرياناً
كذلك حبّي يتدفّق إليكِ
ولو كان الحبّ دائرياً
لما التقينا!
ولو كان الحبّ دائرياً
لما شعرت بقلبك المسجون في قفصه
يهتدي إليّ!
لا تعرفينني؟
إذاً، كلّ ما عليك أن تعرفيه
أنهم يؤلّفون التاريخ ولا يكتبونه
اكتبيني فكلّ ما سبق كان تأليفاً
لا تعرفينني؟
المرء يُعَرف بما يحبّ
أُعَرّفُ نفسي بكِ إليكِ
وهل غريبة نفسك عنكِ؟
لا تعرفينني؟
اليابسة لراكب الطائرة مجرّدة من التفاصيل
اليابسة للّذين يقطنونها مزدحمة بالأشياء
اختاري السفر أم البقاء
لأُعَرّفكِ بنفسي!
نور صفيّ الدين