موازين ما بعد الصبر: حزب الله «جيش لا يُقهَر»
محمد صادق الحسيني
كلّ ما يجري من حلب الى الرقة الى دير الزور الى البوكمال الى الفلوجة الى الموصل ليس سوى حرب مشاغلة بانتظار ساعة الصفر فوق أرض الجليل وما بعد الجليل…!
هذا ما تشي به مداخلات هرتسيليا العلنية والسرية بالنسخة العبرية، كما بالنسخ العربية الصهيونية أو العثمانية الصهيونية…
وكما يقول القارئ الجيّد في تقاسيم العقل «الإسرائيلي» فإنّ ثمة من جديد في مسارح النزال:
الجديد أنّ لدينا معلومات هائلة عن نقاط قوتك ونقاط ضعفك يا «إسرائيل»…!
الجديد أننا أصبحنا قوة ردع حقيقية تردّ التهديد بالتهديد والضربة بأشدّ منها…
الجديد أننا نحن الجديد وأنتم القديم البالي العجوز الذي يأفل نجمه…
الجديد نحن العالم الجديد الذي ينهض على عالمكم القديم الذي ينهار رويداً رويداً…
هذا هو حال أهل القدس وناس القدس العرب منهم والعجم والقادم أخطر بكثير مما تعرفونه…
الجديد أنها ليست هرتسيليا هي مَن ترسم أو تقرّر السيناريوات المستقبلية…
يجزم العارفون بخبايا الأمور بأنّ السيد ليس فقط بات يملك سلاحاً كاسراً للتوازن التقليدي، بل إنه بات يملك سلاحاً يُعمي به بصر «إسرائيل»…
هذا هو حصاد الصبر الاستراتيجي لمحور المقاومة، فبعد 37 عاماً على رفع شعار «اليوم إيران وغداً فلسطين»، أصبحنا أقرب من أيّ يوم مضى لترجمة الحقيقة الكونية بأنّ «إسرائيل» ستزول…
هي السنن الكونية التي تقول لنا من جديد:
إنّ فلسطين هي القضية الأقدس التي تجمعنا والتي بسبب تمسكنا بها نحارب في الساحات كلّها من هرمز الى باب المندب ومن طهران الى الضاحية ومن تطوان الى البحرين…
هي السنن الكونية التي تؤكد من جديد، بأنّ أميركا وبريطانيا والأردن وكلّ أجهزة مخابرات ما يسمّى زوراً وبهتاناً بالمجتمع الدولي، أو التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ليسوا بقادرين على البقاء سوى لساعات في معبر تنف او مطار البو حمدان، مضطرين لسحب مَن تبقى من قواتهم المدرّبة لأشهر في كلية الملك عبدالله الثاني…!
في المقابل هي السنن الكونية التي تؤكد من جديد، بأنّ ثلة من رجال الله من الحشد الشعبي يستطيعون أن يخرجوا الأفعى من جحرها الفلوجة بعد أن عجزت أعتى القوى العظمى ومعها أجهزة المخابرات الدولية كلّها من تغيير خارطة الإرهاب الدولي التي ظلت محيطة بعاصمة الرشيد لسنوات طويلة لغاية في نفس يعقوب..!
وهي السنن الكونية أيضاً التي تؤكد في كلّ لحظة بأنّ حلب الشهباء برجالها الأوفياء من جيش ومقاومة وشعب أسطوري استطاعت أن تهز أركان سلطنة العثماني الجديد ومنعته من تحقيق حلمه فيها، بل وتجبره اليوم على الانحناءة للقيصر وغداً العودة طالباً النجدة من الساكن في آخر شارع فلسطين في طهران، وبعد غد الوقوف طويلاً على بوابة قصر الشعب السوري للطلب بإذن دخول ولو لمرة واحدة وأخيرة قبل الرحيل…!
كلّ المؤشرات الميدانية وغير الميدانية تؤكد من جديد بأنه أيضاً وأيضاً من السنن الكونية، بأنه ما قاتل أحد أيّ أحد السادة إلا وخسر، وما قاتل السادة في معركة إلا وانتصروا فيها، وسورية كتاب فصلت آيات صموده في سفر يوم القدس الخميني الكبير باعتبارها متن سفر المقاومة…
هي السنن الكونية التي تؤكد بأنّ مَن يستقيم ويثبت في الساحات ولو أحيط بجبل من «التفاهمات» الدولية وسلسلة جبال من «الصفقات التسووية» المشبوهة على أنقاض عروبة ممسوخة أو «إسلام صهيوني» مراوغ ومسخ مأجور لدى النيو ليبرالية العالمية، هو مَن سيرسم جغرافية النصر المبين ويدوّن مقادير الدهر فصلاً بعد فصل…
هي السنن الكونية التي تؤكد لنا في ساحات المواجهة اليومية كما في أروقة المفاوضات الملغّمة بأنّ قرن الشيطان سينكسر في الدرعية، وأن يمنّ الصمود هو الذي سيكتب الفصل الأخير في عمر حكومة العائلة أو الأسرة التي قامت مع بريطانيا سايكس – بيكو وسترحل مع بريطانيا – أوروبا العجوز…
هي السنن الكونية التي تقول إنّ الحرب المقبلة الكبيرة في المنطقة، لن تكون إلا تصويراً دراماتيكياً للجندي التائه في «جيش الدفاع الإسرائيلي» وهو يحاول التصدّي للزحف الأكبر من الجليل وغير الجليل نحو القدس الشريف…
هكذا هو سيناريو هرتسيليا هذا العام، والذي يظهر «إسرائيل» كما هي حقيقتها: «أوهن من بيت العنكبوت» مقابل حزب الله و«جيشه الذي لا يقهر» ما يشي بأنّ الجديد هو أننا أصبحنا نحن الأقدر والأعلى ولنا اليد العليا في أيّ نزال كبير مقبل…!
بعدنا طيِّبين قولوا الله.