الكيان السعودي والكيان «الإسرائيلي» صنوان في خدمة المشروع الصهيوني…
د. ميادة رزوق
«أريد أن أرى ابن سعود سيداً على الشرق الأوسط وكبيراً كبر هذا الشرق، على أن يتفق معكم أولاً يا مستر حاييم، ومتى تمّ ذلك يجب عليكم أن تأخذوا منه ما تريدون أخذه» هذا ما قاله تشرشل رئيس وزراء بريطانيا.
وقال وايزمن، وهو أحد كبار الصهاينة الذين أسّسوا الكيان الصهيوني: «إنشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول… والمشروع الثاني من بعده إنشاء الكيان الصهيوني بواسطته». وحاييم وايزمن هو أول رئيس للكيان الصهيوني في فلسطين، وبالتالي يمكننا القول بأنّ الانكليز قاموا بتأسيس العرش السعودي كمشروع أولي لإنشاء كيان اليهود، وكما تمّ البدء بالمشروع السعودي باسم الإسلام والعروبة، استمرّوا بضحكهم ومهازلهم من خلال السيطرة على الإعلام وتشويه الحقائق وقلب الصورة لتعميم المفاهيم التي أرادوها أن تدخل إلى خضمّ العقل العربي لمصادرته وسهولة الاستيلاء عليه.
وبذلك يمكننا التأكيد بأنّ الكيان السعودي والكيان الإسرائيلي هما صنوان يملكان الأهداف ذاتها، ويتناوبان ويتكاملان في إدارة مشروع نظام عالمي جديد يبدأ من صنع بيئة يتسيّدها الكيان الصهيوني والإسلام الوهابي الوصفة الأنجع لتقويض الإسلام والفتك به بهدف التقسيم والتفتيت والإنهاك لتطويق الدول المناهضة للسياسة الصهيو ـ أميركية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال سيناريوات عدة أبرزها تغذية الفتنة الطائفية لتحويل الصراع العربي ـ الصهيوني إلى صراع عربي ـ إيراني خدمة للمشروع الصهيوني، والانخراط المباشر في الحرب على سورية ودعم الفصائل المسلحة للتيارات الإرهابية والإسلامية والوهابية، من دون أن ننسى ما قامت به من إدخال قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين لحماية الأسرة الحاكمة فيها، والعدوان على اليمن لحماية الملاحة «الإسرائيلية»، والتآمر على حزب الله واعتباره حزباً إرهابياً، بالإضافة إلى تخفيض سعر النفط ورفع سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية لضرب الاقتصاد الوطني لدول محور المقاومة. كما سخرت الإعلام المرئي وإعلام التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام خدمة للتنظيمات الإرهابية وداعميها، واستمرّت بانخراطها بهذا السيناريو الصهيوني من خلال شرائها جزيرتَيْ تيران وصنافير من مصر بداية لإعلان التطبيع بشكل علني مع الكيان الصهيوني واستمراراً للهدف من العدوان على اليمن في حماية الملاحة الإسرائيلية وخدمة لاستكمال تحقيق أهداف المشروع الصهيوني في المنطقة بشقه التجاري والاقتصادي. ولم يتوقف السيناريو بتفاصيله ضمن المنطقة العربية بل تعداه إلى الدول الإسلامية في آسيا الوسطى: «تركمانستان، أوزبكستان، أذربيجان، أفغانستان، باكستان، طاجكستان، قرغيزستان» بعقد مجموعة من الاتفاقيات والمشاريع الاقتصادية والنفطية معها بهدف محاصرة وتطويق روسيا وإيران والصين، كما عمدت إلى بناء العديد من المساجد في هذه الدول وإنشاء العديد من الجمعيات والمنظمات الإسلامية بفكر إرهابي متطرّف ودعمتها مالياً بحجة نشر الدعوة الإسلامية، لتشكل خطراً كبيراً على روسيا وإيران والصين وسورية والعراق، وتكاملت مع إسرائيل في الدور من خلال الإعلان عن تشكيل ميليشيا جديدة في الجنوب السوري وتحديداً في درعا تحت اسم «جيش خالد بن الوليد» بضوء أخضر أميركي، وتعزيز الأميركيين وحلفائهم الغربيين وبأيدٍ صهيونية من وجود الضباط والمستشارين العسكريين «الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين والألمان» في الشمال السوري دعماً لـ «قوات سورية الديمقراطية» بحجة مساعدتهم في محاربة «داعش»، ليكون هؤلاء الضباط والمستشارون بمثابة النواة التدريبية والمشرفة على تشكيل ميليشيا جديدة قد يُعلن عنها قريباً بحيث تكون أساساً لما كانت واشنطن تبحث عنه سابقاً «أيّ جيش معارضة معتدلة»، أملا بتكريس الخطة «ب» التي تكرّس التقسيم، واستمراراً لاستنزاف الدولة السورية بهدف إسقاطها، وكانت آخر تفاصيل هذا المشروع حفلة التآمر التي قادتها الأيدي الصهيونية في دول غرب أوروبا بترؤس «إسرائيل» الدولة الأولى الراعية للإرهاب للجنة القانونية في الأمم المتحدة التي تُعنى بمكافحة الإرهاب بموافقة أربع دول وحكومات أعرابية، للسيطرة بشكل واضح وصريح على قرارات المحافل الدولية، وتمهيداً لإدراج حزب الله على قائمة الإرهاب… بالتزامن مع وحدة القرار الروسي الإيراني السوري العراقي بمكافحة الإرهاب، ولعلّ زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ولقائه الرئيس بشار الأسد تجديداً لعاصفة السوخوي رداً على نفاد الصبر الروسي من التباطؤ الأميركي…
فهل هي بداية النهايات لتبلور عالم جديد ضريبته المزيد من زهق الأرواح وسفك الدماء…؟