الحوثيون والأزمة اليمنية
حميدي العبدالله
بدعوة من عبد الملك الحوثي، زعيم تنظيم «أنصار الله» الذي يعرف بالحوثيين، خرج مئات الآلاف في المدن اليمنية الكبرى في تظاهرات احتجاج على قرار الحكومة اليمنية رفع الدعم عن المحروقات، ووجه الحوثي إنذاراً إلى الحكومة يدعوها فيه إلى الاستجابة لإرادة الشعب والاستقالة، إضافة إلى العودة عن قرار رفع الدعم عن المحروقات.
الأمر الهام واللافت للنظر ليس فقط إنذار الحوثي وما قد يترتب عليه من صدامات بين الحكومة وبين غالبية ساحقة من اليمنيّين، حيث من غير المستبعد أن تستولي الجماهير بدعم من حزب «أنصار الله» عبر انتفاضة شعبية على السلطة، في ضوء النجاحات التي حققتها هذه الجماعة ميدانياً ضدّ ميليشيا الإخوان المسلمين والمتعاطين معها في الجيش اليمني، إنما الأمر الهام واللافت للنظر هو حجم التأييد الذي يحظى به التيار الحوثي في كلّ أنحاء اليمن وليس في صعدة وحدها، فالحشود التي تقدّر بمئات الآلاف في مدينة صنعاء وحدها تعكس مدى هذا التأييد، وبالتالي القوة الشعبية والعسكرية التي يحوز عليها هذا التيار الذي يناصب العداء منذ فترة طويلة لأميركا والكيان الصهيوني، والذي اشتهر بهتافاته المعروفة «الموت لأميركا… الموت لإسرائيل».
وإذا ما أخذ بعين الاعتبار الثقل الذي تحتله أيضاً قوى الحراك في مناطق جنوب اليمن فيمكن الاستنتاج ببساطة ومن دون أيّ مبالغة أنّ القوى التي تتشكّل منها السلطة والحكومة اليمنية الحالية لا تمثل إلا الأقلية في اليمن أقلية الذين ارتضوا السير في ركب الدول الغربية والدول الخليجية التي تدور في فلكها والتي فرضت التسوية التي أعقبت خلع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح.
حجم القوى المعارضة للحكومة، واتساع التأييد الشعبي لها في كافة أنحاء اليمن، يؤكد أنّ أيّ حلّ للأزمة اليمنية ما لم يكن الحراك الجنوبي والحوثيون أطرافه الأساسية لا يمكن لهذا الحلّ أن يبصر النور، وإذا تمّ التوصل إليه نظرياً كما هو الحال الآن، فإنه لن يجد سبيله إلى التطبيق الناجح، وسيشكل مقدمة لفصول أكثر تصعيداً للأزمة القائمة. للأسف الشديد الحكومات الغربية ومعها الحكومات الخليجية، وتحديداً السعودية، لا تزال على قناعة بأنها قادرة على فرض الحلّ الذي يلبّي مصالحها ويتجاهل مصالح غالبية اليمنيّين، ولكن التجربة التي أعقبت خلع علي عبدالله صالح وتنصيب نائبه رئيساً للبلاد، وما آلت إليه الأوضاع الأمنية والسياسية الآن، وما يتوقع أن يحدث في الأيام القليلة المقبلة لا سيما بعد إنذار عبد الملك الحوثي، يؤكد أنّ الإصرار على هذه الرؤية يقود اليمن إلى مواجهات أشدّ قوة وأكثر تأثيراً على استقراره ووحدته مما حصل حتى الآن، وأمام هذه الدول فرصة محدودة زمنياً لإعادة النظر بنهجها الحالي، والإقرار بالواقع التمثيلي للحراك الجنوبي وللحوثيين، والجلوس معهم إلى طاولة الحوار والاستجابة لمطالبهم المحقة والمشروعة، وغير ذلك سيقود اليمن إلى المزيد من الكوارث.