«حركة بلا بركة» خيّمت على الأسواق التجارية عشية عيد الفطر… إقبال خجول والتجار ينتظرون العصا السحرية لحلحلة الجمود
البقاع الغربي ـ أحمد موسى
«عيد بأية حال عدت يا عيد…»، بهذه العبارة يستقبل البقاعيون من مختلف الفئات الشعبية العيد هذا العام، أمام ضائقة اقتصادية أقلّ ما يُقال فيها أنها خانقة.
الأسواق التجارية افتتحت أبوابها منذ نهاية الأسبوع الماضي أمام المواطنين لشراء حاجيات العيد، لكنّها في الواقع لم تتمكن من جذب المواطنين، والسبب واضح ومعروف، وهو غياب القدرة الشرائية في ظلّ هذه الأزمة الاقتصادية.
وفي جولة لـ«البناء»، على بعض الأسواق التجارية في برالياس، وقب الياس، وشتورا، والمرج، وجب جنين، ومشغرة، رصدنا غياب المتسوقين، بالرغم من التنزيلات والتخفيضات التي ناهزت الـ 70 في المئة.
وعزا التجار ضعف الإقبال إلى الضائقة المعيشية، وغياب السياح العرب والمغتربين الذين يشكلون العمود الفقري للبقاع وأهله، خاصة أنّ أبناء البقاع يعوِّلون على وصول المغتربين خلال الشهر الجاري، ناهيك عن الأوضاع الأمنية التي ساهمت في عزوف العديد من المصطافين عن المجيء إلى لبنان وقضاء موسم الصيف.
انطلاقاً من هذا الواقع، رفع تجار البقاع الصوت عالياً، فهذه هي السنة الخامسة للأزمة السورية ولا يزال التجار يتكبّدون الخسائر بينما يخيّم الجمود على القطاع التجاري، مع العلم أنّ التجار بدأوا منذ بداية الموسم تخفيضات وتنزيلات لتشجيع المواطنين، واستبشروا خيراً بعيد الفطر والانفراج الذي قد يتم على أكثر من صعيد، ولكن سرعان ما تبدّدت هذه الآمال، بعد التفجيرات التي ضربت مدينة القاع البقاعية، ما أدى إلى شلّ الحركة والعجلة الاقتصادية والتجارية، واكتفى البقاعيون بما تيسّر لشهر الخير.
يقول أحد التجار في منطقة شتورا محمد صالح لـ«البناء»: «المواطنون يدخلون إلى المحال التجارية، لكنهم لا يشترون أكثر من سلعة أو اثنتين كحدّ أقصى». ويضيف صالح: «لا يمكن للتاجر الاستمرار، فنحن وبالرغم من أننا في سوق هو مزيج بين الشعبي والمتوسط، ولا نعتمد على السياح بشكل كبير، إلا أنّ ضعف الحركة التجارية بشكل عام وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين أدى إلى خسارة التجار أموالاً طائلة، ونحن في السنة الخامسة لا زلنا نتكبد العديد من الخسائر والتي ناهزت مئات الآلاف من الدولارات».
وتشير لمى شحيمي، وهي مدرسة في إحدى مدارس البلدة، من جهتها، لـ«البناء»، إلى أنّ ارتفاع الأسعار لم يمكنها من شراء حاجياتها. وتقول: «صحيح هناك تنزيلات والأسعار مقبولة بشكل عام، لكنها مرتفعة بالنسبة إلينا، لأنّ رواتبنا لم تعد قادرة على تحمُّل هذه الأسعار وسط غلاء المعيشة، خصوصاً المواد الغذائية والاستهلاكية».
وتضيف لمى: «لم أتمكن من شراء سوى قطعة واحدة لكلّ ابنة من بناتي»، مشيرة إلى أنها في السابق كانت تشتري ثلاث قطع لكلّ واحدة، على اعتبار أنّ العيد ثلاثة أيام، أما اليوم فكل شيء تبدل وتغير، ولم تعد قادرة على شراء أكثر من قطعة واحدة وهي تبحث، في أكثر من محل، للحصول على السعر المناسب لإمكانياتها المادية المحدودة».
في شارع برالياس، حيث المحال التجارية ذات الماركات المتنوعة حوالى 300 محل ، وبالرغم من تحسُّن حركة الإقبال، لكنها تبقى ضعيفة مع ضعف القدرة الشرائية، خصوصاً أنها تقتصر على أبناء المنطقة والنازحين السوريين.
وتنعكس المخاوف جراء الأزمات الأمنية، بطبيعة الحال، على الوضع في السوق التجاري، ولا يخفي التجار خشيتهم وخوفهم من الاستمرار في هذا المنوال، لأنّ التداعيات المالية التي قد يتكبدها القطاع التجاري كبيرة للغاية، في حال عدم الشعور بالأمان.
وفي جب جنين، عاصمة البقاع الغربي، الرواد كثر، لكنهم لم يحركوا القطاع التجاري، فالمحال التجارية وبالرغم من التخفيضات الحاصلة لم تجذب المطلوب، ويقول أحدهم: «لم نقصد السوق للتبضع».
حال الأسواق التجارية البقاعية، لا يُنذر بالخير، بالرغم من «عجقة» المهرجانات، وعليه فإنها تنتظر تحريك العجلة الاقتصادية وعودة التفاؤل إلى لبنان، ما يترك أثره على القطاع التجاري اللبناني.
وإلى مشغرة التي تحول شارعها الرئيسي، منذ سنوات، إلى سوق يقصده الكثيرون من أبناء القرى المجاورة مختصرين عناء المسافة إلى الأسواق المحيطة والتي يبتعد أقربها عنها مسافة 20 كيلومتر أو أكثر، ورغم ذلك فإنّ سوق مشغرة لا يقلّ معاناة اقتصادية عن غيره. ويقول جان الدبس لـ«البناء» إنّ المشكلة في تحريك العجلة الاقتصادية «تكمن في غياب السياسة الاقتصادية عند الدولة، حيث لا حدود لديها في التجاهل وغياب الروزنامة الاقتصادية ورواد السياحة».
ويسأل: «أين برنامج وزارة السياحة ووضع البقاع الغربي ومرافقه السياحية على خارطة وبرامج وزارة السياحة؟ فلم نسمع أو نلاحظ وجود سياحية وصلتنا، أو المطاعم المحيطة ببحيرة القرعون موضوعة في جدولة المواسم السياحية لدى وزارة السياحة!!؟.