حمص أو «إيميسا»… مدينةٌ للحياة والعزّ ولو أبى المتآمرون ومدّعو الحرّية

أحمد طيّ

يومياً، كانت تنطلق من قرى البقاع الشمالي ثلاث «بوسطات» في الصباح الباكر، ناهيك عن سيارات الأجرة والـ«ميني باص»، أمّا الوجهة، فكانت حمص. لم تكن بعلبك ـ على أهميتها ـ مقصداً يومياً لسكان قرى: عرسال، البزالية، اللبوة، النبي عثمان، جبولة، زبود، الخرايب، البجاجة، العين، الفاكهة، الجديدة، الزيتون، ورأس بعلبك، بل كانت المدينة المقصد هي حمص الغنية بأسواقها الشعبية، و«أمّ الفقير»، أما سكان بلدة القاع، فكنت تجدهم في حمص أكثر مما يتواجدون في بلدتهم.

كلّ شيء موجود في أسواق حمص ـ كما كان يتردّد في الأحاديث اليومية ـ بدءاً من الملابس والأقمشة، ومروراً بالتوابل والمواد الغذائية والحلويات والزيوت والزيتون والصابون، ومواد التنظيف، والبذور والشتول والنصوب والورود، وليس نهايةً بالأدوات الكهربائية ولوزام الحرف والمهن المختلفة، والأدوية البشرية والبيطرية والزراعية، والصناعات الحديدة وحتى مولدات الكهرباء ووو… اللائحة لا تنتهي. وعلى الطريق إلى حمص، كانت تنتشر مؤسسات صيرفة كثيرة، وكانت تلك التجارة مزدهرة، و«بتعمّر بيوت».

أبناء تلك القرى البقاعية حفظوا أسماء الشوارع والأحياء في حمص أكثر من أحياء بعلبك، لا بل أنّهم ـ وعلى مختلف طوائفهم ومذاهبهم ومشاربهم ـ كانوا يحتفلون مع أهالي حمص وبلدة ربلة بعيد مار الياس الحي، وكانوا ولا يزالوا يطلقون عليه اسم «مير الحيّ»، وكانوا يتوجّهون ليلة العيد إلى دير مار الياس في ربلة ويمضون ساعات هناك.

يا لهذه الصيغة المرّة، صيغة الماضي، كان وكانت وكانوا ووو، ففي هذه الأيام لا «بواسط» ولا «ميني باص»، تقصد حمص، والأسواق في المدينة الثالثة من حيث الأهمية في سورية بعد دمشق وحلب، تلملم شتات ما تبقّى منها، والمدينة التي كانت تسمّى بـ«أمّ الفقير» صارت هي الفقيرة، والمدينة التي كنت تجد فيها كلّ شيء، صارت هي التي تحتاج كلّ شيء، كلّ هذا الويل وأكثر بسبب تلك المؤامرة الخبيثة التي حيكت ضدّ سورية، والتي كان من بين أهدافها الماكرة، ضرب الاقتصاد السوري، وجعل مدنٍ كحمص خراباً بعدما كانت لعقود طويلة منارة، وجعلها دماراً، بعدما كانت لمئات لا بل آلاف السنين من أبهى أشكال المعمورة. إنها المؤامرة ضد التاريخ والحاضر والمستقبل، إنها المؤامرة ضد الحياة. لكن حمص، كالعنقاء، تأبى أن تغادر ميدان الحياة، ولو كثرت عليها المؤامرات.

يلقي هذا التقرير المقتضب، الضوء على تاريخ حمص وأبرز معالمها والثقافية والأثرية والدينية والشعبية، منذ نشأتها، وحتى قبيل امتداد يد الإجرام والتكفير و«الدعشنة» إليها بحجّة المطالبة بـ«الحرية والإصلاح»، فرأينا بأمّ العين، في حمص وفي غيرها، ماهية هذا الإصلاح الذي فجّر المعابد والكنائس والمساجد، وكسّر تماثيل الشعراء والنوابغ. ورأينا أيضاً تلك «الحرية» المزعومة، وكيف كان يحصل بِاسمها القتل والذبح وقطع الرؤوس وأكل الأكباد وارتكاب المجازر.

أصل التسمية

من أقدم الأسماء المعروفة لحمص «إيميسا» باليونانية: ، وهو مركب من قسمين «إيم» و«سيا»، إذ يُعتقد أنّ الشطر الأول كان يشير إلى إله الشمس الذي اشتُهرت المدينة بعبادته وبالهيكل الكبير المشيّد على اسمه. ربمّا كان الاسم أيضاً مشتقاً من قبيلة «إيمساني» التي حكمت حمص لعدّة قرون. واستقر الباحثون على أنّ «إيمسيا» اختُصر إلى «إيمس» أو «حمص» من قبل العرب بعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام. أما الصليبيون، فمع مجيئهم إلى بلاد الشام، أسموها «لا شاميلي»، على رغم أنهم لم يبسطوا سيطرتهم عليها مطلقاً.

بعضٌ من تاريخها

حمص مدينة عريقة التاريخ، إذ نشأت فيها حضارات منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويعود السبب في ذلك إلى موقعها الذي يتوسّط بلاد الشام، وإلى خصوبة أراضيها وإلى مناخها المعتدل، إضافة إلى موقعها العسكري والتجاري الهام، إذ تشكّل صلة الوصل بين مختلف مدن المنطقة. ولعل أقدم موقع سكني في مدينة حمص، «تل حمص» أو «قلعة أسامة»، ويبتعد هذا التل عن نهر العاصي حوالى كيلومترين ونصف الكيلومتر. وأثبتت اللِّقى الفخارية أن هذا الموقع كان مسكوناً منذ النصف الثاني للألف الثالث قبل الميلاد، وورد اسم حمص محرّفاً في وثائق إيبلا المملكة السورية القديمة. وتدلّ أخبار موثقة التي أتت من «تل النبي مندو» قرب حمص، على أن للمدينة حضوراً فاعلاً في العصرين البرونزي والحديدي، كذلك عُثر على فخاريات تعود إلى العصر الحجري.

أقدم معلومات عن الحضارة في حمص يعود لعام 2300 قبل الميلاد. عام 1274 قبل الميلاد حاولت القوّات المصرية تحت إمرة الفرعون رمسيس الثاني إدخال بلاد الشام تحت سلطاته فوقعت معركة قادش على نهر العاصي قرب المدينة. في القرن الرابع قبل الميلاد دخلت جيوش الإسكندر المقدوني سوريا وبعد وفاته تأسست الإمبراطورية السلوقية، التي أدخلت الحضارة والثقافة اليونانيتين إلى المنطقة، وأسس سلوقس نيكاتور ستة عشر مدينة في بلاد الشام منها أنطاكية واللاذقية وأفاميا وسلوقية وحمص أيضاً. وبعد الفتح العربي وحكم الأمويين ثم العباسيين ثم المماليك، دخلت حمص كسائر المدن السورية حدود الدولة العثمانية، وبقيت كذلك زهاء أربعمئة سنة، حتى مطلع القرن العشرين، إذ شكّلت حمص أهمية سياسية كبيرة لسوريا، فعدد وافر من المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى كانوا من حمص. بعد تقسيمات غورو لسوريا على أسس طائفية عام 1920، كانت حمص تابعة لدولة دمشق، وعام 1925 كانت حمص ثالث محطات الثورة السورية الكبرى بعد السويداء ودمشق ضد الاستعمار الفرنسي.

مناطق المدينة

حمص القديمة هي المنطقة الأكثر كثافة سكانية في المدينة، وتتشكل من أحياء: باب تدمر، باب الدريب، باب هود ومحيط القلعة، وتغطي مساحة 1.2 كيلومتر مربّع. هُدم السور والبوابات التاريخية خلال العهد العثماني، لكن قسماً من السور مع برج دائري الزاوية لا يزال قائماً. لم يبق سوى القليل من المدينة القديمة الأثرية، ومنها علامات أرضية حول موقع قلعة حمص القديمة. شمال المدينة يقع «حي الحميدية» الذي ارتبط تاريخياً وحتى الآن بكون غالبية قاطنيه من مسيحيي سوريا، وهذا الحيّ حالياً واحد من المناطق القليلة الباقية التي تحتفظ بصورة حمص القديمة كما تبدو، وفيه عدد من المنازل المبنية من الحجر الأسود، وتعود إلى العصر المملوكي، ولا تزال قيد الاستخدام منذ ذلك الوقت، وبعضها رُمّم مع الحفاظ على هيئة البناء الأصلية. إلى الشمال من المدينة القديمة أيضاً يقع «حي الخالدية» الذي يطوق تخوم المدينة الشمالية كسوار، في حين تقع الأحياء الأكثر حداثة مثل «الزهراء» و«جب جندلي» إلى الشرق من المدينة القديمة. ونحو الجنوب هناك أحياء: «باب السباع»، «المريجة»، «النزهة»، و«حي عكرمة» بشقيه القديم والحديث وأبعد منهما «كرم الزيتون» والمناطق المحيطة به وتدعى «كرم اللوز». يقع نحو الشرق من هذا الأخير، أكبر المراكز التجارية في المدينة أما من ناحية الغرب فتنتشر الأحياء الراقية كـ: «القصور»، شارع المحطة والغوطة، والإنشاءات، والتوزيع الإجباري، والحمراء ثم الضاحية التي يفصلها عن المدينة حزام من المناطق الزراعية والبساتين، إضافة إلى نهر العاصي الذي يشكل حزاماً أخضر من دون أي آثار للعمران البشري، إذ تمنع القوانين السوريّة تدمير الحزام الأخضر حول النهر حفاظاً على الغطاء النباتي. نحو الغرب أيضاً تقع «جامعة البعث»، والمساكن الجامعية الملحقة بها إلى جانب عقدة مواصلات تقع قرب «حي عكرمة».

الأبواب القديمة

خلال العهد الروماني كان للمدينة أربع أبواب، هي: باب الرستن، باب الشام، باب الجبل وباب صغير. وأعاد العباسيون بناء الأبواب وأضافوا إليها ثلاثة، وظلّت موضع اهتمام الدول والسلالات المتعاقبة على حمص، حتى هدمها العثمانيون خلال القرن التاسع عشر، وذلك تماشياً مع توسع المدينة وازدياد قاطنيها، ولم يبق بعد القرارات العثمانية سوى باب التركمان والباب المسدود قائمَين حتى اليوم. خلف أبواب الحمص، تقع المدينة القديمة والتي تحوي مساجد وكنائس تاريخية إضافة إلى معالم ترقى إلى العهد المملوكي.

المتاحف ودور الثقافة

المتحف الوطني في حمص يقع في وسط المدينة ضمن بناء أثريّ في حدّ ذاته يعود إلى حقبة الاستعمار الفرنسي. بني المتحف على ثلاث مراحل: الطابق الأرضي عام 1922، ثم الطابق الأول عام 1949، وأخيراً الطابق الثاني عام 1963. يضمّ المتحف مجموعة من القطع الأثرية المكتشفة في محافظة حمص والتي يرقى بعضها العصر الحجري، كما يحوي لوحات من فسيفساء تمثل نهر العاصي وهيكل إله الشمس الذي اشتهرت المدينة بالتعبد له سابقاً، إضافة إلى نماذج من الأسلحة الفردية ومجموعة من الحلي البرونزية. كما يحوي مدفناً ملكياً بكامل محتوياته قدّمت قطع منها كهدية من الفراعنة في مصر إلى السلالة الحمصية المالكة فيها.

وفي هذا الصدد، يذكر أنّ حمص مثل روما، تحوي تحت أرضها سراديب غالبيتها مدافن محفورة في جوف الأرض، وساهم اكتشافها ليس فقط بمعرفة طرق الحياة خلال القرون الأولى للميلاد في المدينة، بل بإغناء المتحف أيضاً بقطع نادرة من الزجاج وتماثيل الإلهة فينوس وأدوات مختلفة من الذهب تستخدم في الدفن.

عام 2002، جُدّد المتحف ورُممت آثاره وأعيد افتتاحه بعد ذلك عام 2005، ويبلغ مجموع القطع الأثرية فيه 4500 قطعة، ونقل عدد منها لأهميتها إلى المتحف الوطني في دمشق.

أما المتحف الثاني فيسمّى «متحف الفولوكور الشعبي»، وهو عبارة عن قصر قصر الزهراوي يعود إلى الحقبة المملوكية خلال حكم الظاهر بيبرس وتتبع له حديقة كبيرة تحوي مدفعاً وقذيفة ترقى إلى القرن الثالث عشر، ونحت نافر لأسدين وهما رمز السلطان بيبرس.

الأسواق الشعبية

تأتي أسواق حمص القديمة في طليعة أسواق المدن العربية من حيث جمالها واتّساعها واحتفاظها بطابعها الأصيل. وتمتاز بسقوفها الاسطوانية وعقودها المقبّبة الضخمة التي تحمي روّادها من قيظ الصيف وبرد الشتاء.

وتبدو هذه الأسواق، التي تهدّم معظمها الآن للأسف، بعقودها الحجرية وواجهاتها الفخمة وأقواسها الرشيقة وكأنها خارجة من عصور القرون الوسطى. وعند تلاقي سوقين أو أكثر، تبرز قبة كبيرة تتوج مفرق الطرق وكأنها قبة مسجد كبير. وبين مسافة وأخرى، تتدلى حُزمٌ من نور الشمس من فتحات مربعة الشكل تثقب قنطرة السوق فتنير الشارع البازلتي من دون أن يتمازج النور مع الظلام فيتعايشان معاً بينما يسود خارج السوق نور باهر.

كلّ شيء في هذه الأسواق شرقي ومحلي وقديم، ففي الدكاكين الصغيرة يجلس الباعة خلف سلعهم أو تجد الصانع يشتغل تحت أنظارالمشتري، وهنا تعرض مئات من المنتجات كالأقمشة الحريرية والمقصبة والجوخ والشاش والآشيات والأصواف إلى جانب أسواق السجاد الشرقي الثمين والعطور والصاغة والخضار والتوابل، وحيث يتجول المرء في هذه الأسواق القديمة يدرك أن التاريخ في هذا المكان من العالم ليس فكرة مجرّدة أو بطاقة مغبّرة في مكتبة مهملة، بل هو تاريخ حيّ يعانق الجغرافيا فتراه العينان وتتلمسه اليدان وتستنشقه الروح.

ومن أهم أسواق حمص القديمة: سوق القوافة أو النوري، وسوق قيسارية الحرير، وسوق عبدو آغا سويدان المعروف الآن بسوق العبي، وسوق البازرباشي.

مشاهير

احتفظت حمص بطابع معماري مترف منذ القدم، ولا تزال الآثار المعمارية الرومانية والإغريقية ماثلة بما فيها المخطّط الأصلي للمدينة. في عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس 138 ـ 161 تحولت حمص من مدينة عادية إلى مدينة كبرى والمعروفة باليونانية متروبوليت. كما سكّت لنفسها نقوداً خاصة. ومع القرن الثالث كانت الزراعة والتجارة مزدهرة في المدينة على مستوى الشرق، وخلال تلك الفترة أيضاً ظهرت السلالة السيفيرية التي حكمت الإمبراطورية الرومانية برمّتها، وانحدر جلّ أفرادها من حمص، عدا مؤسّسها الامبراطور سيبتيموس سيفيروس الذي تزوّج من الحمصية جوليا دومنا ابنة الكاهن الأعظم لإله الشمس في حمص، وأنجبت جوليا دومنا ابنين هما كركلا وغيتا. وانتهى عهد هذه الأسرة مع آخر أباطرتها ألكسندر سيفيروس 208 ـ 235 . ومجمل عدد أباطرة روما الحمصيين خمسة.

وأنجبت حمص عبر تاريخها السحيق مئات الأعلام اللامعين كلّ في مجاله، ولو أردنا تعداد أسماء هؤلاء لاحتجنا إلى صفحات، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الفيلسوف لونجينوس مستشار الملكة زنوبيا، والطبيب والقديس مار إليان الحمصي، والشاعر ديك الجنّ الحمصي. ولا ننسى أيضاً الباحث فراس السواح والشاعر عمر الفرا.

سمعان: ثمة خطط إسعافية لإنقاذ المباني الأثرية والتراثية في حمص

أشار منفذ عام حمص في الحزب السوري القومي الاجتماعي العميد نهاد سمعان، والذي يشغل منصب نائب رئيس لجنة التراث في نقابة المهندسين في حمص، في حديث إلى نشرة «سانا» الثقافية أجرته معه الصحافية لارا أحمد، إلى أنّ مدينة حمص تزخر بالمباني التراثية التي تعبّر عن الذوق الرفيع والأصالة والرقيّ المتجذّر عبر التاريخ، وأنّ أهمّ المباني التراثية تقع خارج نطاق المدينة القديمة، مثل مبنى جامع خالد ابن الوليد الذي يبلغ عمره نحو 100 سنة، وهو ليس بالمبنى القديم لكنه من أهمّ المباني التراثية، وهو موجود في ذاكرة كلّ حمصي. إضافة إلى مبنى قيادة الموقع الذي كان قائماً شمال الساعة الجديدة، وقد وقف على شرفة هذا المبنى عدد كبير من حكام سورية بدءاً من الملك فيصل عام 1919 حتى الرئيس حافظ الأسد عام 1970.

وتابع سمعان: «حتى مبنى الساعة الجديدة نفسه أصبح من المنشآت التراثية، وكذلك مقهى الروضة بشقّيه الشتوي والصيفي، وبناء المسرح وسينما الكندي والبلدية القديمة والمتحف مع أنّ بناءه يعود إلى عام 1923 والأسواق القديمة المسقوفة والمكشوفة والحمّامات بطابعها المميّز أيضاً والمنتزهات ومقاهي العاصي كالميماس… ومقهى ديك الجن. حيث تسكن هذه المنشآت العامة والخاصة في ذاكرة كلّ من مرّ بها.

وذكر سمعان أنّ المدينة القديمة مليئة بالمباني التراثية أيضاً مثل بيت الزهراوي وبيت عبد الله فركوح وبيت سليمان فركوح ومطعم الآغا وبيت مفيد الأمين، وغالبية الجوامع والكنائس من جامع أبو لبادة إلى الجامع النوري الكبير وكنيسة الأربعين والقديس اليان وكنيسة أم الزنار وجامع الفضائل وحمام السراج وغيرها من المباني الدينية والسكنية التي تشكل بطرازها وهيبتها وبما مرّ عليها ذاكرة حمص التاريخية.

وأوضح سمعان أنّ أهمّ ما في المدينة القديمة يتمثل بالنسيج العمراني، أي الحارة بأزقتها والحجارة المرصوفة بها ومرابط الخيل الموجودة في جدرانها وسيباطاتها وأقواسها وحجارتها السوداء، وتعدّيات شرفاتها على الأزقة وبروزات بعض الغرف في الطوابق العلوية على تلك الأزقة وما ترميه من ظلال عليها، وباختصار المدينة القديمة كلها منشأة تراثية.

وأشار سمعان إلى أنّ المدينة القديمة تعرّضت خلال الأزمة لأضرار بالغة تتفاوت بين منطقة وأخرى، وهناك بعض المباني القليلة بحاجة إلى إعادة إعمار لفداحة الضرر الحاصل بها، أما غالبية المباني فهي بحاجة فقط إلى ترميم وبعضها إلى ترميم بسيط، وكلها يمكن ترميمها لتعود كما كانت قبل الأزمة في حال توفر الإمكانيات والظروف المناسبة.

وقال: «إنّ لجنة التراث قدمت خطتين: خطة إسعافية سريعة لإنقاذ المباني الآيلة إلى السقوط لإنقاذها بالسرعة الممكنة حتى لا يتفاقم الضرر وتتضاعف الكلفة، وخطة لإعادة ترميم المباني التراثية والأثرية، إضافة إلى بعض الوثائق لتعاد هذه المباني إلى ما كانت عليه، كما قدّمت عدداً من الحلول والاقتراحات المناسبة لحلّ المشكلات الحقوقية والقانونية لهذه المباني، ووضعنا خبرتنا تحت تصرّف من يريد العمل في هذا الشأن».

وختم: «إنّ لجنة التراث في نقابة المهندسين تسعى بوسائلها الخاصة إلى تأمين التمويل اللازم من أفراد مهتمّين وجمعيات ومؤسسات خاصة لترميم بعض هذه الأبنية والحفاظ عليها والعمل على الاستفادة منها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى