ملحمة الفداء

سيزيف السوري

اللوح الأول

رصاصٌ

يشقّ السحَر

ملائكةٌ

تلوّح بمناديل سود

شوقٌ

يتبدّد في فنجان قهوة

ورغبةٌ بعد الأخيرة

لرؤية زوجته وريحاناته الثلاث

لا تريد أن تنام

رفضوا للمرّة الثالثة

عندها… قال الكاهن

دارت دمعةٌ وحيدة

وسط زوبعة الرجولة

لكنّها… مثله

أبت أن تسقط

قال الكاهن… اعترف

قال… أنا السوريّ الذي رأى

اللوح الثاني

«ها أنا واقف أطلقوا النار فلا أخاف الرصاص ولا الموت

لا تغطّوا عينيّ»

«إنّه القانون»

«أنا أحترم القانون»

«اجثُ»

«أريد أن أموت واقفاً»

«إنّه القانون»

«أنا أحترم القانون»

حصىً… تُعذّب ركبةً

يطلب أن يزيلوا الحصى من تحت ركبته، يقترب جنديّ ليزيل الحصى… يشكره، يقولها ثلاث مرّات! .

شكراً…

أنا أموت

أمّا حزبي فباقٍ

أبناء عقيدتي سينتصرون

وسيكون في انتصارهم انتقامٌ لي

شكراً ثانية…

صدغٌ

اختزل الفكر والتاريخ

يتفتّت

رصاصٌ

اخترق صدري وعينيّ

شطر روح سوريا

وشرخ مهجته

تشظّت رئته

سقط النصل بغار حرّاء

تناثرت يده اليسرى

دقّ اليهود المسمار الأخير

تدلّت رأسه… لكنه لم ينحنِ

شكراً ثالثة…

لم تكتمل

تبكي ربّة الفجر… أورورا

ربّة العدالة العمياء ثيميس تغمض عينيها

يسوع… يترك الخشبة

يصحو الله متأخّراً

الرّصاص خلّد ابتسامة المعرفة

قبلها بقرون…

بصاق اليهود على الكفن… خلّد ابتسامة الألم

ربّما كان أيضاً ألم اليأس… والانعتاق

اللوح الثالث

وبين الصحو والمنام

بين الرؤيا والظلام

سوريا…

كان يختزل التاريخ…

والزمن

يلتفّ نابض نارٍ… زوبعةً

لقد آن الأوان

هذه المرّة أيضاً

ليفتدي المعرفة بالدماء

مع أنّه كان يعرف… أنّه عصر اليهود والعربان

اللوح الرابع

سوريا…

نورٌ وحضارةٌ

نارٌ وحديد

اثمٌ كنعانيٌّ

أبجديةٌ وعبيد

يبتسم

يبتلع مرارة البسمة

يمرّ شريط التاريخ الصدئ:

موادّ

خام… لصنع الآلهة

بذور الحضارة التائهة

أنكيدو… تمدّنه… بنت هوى

الأفعى تسرق نبتة الخلود

ماذا كان غلغامش يريد أن يرى أكثر بخلوده؟!

الحكماء السبعة يضعون أسس أسوار أوروك

أسود آشور الرابضة على كتف الفرات… تتحفّز

سبي اليهود

شريعة أورنامو

يسلّمها الإله شمش لحمورابي

مرّت قرونٌ من الإنسانية والرخاء

ثم كان عصر اليهود

من وقتها

انتهى مجد الإنسان

وبدأ مجد الشيطان

اللوح الخامس

سوريا…

أليسار تلقي بنفسها في المحرقة

لتنقذ كرامة قرطاجة وتتابع سلسلة الفداء

حرب طروادة الفينيقية

يتشرّد مهزومها في سهول روما

يكوّن مع البدائيين شعباً سيدعى… الرومان

شعاره القوّة والبطش ونهر العسكر

يقاتل معلّمه الأوّل

وعلى الشاطئ الآخر

عين هاني بعل

وحيدةً… مثل هاني بعل

تنتظر ما لن يأتي

تنتظر أسياد قرطاجة

أسياد سطح الماء

وعلى هذا الشاطئ

بيد أبنائها

تنتهي أسطورة قرطاجة بالخلود والدمار

وأرضها مفلوحةٌ بالملح والمجد والعار

اللوح السادس

سوريا…

سيفٌ يسحب آخر خلجة

آخر خيطٍ غضٍّ من خيطان دماغٍ حاك الزمن القادم

نحن قتلة كلّ شيءٍ جميل

نحن قتلة الأنبياء

حتى الأديان التي تصعد من الأرض إلى السماء

اغتيل نبيّها يشكر من دفنوا سرّ الأشياء

بعد ألف عامٍ

يحضرون خشبتيّ الصليب

ليوشّونهما بالذهب

لماذا إذن يوشّون الجسد بالمسامير والدماء؟

دماؤه تنطق الخشب الأصمّ

كلّ حبٍّ يستحيل لدمّ

أيّ رجاءٍ في إصلاح هذا العالم؟

اللوح السابع

سوريا…

جرّةٌ محطّمةٌ تنزف تاريخاً

امرأةٌ تغتصب من آلاف الأعوام

سمعت صراخها… فأعدموني

اللوح الثامن، الثامن… من تمّوز

سوريا…

رصاصة الخلاص قالت

كفى!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى