إيرولت استطلاعي رئاسياً… وحزب الله يدعوه لإقناع المستقبل بانتخاب عون حردان: نشمّ رائحة التوطين وندعو سلام للتعاون مع سورية بشأن النازحين

كتب المحرّر السياسي

من رائحة البارود في حلب إلى رائحة التوطين في لبنان توزّع المشهدان الإقليمي والمحلي، فالمعارك الدائرة في حلب تقول إنّ توازنات إقليمية ودولية سترتسم عبرها، حيث يشكل نجاح الجيش السوري والحلفاء في إكمال إسوارة حلب من الحمدانية إلى المطار، بداية مرحلة جديدة تقول إنّ عهد جبهة النصرة يشارف على النهاية، ومعه عهد الرهانات على تفاوض طويل النفس وبارد الإيقاع، بالتوازي مع حرب استنزاف طويلة. فطوق حلب سرعان ما يدخل الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون الذين تقود جماعاتهم جبهة النصرة، في مسار شبيه لأحياء حمص بعد اكتمال الحصار، والبحث عن تسويات بدأت ملامح بعضها بالمطالبة بفتح طريق انسحاب للمسلحين الأجانب وتسوية وضع المسلحين من أبناء الأحياء، وهذا سيفتح باب انهيارات عسكرية وأمنية تتداعى في ريفي حلب وإدلب وتضع الشمال السوري في دينامية حجارة دومينو تتهاوى لصالح الجيش السوري وحلفائه، ما يفسّر مسارعة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى زيارة موسكو هذا الأسبوع لبلورة التفاهم على صيغ التعاون التي بدأ التفاوض حول عناوينها، لجهة حسم العملية السياسية ضمن ثنائية، لا مكان لمن يشاركون النصرة حربها في أيّ محادثات أو هدنة، والإسراع بجولة جديدة لجنيف تحت عنوان حكومة موحدة تحقق المشاركة في الحرب على الإرهاب ورسماً لسقف هذا التفاوض الروسي الأميركي استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة كيري بتوجيه اللوم للمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لتلكّئه في الدعوة إلى جولة محادثات جديدة في جنيف.

لبنانياً، تكشفت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت عن جولات استطلاعية رئاسية، بلا طرح ايّ أفكار أو تصوّرات، بينما تميّز اللقاء الذي جمعه بوفد حزب الله، بإبلاغه موقف الحزب الداعم لترشيح العماد ميشال عون، بصفته الزعيم الشعبي والنيابي المسيحي الأول، ودعوته لتوظيف علاقات حكومته بتيار المستقبل والسعودية لتسهيل هذا الانتخاب.

رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان حذّر مما تشي به بعض الزيارات والطروحات الدولية، بعد السابقة التركية بتجنيس النازحين السوريين، من وجود نيات لدفع لبنان إلى استنساخ الموقف التركي، معلناً الحاجة إلى موقف وطني حازم لرفض التوطين، والتعامل مع قضايا النازحين وحاجاتهم بمسؤولية وطنية وإنسانية، متوجّهاً إلى رئيس الحكومة تمّام سلام لاتخاذ خطوات عملية لبناء تعاون ثلاثي لبناني سوري أممي لمعالجة هذا الملف على قاعدة تلبية الحاجات ورفض التوطين وتأمين شروط العودة.

إيرولت خالي الوفاض

لم تحمل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت الى لبنان أي مبادرة على صعيد الملف الرئاسي. ويبدو جلياً أن كبير الديبلوماسيين الفرنسيين كان مستمعاً في لقاءات الرؤساء والقوى السياسية. لم يكن في جعبته أي جديد، لا سيما أن الاتصالات الإقليمية التي سيستكملها بعد مغادرته لبنان، مع الأطراف الإقليمية سعياً للعب دور لمساعدة لبنان على انهاء الفراغ لم تتبلور بعد. رأت مصادر مطلعة لـ «البناء» «أن هذه الزيارة الاستطلاعية لإيرولت لم تحمل أي جديد يذكر، ولن تكون أفضل حالاً من زيارة رئيسه فرنسوا هولاند الذي زار لبنان منذ ثلاثة أشهر وغادر خالي الوفاض من أي خطوة قادرة على اختراق جدار الأزمة الرئاسية او دعم لبنان لإيجاد حل لأزمة النازحين في المجموعة الدولية.

بري: أين الهبة العسكرية؟

واستهلّ إيرولت يومه الثاني في بيروت أمس، بلقاء رئيس الحكومة تمام سلام، ومن السراي الحكومية، انتقل الى بكركي وعقد خلوة مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، ليستقبله رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء طرح خلاله، بحسب ما علمت «البناء» من مصادر عين التينة» مسألة دعم الجيش، حيث أكد الرئيس بري أن دعم لبنان والمحافظة على الاستقرار فيه يتطلّب دعم الجيش، سائلاً ضيفه الفرنسي عن مصير الهبة العسكرية وأين أصبحت؟ أما إيرولت، فأبدى ثقته بالجهد الذي يلعبه رئيس المجلس في التواصل بين اللبنانيين ورعايته للحوار الوطني.

حزب الله لإيرولت: عون مرشحنا استخدموا نفوذكم مع أصدقائكم

أما اللقاء الأكثر الأهمية لإيرولت، فكان في قصر الصنوبر على مدى 40 دقيقة مع وفد من حزب الله ضم النائب علي فياض ومسؤول العلاقات الدولية السيد عمار الموسوي. واستغرق ملف الانتخابات الرئاسية الحيّز الأكبر من البحث. وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين أن وزير الخارجية الفرنسي كان مستفسراً أكثر منه متحدثاً، لكنه أشار إلى «أن اهتراء المؤسسات لا يجب أن يستمر»، متسائلاً «الجميع يشعر بحاجة إلى حلّ، لكن كيف هو الحل؟ وتوجّه الى فياض والموسوي مستفسراً عن تصور حزب الله للحل. وبحسب المصادر، أكد وفد حزب الله أن مرشح الحزب للرئاسة هو رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وأن هذا الموقف يأتي في سياق رؤية أشمل أولاً، لأننا على تحالف مع أكبر تيار مسيحي شعبياً وبرلمانياً التيار الوطني الحر ، ولأن هناك خصوصية الواقع المسيحي الآن على مستوى لبنان بصورة خاصة وعلى مستوى المنطقة بصورة عامة، مشدداً على «أن هذا الاختيار يشكل خطوة في سياق نقل البلد إلى مناخ سياسي مختلف وفتح نافذة انفراج سياسي في الواقع القائم». وأبدى الوفد تأييد الدعوة الفرنسية إلى لبننة الاستحقاق، لكنه دعا فرنسا إلى أن تستخدم نفوذها لإقناع أصدقائها بالجنرال عون وهذا يتطلب الحديث مع تيار المستقبل الطرف الرئيسي الذي يعلن مواقفه صراحة برفض ترشيح الجنرال عون، لا سيما وأن الأخير بات أقوى على المستوى المسيحي بعد تفاهمه مع القوات». ورأى الوفد أن المحاولة الفرنسية مع الرئيس سعد الحريري تنسجم مع الدعوة الى لبننة الاستحقاق، وإذا لم تنجح فهناك طريق آخر هو الطلب الى السعودية أن ترفع الفيتو عن العماد عون، صحيح أن هذا الأمر يتناقض مع الدعوة الى لبننة الاستحقاق، لكن إذا كان هذا الطريق يفضي الى نتيجة فلماذا لا تجربه فرنسا. وفي ملف قانون الانتخاب، أشار وفد حزب الله إلى أن هذا القانون تحكمه مراعاة المطلب المسيحي بصحة التمثيل من ناحية، وأن يشكل خطوة إصلاحية من ناحية أخرى.

… ونؤدي دوراً في حماية لبنان

وفي ملف النازحين، شدد فياض والموسوي على أهمية تعزيز المساعدات الدولية للبنان، وأن تلعب فرنسا دوراً اساسياً في تحفيز الموقف الدولي، الوقوف الى جانب لبنان ليكون قادراً على استيعاب الأعداد الكبيرة. وتطرق وفد حزب الله عَرَضاً إلى الملف الأمني، حيث أكد أن لبنان يحتاج إلى حماية سياسية من خلال معالجة مشاكله العالقة، وإلى حماية أمنية مشدداً على أن الحزب يؤدي دوراً أساسياً في حماية البلد في وجه الإرهاب على الحدود وفي سورية، ودعا إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب التكفيري.

باسيل: التوطين مرفوض

وشكّل ملفا النازحين السوريين والاستحقاق الرئاسي محور لقاء وزير الخارجية الفرنسي مع نظيره اللبناني جبران باسيل الذي شدّد على «أن كل مشروع لتوطين اللاجئين أو النازحين السوريين في لبنان محظور دستورياً ومرفوض من قبل الشعب»، مؤكداً أن «لبنان بلغ ذروة استقباله للاجئين ويدعو إلى التضامن الدولي معه وتقديم المساعدات إلى مؤسساته».

وأكد أنه «ما من إرهاب معتدل بنظرنا»، موضحاً «أن لبنان واللبنانيين وخاصة الجيش اللبناني في الخط الأول في الحرب ضد الإرهاب». وأشار إلى أن «قوة مؤسساتنا يجب أن تترجم بانتخاب رئيس قوي وأن تنبع من برلمان ممثل للشعب بشكل عادل يمثل التعددية ويؤمن الإنصاف بين المسيحيين والمسلمين في ممارسة السلطة».

ولفت إيرولت من جهته إلى «أنه لا بدّ من العمل مع المجتمع الدولي من أجل إيجاد حلّ للأزمة السورية، ولا بدّ من الاعتراف أنه ما من حلّ عسكري في سورية وما من حلّ إلا الحل السياسي لهذه الأزمة»، قائلاً «سوف يتمّ تخصيص نصف المبلغ الذي تقدّمه فرنسا الى الدول المجاورة لسورية الى لبنان لإنشاء مركز خاص باللاجئين، ففرنسا الى جانب لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى وكما نواجه التهديد الإرهابي. وهو تهديد كبير كذلك لبنان ضحية له ولبعض أعماله الإرهابية».

حردان يُطلق دعوة للحكومة لمعالجة جدّيّة للنازحين

أطلق رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان دعوة للحكومة اللبنانية بشخص رئيسها تمام سلام والذي نعرف أنّه من المهتمّين جداً بهذا الأمر، من أجل الشروع في معالجة مسألة النازحين السوريين معالجة جدية، ومن خلال مقاربة تصبّ في مصلحة لبنان الوطنية وتحافظ على العلاقة الطبيعية مع المحيط القومي.

وأكد حردان خلال استقباله رئيس حزب الاتحاد النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد، أنّ المعالجة الجدية لأزمة النازحين السوريين تتمّ بمعالجة الجوانب الإنسانية والاجتماعية والقانونية، بعيداً عن الاستثمار والحلول الوهمية، التي تؤدّي الى توطين السوريين في أماكن تواجدهم ومضاعفة معاناتهم.

وقال: إنّ الرفض يجب أن يكون قاطعاً لأيّ شكل من أشكال الاستثمار والتوطين، خصوصاً أنّ زيارات الوفود الأممية والدولية إلى لبنان ومناطق النزوح، وآخرها زيارة وزير خارجية فرنسا، تشي بأنّ هناك اتجاهاً يدفع باتجاه الاستثمار في النزوح وفرض أمر واقع والتوطين.

وأكد حردان «أنّ على لبنان أن يعلن موقفاً حازماً وحاسماً يرفض فيه استنساخ نموذج التعاطي التركي مع قضية النازحين والذي أفضى إلى توطين مقنّع مقابل الحصول على أموال أوروبية طائلة».

وأشار حردان إلى أنّ الحكومة اللبنانية معنية بأن ترسم اتجاهاً يحدّد تعاطيها الجدي مع هذه المسألة، وأن تسارع إلى التنسيق المباشر مع الحكومة السورية، ومع الأمم المتحدة، بغية الوصول إلى حلّ جذري يقضي بعودة النازحين الى بلدهم بعيداً، لافتاً إلى أنّ الاستثمار والحلول الوهمية تفاقم من معاناة النازحين إنسانياً واجتماعياً.

وأكد حردان «أنّ تنسيقاً مشتركاً وكاملاً بين لبنان وسورية والأمم المتحدة يقوم على قواعد إنسانية واجتماعية وقانونية يؤمّن الحلول الناجعة، ويبعد شبح التوطين وتداعياته السلبية»، داعياً إلى أن «يعتمد نموذج هذا التنسيق الثلاثي، ايضاً بين سورية والأردن والأمم المتحدة، وكذلك بين سورية والأمم المتحدة وكلّ دولة نزح إليها سوريون».

روحية الميثاق خريطة الطريق

وعلى صعيد زيارات المسؤولين الدوليين، أكد تكتل التغيير والاصلاح حتمية أن نتحمل كلبنانيين مسؤولياتنا. فالمطلوب المبادرة على المستوى المسيحي في رئاسة الجمهورية، وقد تمت، ويجب تلقفها وطنياً، كما هو الحال في رئاسة الحكومة بالنسبة الى الطائفة السنية، ورئاسة المجلس النيابي بالنسبة الى الطائفة الشيعية. فهذه الثوابت التي تعبر خير تعبير عن روحية ميثاقنا وأهمية تحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية، هي خريطة الطريق للوصول الى حل وطني يؤدي الى تصحيح الخلل ويعزز الشراكة ويحمي الاستقرار لمواجهة التحديات في المنطقة.

وأكد تكتل التغيير والإصلاح بعد اجتماعه الاسبوعي برئاسة العماد ميشال عون أن قانون الانتخاب كما الرئاسة، أولوية. فلا يمكن القيام بخرق حقيقي في جدار الازمة الا بالاتفاق على قانون عادل يحقق صحة التمثيل ويؤمن الشراكة الاسلامية المسيحية. ونحن إذ نناقش جدياً وبإيجابية، فإن موقفنا مع النسبية، واعتبر أنه بعد الانتخابات البلدية، أدرك الجميع أهمية النسبية. والاقتراحات المطروحة قابلة للنقاش والتعديل، ولا يجوز تأخير قانون الانتخاب وانتخاب الرئيس على اساس ميثاقي كما تتطلب الشراكة الحقيقية.

تقرير خليل أمام مجلس الوزراء..

حكومياً، وضع مجلس الوزراء أمس، كل الملفات العالقة جانباً، وحصر جلسته بالوضع المالي، لم يأتِ على ملف النفط لا من قريب ولا من بعيد، لم يحدد رئيس الحكومة أي موعد لاجتماع اللجنة الوزارية النفطية، ولم يضع الوزراء في أجواء لقائه مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت الذي عقد قبل الجلسة. كانت جلسة مجلس الوزراء أمس، مالية بامتياز. عرض وزير المال علي حسن خليل التقرير المالي الذي أعدّه حول المؤشرات الواقعية للوضع المالي، رغم أنه أرجأ توزيع التقرير على الوزراء لكونه أدخل بعض التعديلات عليه خلال عرضه في الجلسة. ووعد بإرسال نسخ عن التقرير للوزراء قبيل الجلسة المقررة الاثنين المقبل.

وقال وزير المال لدينا نمو اقتصادي ضعيف وبطالة عالية وعجز مالي كبير ومتنامٍ بالمقارنة مع الناتج المحلي. هناك وصفات لمعالجة هذا الأمر. إمّا ان تكون بالتقشف او بزيادة الدين العام او بزيادة الضرائب.

وأشار إلى «أننا إذا قررنا إعادة بناء الاقتصاد وقرّرنا تطوير بنيتنا التحتية، علينا أن نتحمل تكلفة هذا الأمر، وألا تكون هذه التكلفة ملقاة على عاتق الطبقات المتوسطة والفقيرة فقط. من هنا سوف نقدّم بعض الاقتراحات العملية التي تؤدي الى زيادة الواردات وتقليص النفقات والعجز والى إدارة أفضل للدين العام وإعادة تحريك بعض القطاعات الإنتاجية والتفكير جدياً في واردات لا تحمّل الطبقات الفقيرة أعباء وتصيب مطارح ضريبية ما زالت حتى هذه اللحظة محميّة وتجاهلها يترك أثراً سلبياً كبيراً على واقعنا».

وأشارت مصادر وزارية لـ»البناء» الى أن الجلسة لم تشهد أي نقاش، انما كانت جلسة استماع وإصغاء لعرض الوضع المالي، تخللها استيضاح حول بعض الأمور التي جرى تعديلها»، مشيرة إلى «أن عرض التقرير سيستكمل يوم الاثنين وعندها سيبدي كل وزير رأيه وموقفه من التقرير المالي، لا سيما أننا نناقش وضعاً مالياً في غياب الموازنات منذ عام 2005».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى