داعش يتشظى ويتمدّد
حميدي العبدالله
إذا كان الشعار الذي رفعه تنظيم «الدولة الإسلامية» داعش «باق ويتمدّد» والمقصود بذلك أنّ داعش باق في السيطرة على المناطق التي استولى عليها في العراق وسورية ابتداء من عام 2014، وأنه سوف يتمدّد إلى دول أخرى على قاعدة تمدّده في كلّ من سورية والعراق، يمكن الاستنتاج الآن في ضوء ملاحظة الواقع القائم، أنّ داعش يتشظى، ولكنه في الوقت ذاته يتمدّد. هو يتشظى في سورية والعراق، في سورية في ضوء سيطرة الجيش السوري على تدمر والقريتين، وسيطرة «قوات سورية الديمقراطية» على مناطق في ريف الرقة، وريف حلب الشمالي، وسيطرة الجيش السوري أيضاً على جزء من ريف حلب الشرقي في محيط مطار كويرس الذي كانت تسيطر عليه داعش. وفي العراق بعد سيطرة الجيش العراقي على الفلوجة، وقبل ذلك على الرمادي وتكريت وغالبية المناطق الواقعة في محافظة صلاح الدين وكانت تحت سيطرة داعش.
بهذا المعنى، يمكن القول في ضوء حجم المكاسب التي تمّ تحقيقها من قبل الجيشين السوري والعراقي إنّ نواته الأساسية التي كان يراهن عليها في تمدّده اللاحق تتشظى فعلاً، وداعش في غالبية مناطق سيطرته الأساسية يسير على طريق الهزيمة الكاملة.
لكن في المقابل داعش يتمدّد في أماكن عديدة من دول العالم الإسلامي، وحيث ثمة تواجد أساسي لجالية إسلامية. لديه اليوم معاقل مهمة في ليبيا، ربما لا تقلّ أهمية عن مواقعه في سورية والعراق، إنْ لجهة السعة الجغرافية للمناطق التي يسيطر عليها في ليبيا، أو لجهة ما تنطوي عليه مناطق سيطرته من تأثير استراتيجي، سواء على مصر أو على أوروبا، أو على مجمل المنطقة الواقعة في شمال إفريقيا. داعش يتمدّد أيضاً في اليمن، وبات له حضور قوي في ضوء الهجمات التي نفذها في مدينة المكلا وفي حضرموت. داعش يتمدّد أيضاً وأيضاً في دول إسلامية أخرى، وفي مقدّمتها تركيا حيث أفادت استطلاعات للرأي جرت في فترة سابقة عن وجود نسبة تشير إلى أنّ 13 من الأتراك يؤيدون داعش، وبدأ التنظيم بشنّ هجمات لها وقع قوي في ضوء طبيعة استهدافاتها، وأبرز هذه الاستهدافات مطار أتاتورك، كما أنّ حضور داعش المباشر، أو عبر منظمات أخرى تشكل غطاء له بات قوياً في بنغلادش، حيث استطاع قبل أيام شنّ هجوم قويّ في العاصمة استهدف حياً يرتاده الكثير من الأجانب وهو حيّ السفراء، ووجوده في نيجيريا كبرى الدول الإسلامية في أفريقيا قديم وقوي من خلال مبايعة «بوكو حرام» له.
إذن، اليوم الشعار الذي يمكن أن يلخص واقع حال داعش، لم يعد شعار «باق ويتمدّد» بل شعار «يتشظى ويتمدّد».