مسلحو داريا وأحياء حلب يبدأون التفاوض… وكيري لتوسيع لائحة الإرهاب الرئاسة اللبنانية في آب لعون أو مجلس نيابي وفق الستين وتمديد ثالث لقهوجي
كتب المحرّر السياسي
صار الجيش العراقي على بعد خمسين كيلومتراً من الموصل، قاطعاً مسافة تقارب المئة كيلومتر خلال حملة الأسبوعين الماضيين، وبعد تخطي نهر دجلة وتلاقي وحدات الجيش ووحدات مكافحة الإرهاب بنصب الجسور الاصطناعية ستبدأ المرحلة الثانية من الحملة الهادفة لتحرير الموصل التي يقدّر قادة عراقيون أن تستغرق شهري تموز وآب، بينما حملت أنباء المساء مقتل القائد العسكري لداعش أبو عمر الشيشاني خلال المعارك، وحملت أنباء اليمن فشلاً سعودياً في الاقتراب من العاصمة صنعاء، رغم كثافة القصف الجوي، ومعارك الاستنزاف المتفرّقة.
الميدان السوري يحمل المزيد من الوقائع لصالح الجيش السوري، الذي نجح بالإمساك بكتل أبنية تجعله أقرب إلى مركز مدينة داريا، مثلما سجلت جبهات شمال حلب المزيد من التقدّم للجيش والحلفاء في الليرمون، وبالتوازي أكدت مصادر متابعة للمعارك في داريا وحلب لـ «البناء» أنّ اتصالات عبر وسطاء بدأت بين مسؤولين سوريين وقادة جماعات مسلحة في داريا وأحياء شرق حلب طلباً لتسليم السلاح والخروج من المعركة، رغم عدم امتلاك هذه الجماعات التي سلكت طريق التفاوض القدرة على إنهاء الوضع في مناطق تواجدها، وحصر مسعاها بتأمين خروجها وتسليم السلاح والانسحاب من الحرب.
على خلفية هذا الوضع الميداني جاء كلام رئيس الحكومة التركي علي يلدريم والجواب السوري عليه حول التطبيع في العلاقات، إشارة للمسعى الروسي الذي يهدف لتكريس الانتقال التركي في الملف السوري من ضفة الحرب إلى ضفة التسويات. فالكلام التركي عن نية التطبيع والردّ السوري عن انتظار الأفعال إشارة لبدء صفحة التفاوض حول شروط التطبيع، لكن الأنظار تتجه اليوم نحو موسكو التي يزورها وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي سيلتقي نظيره سيرغي لافروف قبل أن يجتمع مطوّلاً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والموضوع الرئيسي هو التفاهم على كيفية التعاون في الحرب ضدّ الإرهاب في سورية، حيث مهّد كيري بالكلام العلني عن ثنائية داعش والنصرة، انسجاماً مع الموقف الروسي، وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إنّ محادثات موسكو لن تقف عند حدود البحث عن بيان سياسي مشترك بل عن آليات تعاون عملي، وهذا يستدعي الجواب عملياً على كيفية التعامل مع الفصيلين الأساسيين في جماعة الرياض المتموضعين مع النصرة وهما جيش الإسلام وأحرار الشام اللذان تبلّغ كيري أنّ التفاوض على ضمّهما للائحة التنظيمات الإرهابية على جدول أعمال زيارته لموسكو، وأن المرجح أن يخرج كيري من موسكو لينقل للفريقين ومن خلفهما لأنقرة والرياض خيار الخروج من مناطق سيطرة النصرة، أو ضمّهما إلى لوائح الإرهاب التي ستستهدفها الغارات الروسية الأميركية وفقاً للتفاهم المرتقب. وبالتوازي الدعوة إلى انطلاقة جديدة لمحادثات جنيف تحت عنوان تأجيل البحث بالرئاسة السورية لما بعد الفوز بالحرب على الإرهاب، وتخيير الجماعات المسلحة التي تريد الانخراط في هذه الحرب بين المشاركة في حكومة في ظلّ رئاسة الرئيس السوري أو الانخراط في هدنة طويلة مع الجيش السوري والتموضع في خنادق الحرب على النصرة وداعش والتعاون مع كلّ من موسكو وواشنطن اللتين ستتوليان تنسيق هذه الحرب.
لبنانياً، بعد انقشاع «غيمة إيرولت» عن هدف الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، بتطبيع العلاقة مع حزب الله، في إطار التموضع الذي تريده فرنسا مع المتغيّرات الدولية والإقليمية، صارت الصورة السياسية اللبنانية، كما اختصرها مرجع واسع الاطلاع لـ «البناء»، مرهونة بين خيارَيْ السير بالعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في جلسة الانتخاب المقرّرة في الثامن من آب بعد الفشل المتكرّر لجلسات الانتخاب حتى الأمس، وأن تتولى خلوة مطلع آب لهيئة الحوار الوطني إقرار سلة التفاهمات التي تفتح الطريق نحو هذا الخيار، وإلا فالذهاب إلى انتخابات نيابية مطلع العام المقبل وفقاً لقانون الستين ليقوم المجلس الجديد بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
جلسات الوقت الضائع مستمرة
تستمر مواعيد جلسات عدم انتخاب رئيس للجمهورية في الوقت الضائع وآخرها الجلسة الـ42 أمس، التي أرجأها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الثامن من آب بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، بحيث استقرّ الحضور على 42 نائباً. ما يثبت فعلياً بأن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت لم يحمل في جعبته أي جديد رئاسياً خلال زيارته إلى بيروت، بل كانت مجرد جولة استطلاع وحث اللبنانيين على معالجة أزماتهم وتأكيداً على استمرار دعم فرنسا للبنان وبالتالي لا مبادرة خارجية تلوح في الأفق لإخراج لبنان من أزمته الرئاسية.
رهان برّي على جلسات آب
وقالت مصادر عين التينة لـ «البناء» إن لا جديد في موضوع الرئاسة ولا في ملف قانون الانتخابات قبل جلسات الحوار الوطني في الثاني والثالث والرابع من شهر آب المقبل، وأوضحت أنه رغم أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، غير أن المشكلة تكمن في قانون الانتخاب، لافتة إلى أن «معظم الكتل النيابية لم تقدم أي جديد في هذا السياق بل المراوحة سيدة الموقف». وأكدت المصادر «أنه في حال وصلنا إلى تشرين المقبل ولم يتم الاتفاق على قانون جديد، فحينها ستجرى الانتخابات على أساس قانون الستين لأن التمديد عند بري غير وارد قطعاً مهما كانت الظروف، لذلك رهان بري على جلسات الحوار في آب للاتفاق على قانون جديد». وشددت المصادر على أن «لا مبادرات خارجية ولا داخلية على الصعيد الرئاسي»، موضحة أن بري لم يتحدث عن سلة الحل الكاملة بل الآخرين طرحوها عليه، مضيفة أن «بري طرح جدول أعمال في أول جلسة للحوار الوطني يتضمّن الرئاسة وتفعيل العمل الحكومي والتشريعي وقانوني الانتخاب والجنسية، لكن إذا تعذّر انتخاب رئيس فيمكن إقرار قانون انتخاب جديد وتقريب موعد الانتخابات النيابية ثم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة على أن يتعهّد جميع أقطاب الحوار أنه بعد إجراء الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس للمجلس وهيئة المكتب تحدّد أول جلسة له لانتخاب رئيس للجمهورية».
.. ولا نصاب في اللجان
غياب النصاب في جلسة انتخاب الرئيس انسحب على جلسة اللجان المشتركة المخصصة للبحث في قانون الانتخاب ومناقشة اقتراح القانون الرامي الى تعديل قانون الانتخاب باعتماد صيغة النظام المختلط بين الاكثري والنسبي. ورفعت الجلسة لعدم اكتمال النصاب أيضاً، حيث اقتصر الحضور على 21 نائباً فيما المطلوب حضور 22، وتم تحديد موعد الجلسة الجديدة في 27 تموز الحالي التي ربما تحذو حذو جلسة اليوم كغيرها من الجلسات والاستحقاقات التي تنتظر خلوة الثلاثة أيام في آب.
حوري ردّ على السنيورة…
وحضر الواقع المالي في مداولات ساحة النجمة، لا سيما السجال الذي دار بين وزير المال علي حسن خليل بُعيد تقرير خليل المالي، وردّ عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري على السنيورة بشكلٍ غير مباشر، حيث اعتبر «أن لا مصلحة أو مبرر لأي سجال أو تجريح شخصي ولأي مشاحنات في هذه الظروف في ما خصّ الملف المالي».
كارثة تهدّد الليطاني…
وفي سياق آخر حضر موضوع تلوث نهر الليطاني في لقاء الأربعاء النيابي، حيث حذّر الرئيس بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ «البناء» من استمرار وتفاقم كارثة تلوّث نهر الليطاني، داعياً «كل الجهات والإدارات والأجهزة المعنية للمبادرة فوراً إلى ممارسة دورها في حماية الليطاني من كل أشكال الاعتداءات والانتهاكات لهذا النهر الحيوي أكان على صعيد المرامل أو شبكات الصرف الصحي أو غيرها». واعتبر بري مشروع قانون حوض الليطاني الذي ناقشته اللجان النيابية ينطبق عليه تشريع الضرورة، مؤكداً أن «هذه القضية يجب أن تكون في أولوية الاهتمامات، وأن المسؤولية تفرض علينا وقف هذه الكارثة».
ولم يتطرّق بري مع زواره إلى أي ملف خارج التلوث في الليطاني الناتج عن تراكم وإهمال وعدم معالجة طويلة الأمد وغياب مؤسسات الدولة عن المنطقة الأمر الذي يحتاج الى معالجة سريعة عبر وزارة الداخلية وتحدّث بري مع الوزير نهاد المشنوق في هذا الإطار».
كما نقلوا عن بري إشارته إلى وجود قانون لمعالجة مشكلة التلوث في الليطاني في المجلس النيابي لتأمين التمويل لمبلغ يقارب ألف مليار ليرة لسنوات طويلة لا سيما معالجة الصرف الصحي، لكن المشكلة في عدم حصول جلسات تشريعية، لذلك أصرّ بري ويطالب بإدراج هذا الملف في إطار تشريع الضرورة ويأمل أن تتجاوب باقي الأطراف في هذا الموضوع الذي يصبّ في مصلحة المواطنين ويخرج عن المصالح والحسابات السياسية».
جلسة للحكومة ببنود عادية
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة ببنود عادية وفقاً لجدول الأعمال الذي ستغيب عنه جميع الملفات السياسية والقضايا الساخنة، كما لن يتطرّق إلى ملف النفط بانتظار دعوة رئيس الحكومة تمام سلام للجنة الوزارية المختصة لدراسة الملف تمهيداً لإقرار المرسومين النفطيين في مجلس الوزراء.
درباس لـ «البناء»: أعطوا سلام وقتاً…
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» إن «الرئيس سلام سيدرس ما اتفقت عليه الأطراف المعنية في ملف النفط، وبناء عليه سيدعو اللجنة الوزارية المختصة للانعقاد لبحث الملف ليعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء لإقرار المراسيم». وأشار درباس إلى أن «سلام سيأخذ كل وقته في هذا الملف، وليس هو المسؤول عن أي تأخير بل الخلاف السياسي هو من أخّر انطلاق استثمار ثروة لبنان النفطية والغازية لمدة ثلاث سنوات، وبالتالي على الجميع أن يسمح لسلام ببضعة أيام لدراسة الملف».
ولفت درباس إلى أن «لا خوف من انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان، لكن هناك قلق فقط ليس بسبب الحالة الاقتصادية بل لغياب الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الرقابية».
ورفضت مصادر الرئيس سلام تحديد موعد معيّن لإقرار المراسيم في مجلس الوزراء، لكنّها أكدت أن «سلام سيتأنّى بكل خطوة يخطوها وسيدعو اللجنة الوزارية للاجتماع في أقرب وقت، ونفت وجود أي عقبات تعرقل ذلك»، مؤكدة أن «الملف وضع على السكة الصحيحة وسلام متفائل»، بينما أكدت مصادر عين التينة لـ «البناء» أن «المراسيم النفطية باتجاه إقرارها في مجلس الوزراء والقضية مسألة وقت».
التمديد الثالث لقهوجي؟
على صعيد آخر، يقترب موعد انتهاء مدة التمديد الثاني لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي في قيادة الجيش في أيلول الحالي، وفي السياق، علمت «البناء» من مصادر وزارية أن «الأمور تتجه نحو التمديد الثالث لقهوجي في قيادة الجيش»، مضيفة: «إذا تمّ الاتفاق بين الأطراف السياسية على اسم موحّد لقيادة الجيش فسيطرح على مجلس الوزراء لتعيينه، لكن في حال لم يتمّ الاتفاق، فسيذهب المجلس الى التمديد لقائد الجيش الحالي جان قهوجي وفقاً للآلية المتبعة التي سيلجأ إليها وزير الدفاع لتمرير التمديد الثالث، كما حصل في التمديدين الأول والثاني»، وأكدت المصادر أن «الحكومة لن تسمح للفراغ أن يتسلل الى قيادة الجيش لحظة واحدة، في ظل الظروف الأمنية الحساسة والدقيقة والخطيرة التي تمرّ بها البلاد، لا سيما على الحدود مع سورية».
وكشف العماد قهوجي في تصريح أن «مديرية المخابرات في الجيش قامت بتفكيك عشرات الشبكات الإرهابية، بعضها على درجة عالية من الخطورة، كان بصدد ضرب مرافق حيوية وتجمّعات شعبية في أكثر من منطقة لبنانية»، وشدد على أن «أي عمل إرهابي قد يحصل هنا أو هناك، ومهما كانت طبيعته ونتائجه، لن ينال قيد أنملة من عزيمتنا وإصرارنا على حماية لبنان، والحفاظ على وحدته وسيادته واستقلاله».