الأسد: موسكو لم تطرح الانتقال السياسي

رفض الرئيس السوري بشار الأسد أن يتم وصفه «بالدكتاتور الوحشي» وأمل من التاريخ أن يعتبره الرجل الذي كان يحمي بلاده من الإرهاب ومن التدخل وحفظ سيادته، مشدداً بالقول إنّه «عندما تحمي بلدك من الإرهابيين، وتقوم بقتل الإرهابيين، وتقوم بهزيمتهم فأنت لست وحشياً بل أنت رجل وطني».

الأسد أكد خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة «NBC» الأميركية، أمس، أنّ القضاء على الإرهابيين في سورية ممكن خلال عدة أشهر في حال توقف دعمهم من الخارج، وحجم التجنيد الذي تقوم به تركيا بأموال سعودية، لإدخال مزيد من الإرهابيين إلى سورية وإطالة الأزمة فيها كما يرغبون، مشيراً إلى أنّه في الوقت نفسه ومنذ أن بدأ التدخّل الروسي المشروع في سورية أرسلت تركيا والسعودية المزيد من المقاتلين، لكن رغم ذلك فقد كان العامل الحاسم كما قلت.

ورحب الأسد بالدعم الذي تلقته سورية وقال «نحن مدينون لكل من وقف بجانبنا، الروس، والإيرانيون، وحتى الصينيون لكن كل بطريقته سواء سياسياً، أو عسكرياً أو اقتصادياً. كما نفى أن تكون موسكو قد طلبت شيئاً من دمشق مقابل دخولها في حربها ضد الإرهابيين، مشيراً إلى أنّ ذلك كان يستند إلى القيم الروسية ورؤيتها للإرهاب ومصلحتها في محاربته.

ورأى الرئيس السوري أنّ ضربات سلاح الجو الأميركي في سورية غير بناءة، وأنّ الإرهاب تراجع بعد تدخل روسيا. لكنه في المقابل أشار إلى أنّ الإرهاب في سورية توسع منذ بداية الضربات الأميركية.

وقال الأسد إنّ الجيش السوري حقق تقدماً كبيراً مؤخراً. واعتبر أنّ هدف أي جيش أو أي حكومة. كما انتقد البيان الصادر عن الخارجية الأميركية، وأشار إلى أنّه «لا يعكس أيّ احترام للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة»، لافتاً إلى أنّه «لا يحترم سيادة بلد من حقّه بسط سيطرته على كامل أراضيه».

وحول الشكوك في أنّ روسيا ربما تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة ووزير خارجيتها يلتقي الرئيس الروسي في موسكو للتوصل إلى صفقة ما قد تشكّل أخباراً سيئة بالنسبة لدمشق، قال «أولاً، لو أراد بوتين طلب شيء من الأمريكيين فإنه سيطلب محاربة الإرهابيين، لأن في هذا تكمن مصلحته كرئيس ومصلحة بلاده روسيا. ثانيا فيما يتعلق بتلك المزاعم التي تظهر بين حين وآخر بأنّ الروس اجتمعوا مع الأميركيين وأنهم ناقشوا شيئاً يتعلق بالقضية السورية لإعطاء الانطباع بأنّهم يقررون ما سيحدث في سورية لقد قال المسؤولون الروس عدة مرات وبوضوح إن القضية السورية تتعلق بالشعب السوري».

الرئيس السوري أوضح أنّ دور روسيا والولايات المتحدة هو توفير المناخ الدولي لحماية السوريين من أي تدخل، مشيراً إلى المشكلة هي أنّ الروس صادقون بينما لم يقدم الأميركيون شيئاً في هذا المجال، كما قال.

الأسد أعلن أنّ موسكو لم تتحدث معه أبداً عن الانتقال السياسي، مؤكداً أنّ علاقته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين نزيهة، وأن دعم روسيا كان حاسماً في المعركة ضد الإرهاب.

وقال إن نظيره الروسي لم يطلب منه شيئاً على الإطلاق مقابل دعمه للقوات السورية، موضحاً أنّ سياسة موسكو في هذا المجال «قائمة على القيم» وأنّ القيادة الروسية تدرك أنّها تحارب في سورية نفس الإرهابيين الذين يتوجب عليها محاربتهم في روسيا.

وأضاف أنّ الفرق بين الرئيس بوتين والمسؤولين الغربيين هو أنّه «تمكن من رؤية ذلك بوضوح في حين إنّ المسؤولين الآخرين في أوروبا أو في الغرب بشكل عام لم يتمكنوا من رؤية ذلك»، مؤكداً أنّ القيادة الروسية لم تتحدث معه أبداً عن عملية الانتقال السياسي، وسبب ذلك، حسب قوله، أنّ الشعب السوري وحده «يحدد من يكون الرئيس.. ومتى يصبح رئيساً ومتى يرحل..».

من جهتها، أكدت الخارجية الروسية أنّ موسكو لا تدعم شخصياً الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرةً إلى أنّ التركيز على شخصيته أمر غير مفهوم بالنسبة إليها.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، «رداً على انتقادات في هذا الشأن، قلنا مراراً إننا لا ندعم السيد بشار الأسد شخصياً، والأمر الذي نهتم به هو وجود مؤسسات الدولة السورية وقواتها القادرة على مواجهة التهديد الإرهابي على الأرض».

وأضافت أنّ «هذا مهم بالنسبة إلى سورية، بل المجتمع العالمي بأسره»، مشددةً على أنّ انهيار الدولة السورية تحت ضغط الإرهابيين سيؤدي إلى تداعيات كارثية في سورية والمنطقة الشرق أوسطية وكذلك أوروبا.

زاخاروفا تابعت «هذا التركيز على شخصية الأسد غير مفهوم بالنسبة إلينا، لا ينبغي الانطلاق من ذلك وإنما من التعاون في مجال مكافحة الإرهاب من دون أي شروط مسبقة»، معتبرةً أنّ المصرّين على أيّ شروط مسبقة يدفعون إلى العمل في مصلحة الإرهابيين.

من جهة أخرى، أعلنت المتحدثة الروسية أنّ مجموعات مسلحة تابعة للمعارضة «المعتدلة» تعمل بالتنسيق مع الإرهابيين في منطقة حلب، داعيّة من جديد إلى فصل قوات المعارضة عن إرهابيي تنظيم»جبهة النصرة».

زاخاروفا أضافت إنّ مسلحي عدد من الجماعات المسلحة واصلوا محاولاتهم الرامية إلى شن هجمات على مواقع القوات السورية في عدد من أحياء حلب، وقالت «من أجل إزالة المعقل الخطر للإرهاب الدولي في أراضي سورية، يجب فصل المعارضين المسلحين الرافضين للإرهاب عن إرهابيي «جبهة النصرة» بشكل واضح».

كما أكّدت أن مسألة إدراج فصيلي «جيش الإسلام» وأحرار الشام» في قائمة التنظيمات الإرهابية تقع ضمن صلاحيات مجلس الأمن الدولي وليست رهينة لموقف الولايات المتحدة ودول أخرى.

وفي سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنّ موقف «النظام السوري» يخلق إرهاب «داعش»، مؤكداً أنّه يجب ألا نختار بين «نظام الأسد» و»داعش»، بل يجب مواجهة كليهما.

يلديريم قال في مقابلة تلفزيونية، أمس، إنّ الموقف التركي اتجاه القضية السورية لن يتغير ما لم يرحل الأسد عن سلطة البلاد، مشيراً أنّ السبب الرئيسي لتأزم الوضع السوري هو الأسد. وجاء ذلك بعد يوم من إعلانه الأربعاء أنّّ تركيا تحتاج إلى تطبيع علاقاتها مع سورية.

وقال «من جهة هناك الأسد و من جهة أخرى هناك «داعش». وإذا تسألني ما إذا كان علينا الاختيار بين الأسد وداعش، فإننا لا نستطيع أن نختار أيا منهما. وعلى كليهما الرحيل».

في غضون ذلك، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أمس، إن الدورين الروسي والأميركي أساسيان لنجاح الجولة المقبلة من المحادثات السورية، وإن الأيام القليلة المقبلة حاسمةٌ لتحديد موقفي أميركا وروسيا وستساعد على توضيح العملية السياسية في سورية.

دي ميستورا أكد مشاطرته قلق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن تأخر عملية التسوية في سورية، مؤكداً أنّه يأخذ على محمل الجد الرسالة التي وجهها إليه الوزير لافروف، حيث قال «أنا أفهم قلقه، وبصراحة أشاطره».

وأضاف دي ميستورا «نحن لا نتقاعس عن هذه المسألة، نحن دائماً نعمل في هذا الاتجاه»، مشيراً إلى أنّ فعالية الجولة الجديدة من المباحثات السورية تتوقف على مساعدة رئيسي المجموعة الدولية لدعم سورية، روسيا والولايات المتحدة.

ميدانياً، أعلنت الدفاع الروسية، إنّ 6 قاذفات بعيدة المدى من طراز «تو- 22 ام 3»، انطلقت من الأراضي الروسية ووجهت ضربات مركزة لمنشآت «داعش» شرقي مدينة تدمر، والسخنة، وأراك في مدينة حمص، واستهدفت كذلك محطة لاستخراج النفط في حمص.

وأكدت الوزراة أنّ الغارات أسفرت عن تدمير نقطة تحكم للتنظيم، ومعسكر تدريب، وتدمير منشأتين لتكرير المنتجات النفطية، كما كبدت «داعش» خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى