من ذكريات الحرب وأضرارها الرياضية

إبراهيم وزنه

في منتصف شهر تموز من العام 2006، أمعنت الطائرات الصهيونيّة في رمي قنابلها المتنوّعة على الضاحية الجنوبية لبيروت، يومها لم يوفّر العدو الغاشم بشراً ولا حجراً ولا مَعلماً رياضيّاً. كثيرة هي الأضرار التي لحقت بالرياضة اللبنانيّة، فهناك لاعبون قضوا تحت القصف، وآخرون اضطرّوا للسفر خارج البلاد، ملاعب عدّة احترقت أرضيّاتها، وقاعات جديدة دمرّت بالكامل، وأخرى قيد الإنشاء زالت عن الخارطة، في ذلك اليوم، حملت كاميراتي وتوجّهت ناحية قاعة نادي الصداقة الواقعة عند أوتوستراد المطار، ثمّ تقدّمت ناحية ملعب الأنصار لكرة القدم، وأثناء عودتي من مغامرتي التقط صوراً لمجمع «اكستريم» الرياضي الواقع مقابل مستشفى الساحل عند جسر المطار الذي كان في ذلك اليوم قد تمدّد أرضاً.

على الفور، اتّصلت برئيس نادي الصداقة الصديق عبدالله عاشور، ووضعته في أجواء المجزرة التي حصلت في الملعب، ليجيبني وعلى طريقة وعد السيد نصرالله بعد تلك الحرب المجنونة، سنعيد القاعة أجمل ممّا كانت، ومضت أيام «العاصفة» 33 يوماً والضاحية تحت الحديد والنار، وروائح البارود تملأ الأجواء، وما أن هدأت الحرب، انطلقت مرحلة البناء واستعادة البريق للضاحية الشموس، في كل الأحياء كانت الحرب قد تركت بصماتها، ألم هنا، وحزن هناك، وصبر دائم يبلسم الجراح. وما هي إلّا شهور معدودة حتى عاد ملعب الأنصار «أخضراً»، وقاعة الصداقة صارت محجّة للأصدقاء والرياضيّين والموهوبين، لا بل ارتفع في مواجهة صرح الصداقة صرحاً جديداً حمل اسم السدّ، وأصبح ملعب العهد أكثر إشراقاً وجمالاً، كيف لا؟ وهو يحمل اسم الشهيد السيد عباس الموسوي، كما غيّر مجمع اكستريم اسمه إلى «كلاسيكو» وصار أجمل وأرتب، وهنا أتذكّر أنّ عاشور وأخوته لم ينتظروا من الدولة والوزارة تحديد حجم الخسارة، بل سارعوا للردّ على همجيّة العدوان ببناء صرح أكبر وأجمل وأروع … وهكذا، كان الردّ على العدوان بمزيد من البناء والتجميل، أولسنا الموصوفين بأنّنا كطائر الفنيق، ينبعث دائماً من تحت الدمار ومن قلب الرماد ليحلّق حضارة وعنفواناً!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى