الأمين رستم الضيقة: تاريخ نضالي مميّز
صحيح أنّه من مواليد بلدة «حزّين» في منطقة بعلبك، إلّا أنّ إقامته في شتورة كانت غنية بالحضور الحزبي، والسياسي، الاقتصادي، والاجتماعي، بحيث لا يصحّ أن نحكي عن الحزب في البقاع الأوسط إلّا ونحكي عن أمين تميّز بنضاله وإيمانه الوطيد بالحزب، هو الأمين رستم الضيقة.
كنت سمعت عنه حينما شارك في الثورة الانقلابية وأُسر، ثم عرفته وسمعت، وتلاقينا كثيراً بعد خروجه من الأسر، وانضمّت معرفتي بانتمائه، وكلهم رفقاء وأصدقاء وما رافق ذلك من مشاعر الودّ والمحبة، ليحتلّ الأمين رستم وكلّ عائلته مساحة شاسعة في أعماقي وفي ذاكرتي.
يصحّ أن يُكتب الكثير عن الأمين رستم منذ النشأة، مروراً بمسيرته الحزبية الغنية بالنضال ومواقف العز، وهذا أمر كان يمكن أن يتحقق لو أمكن لعائلته أن تُقيم له المناسبة التكريمية التي يستحقها.
عن الأمين رستم الضيقة هذا القليل من كثير به نعرّف عنه بانتظار أن يصدر مؤلف يفيه حقه، نشأةً ونضالاً وحضوراً متميّزاً.
الاسم الكامل: رستم عبد الرحمن الضيقة.
اسم الأم: زهرة.
مواليد بلدة حزّين بعلبك في 1/1/1931.
شارك في الثورة الانقلابية وسجن لمدة 4 سنوات.
بعد خروجه من الأسر، تابع نشاطه الحزبي متولّياً مسؤوليات حزبية، منها منفذ عام زحلة، ومندوب سياسي لمنطقة البقاع.
مُنح رتبة الأمانة بتاريخ 24/02/2006، ووسام الثبات عام 2010.
وفاته
بتاريخ 11/09/2012 نعى الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين رستم الضيقة، وممّا جاء فيه:
«ينعى الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى الأمة وعموم السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود الأمين رستم عبد الرحمن الضيقة، الذي توفي اليوم عن ثمانين عاماً ونيّف، قضى منها أكثر من نصف قرن مناضلاً مقداماً في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو الذي شكل بحضوره الاجتماعي قيمة مضافة إلى سيرته النضالية الحافلة بالتضحيات.
تحمّل الراحل مسؤوليات حزبية عديدة، منها منفذاً عاماً لمنفذية زحلة، ومندوباً سياسياً لمنطقة البقاع في لبنان.
ارتبط اسمه بالعديد من المحطات الحزبية، ولا سيّما إبّان الثورة القومية الاجتماعية التي شارك فيها ودخل على أثرها إلى المعتقل لمدة أربع سنوات.
أسّس الراحل مع شريكة حياته كريمة حيدر عائلة قومية مؤلّفة من المرحوم علي، غسان، أسد، حياة زوجة محمود المسمار، أمل زوجة أحمد عباس بركات، الوزيرة السابقة وفاء زوجة الدكتور معين حمزة، رؤوفة زوجة المهندس غسان مهدي وحنان زوجة عمر مشرفية.
يُشيّع جثمان الراحل يوم غدٍ الأربعاء الواقع فيه 12 أيلول 2012، عند الساعة الحادية عشرة ظهراً في بلدته حزّين.
تُقبل التعازي في دارته في حزّين، ويوم الاثنين الواقع فيه 17 أيلول 2012 في مركز الجمعية الإسلامية للتخصص والتوجيه العلمي الجناح، بيروت، من الساعة الثانية بعد الظهر حتى الساعة السابعة مساءً.
التشييع
وفي 12 أيلول، شيّع الحزب وأهالي بلدة حزّين والبقاع في مأتم حاشد ومهيب الأمين الراحل رستم الضيقة.
عن المأتم أوردت جريدة «الديار» في عددها الصادر بتاريخ 13 أيلول، أنّ «وفداً مركزياً شارك في التشييع، وضمّ أعضاء القيادة توفيق مهنا، النائب مروان فارس، ربيع الدبس، لبيب ناصيف، أسامة سمعان، وليد زيتوني، صبحي ياغي، عبدالله وهاب، المنفذين العامين لبعلبك وزحلة والبقاع الغربي، وعدداً كبيراً من المسؤولين الحزبيين وفاعليات المنطقة الاجتماعية ووفود شعبية وقومية».
ذكرى الأسبوع
أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي وآل الضيقة مناسبة مرور أسبوع على وفاة الأمين رستم الضيقة باحتفال تأبيني في دارة الأمين الراحل في «حزّين»، وذلك عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأحد، الواقع فيه 23 أيلول 2012.
عن هذه المناسبة قالت الدائرة الإعلامية في عمدة الإذاعة والإعلام في بيان لها بتاريخ 24/09/2012 ما يلي:
«أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي، ذكرى أسبوع الأمين المناضل رستم عبد الرحمن الضيقة، باحتفال تأبيني أقيم في بلدة حزّين بعلبك، حضره إلى جانب عائلة الفقيد، نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا، عميد الثقافة والفنون الجميلة د. أسامة سمعان، عميد التربية والشباب صبحي ياغي، عضو الكتلة القومية النائب د. مروان فارس، المنفذون العامون لمنفذيات بعلبك والبقاع الشمالي وزحلة والبقاع الغربي، وعدد من المسؤولين.
كما حضر الحفل التأبيني النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، عضو كتلة التحرير والتنمية النائب غازي زعيتر، الوزير السابق علي عبدالله، مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي، النائب السابق حسن يعقوب، ممثّل عن النائب إميل رحمة، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني فاروق دحروج، وقيادات من حزب الله وحركة أمل وحزب البعث العربي الاشتراكي وممثلون عن بعض الفصائل الفلسطينية، وفاعليات بلدية واختيارية، وحشد من القوميين وأبناء المنطقة.
قدّم للحفل الرفيق محمد غصن بكلمة أشار فيها إلى مزايا الأمين الراحل رستم الضيقة ومناقبيته والتزامه قِيم النهضة ومبادئ الحزب، لافتاً إلى أنّ الراحل ومنذ خمسينات القرن الماضي انخرط في مسيرة النضال القومي ضدّ العدو الصهيوني، وناضل في سبيل إسقاط النظام الطائفي في لبنان وإقامة نظام العدل الاجتماعي.
حيدر
وألقى كلمة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ أديب حيدر، فأكد على «شرف الانتماء إلى خط المقاومة من أجل الحفاظ على لبنان، الذي يعيش فيه الإنسان بكلّ حقوقه وواجباته»، كما أكد على «دور الدولة في العطاء والتقديمات كي نتمكن من أن ننهض بدولة قوية مواجهة ومحمية تستطيع الصمود في وجه العاصفة الآتية على لبنان صغير المساحة»، واصفاً المبادئ التي اعتنقها الراحل بالقومية والجامعة لأنها طريق الوحدة والبناء.
الفرزلي
ثمّ ألقى النائب السابق لرئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي كلمة توجّه في مستهلها إلى الراحل قائلاً: «أتذكر عام 1982، ذلك الدور الفاعل الذي لعبته في البقاع الغربي، الدور القيادي والريادي للحفاظ على الوحدة الوطنية عندما كانت المؤامرة تعصف ببنية الوطن، وتتهدّد وحدة أبنائه وأرضه وشعبه ومؤسساته. كلّ ذلك لأنك ابن الحزب السوري القومي الاجتماعي النهضوي…»
وختم: «انتمى رستم الضيقة الى مدرسة كان لها فاتحة المقاومة في لبنان، وهو مَن حافظ على القيم والمبادئ انطلاقاً من رؤية حزبه».
مهـنـا
ثم ألقى نائب رئيس الحزب الأمين توفيق مهنا كلمة قال فيها: «شرّع راحلنا أبوابه للمقاومة في وجه الاستعمار والاستعباد. هو الذي حوّل بيته الى ملتقى للقوميين والوطنيين من أبناء شعبنا، من فلسطين الى الشام. هو ابن النهضة الذي حوّل بيته الى بيت من بيوت المقاومة. هو ابن بقاع الخير، المفتوح على مداه، من أنطاكيا الى فلسطين، ومن دمشق الى عمّان، الى بغداد. والمفتوح على مداه نحو الجنوب وبيروت، خزّان الخير والغلال والرجال الرجال، الذين ذهبوا لينصروا القضية، وهم لم يرضوا ابداً ان يروا محتلاً على الارض او مشروع تقسيم يهدّد حياتهم، فنذروا أنفسهم من أجل قضية فلسطين»
أضاف: «عمل من أجل رفع الحرمان والتمييز، ولإقامة الدولة المدنية، دولة المواطن والمواطنة. دأبه ان يبني مع حزبه دولة العدالة، ليضع حدّاً للحرمان والتمييز الطائفي، وشارك في الثورة الانقلابية من اجل إقامة نظام جديد»
وتابع: «نحن اليوم أمام منازلة لها طابع ثقافي وحضاري بإمتياز، لأنّ هذا العدو الجاثم على أرضنا في فلسطين والجولان وأجزاء من لبنان لا يقصد وطننا فقط، بل يقصد حضارتنا وثقافتنا وهويتنا. من هذا المنطلق، ننظر الى انه يستهدف أرضنا وهويتنا. ومن هذا المنطلق، نقول: إن المسّ بالأنبياء والرموز هو اعتداء على الله والدين والإنسان وقيمه، ولا نظنّ انّ مجموعة في التاريخ تلجأ الى هذا الانحطاط إلا قتلة الأنبياء».
وقال: «نعاهد الراحل العزيز، اننا سنبقى حزباً يحتضن المقاومة ويمارس المقاومة، لأنّ هذا الحزب ولد من أجل القضية، لذلك من يظنّ انّ سلاح المقاومة هو سلاح فتنة فهو خاطئ، او سلاح جماعة دينية بعينها او منطقة جغرافية فهو خاطئ.
المقاومة بسلاحها وبدمائها تعبّر عن قضيتها برجالها، بنسائها وبشبابها، من كلّ أنحاء لبنان، جنوباً وعاصمة وبقاعاً، جبلاً وشمالاً، وصولاً الى كلّ أنحاء الوطن، تعطي هويتها الحقيقية. لذلك كلّ من يحاول ان يقزّم ظاهرة المقاومة بسلاح او منطقة او فئة هو خارج عن الانتماء ومارق منه. نحن حزب المقاومة والشهادة جنباً الى جنب مع كلّ مقاوم وطنيّ جهاديّ يرفع راية الحق لتحرير الأرض واستعادة الكرامة والوطن والدولة التي ننشدها»
وختم قائلاً: «إنّ معادلة الشعب والجيش والمقاومة معادلة حيوية تزداد الحاجة إليها. وها هو العدو يعربد بمناورات وتدريبات في شمال فلسطين، من الناقورة حتى الجولان. فمن يقصد بهذه المناورات، اوروبا أم أميركا؟ نؤكد أنه يقصدنا نحن في لبنان، بعزّتنا، بكرامتنا، بسلاحنا، برجالنا وبمعنوياتنا. يقصدنا في الشام للنيل من هذا الموقع الصامد بقيادة الرئيس بشار الأسد. فهو بمناوراته لا يستتر عليها ولا يخفي أهدافه منها. وهو يقول علناً إنّ هذه المناورات هي اختبار معركة لتدمير لبنان وموقع سورية. لذلك نحن هنا، في البقاع واسطة العقد، وصلة الوصل مع البيئة القومية وامتدادها. نقول لهؤلاء: ليس من أحد على وجه الأرض قادر على أن يُسقط سلاح المقاومة، وقادر ان يفكّ الرباط التاريخي المقدس بين بيروت ودمشق وفلسطين. نحن أمة واحدة منذ بدء الإنسانية والحضارة. سنبقى الى أبد الآبدين».
كلمة العائلة
واختتم الحفل التأبيني بكلمة العائلة، ألقاها نجل الأمين الراحل، الرفيق غسان الضيقة، وكانت كلمة وجدانية عبّرت عن مزايا الراحل وكفاحه في سبيل مبادئه وتربية عائلته.
كما توجّه نجل الراحل بالشكر الى كلّ من واسى العائلة بمصابها الأليم.