استمرار الاعتقالات في تركيا وأردوغان يتوعَّد المتورطين بالإعدام

شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، في جنازةِ عددٍ من الضحايا، الذين سقطوا في الانقلاب العسكري الفاشل.

وقال أردوغان في كلمة ألقاها أمام حشود من أنصاره، «إنّ الشعب رد على الخطوة الإرهابية… وقد تمّ اعتقال الآلاف من هذه الجماعة، بينهم قضاة ومدعون»، مؤكداً أنّ كل الجنرالات والمتورطين في محاولة الانقلاب سيتم اعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة.

كما أكّد أردوغان أنّ وزارة العدل التركية على اتصال بالولايات المتحدة والدول الغربية، من أجل تسليم عبد الله غولن وكل المتورطين معه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب، التي أدت إلى مقتل 160 شخصاً.

الرئيس التركي أضاف «نحن حلفاء استراتيجيين.. وأنتم طالبتمونا حتى الآن بتسليم العديد من الإرهابيين وسلمناهم واحدا تلوّ الآخر». «أرجوكم سلمونا هذا الشخص الآن المتورط في محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد»، مشيراً إلى أنّ «بعض الشخصيات تدلي بتصريحات غير حقيقية من الولايات المتحدة ودول الغرب».

أردوغان أضاف خلال الجنازة، تعليقًاً على مطالب بإعادة عقوبة الإعدام أنّه «في الديمقراطيات لا يمكن تجاهل مطالب الشعب، هذا حقكم، وهذا الحق ستتم دراسته دستوريًّا واتخاذ القرار بشأنه لدى الجهات المعنية. تخلينا حتى اليوم عن العواطف، واتخذنا قراراتنا بعد التفكير ملية. والآن سنقدم على هذه الخطوة بنفس الطريقة وبغاية الإيجابية».

كما و قال «تحولت حركة من لم ترقهم وحدة بلدنا ولحمة شعبنا، من أجل السيطرة على دولتنا، إلى عمل مسلح في 15 يوليو، بأمر من عقول مدبرة». «لسنا انتقاميين، والله هو العزيز المنتقم. لهذا علينا الإقدام على خطواتنا بالتفكير والعقل والعلم والخبرة، بعيدًا عن الشعارات».

و أكد قائلاً «ستستمر العمليات في جميع مؤسسات الدولة لإزالة هذه الفيروسات منتسبي منظمة فتح الله غولن ، لأنها تغلغلت في جميع أجهزة الدولة كالسرطان، ونحن نَعلم ذلك جيدًا ونُخبر كافة الجهات المعنية به».

جاء ذلك في وقت، أكد رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، الذي تتهم تركيا أتباعه بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، إن محاولة الانقلاب هذه «ربما كانت مفتعلة».

كولن قال أنّه «يوجد احتمال ضعيف بأنّ هذا ربما كان انقلاباً مفتعلاً. ربما كان الهدف منه توجيه اتهامات قضائية و استهداف جمعيات». وحث الشعب التركي على عدم النظر إلى الانقلابات العسكرية من منظور إيجابي.

المعارض التركي أضاف إنّ الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق من خلال العمل العسكري، وقال «يبدو أنهم جماعة اردوغان لن يتساهلوا مع أيّ حركة أو جماعة أو منظمة لا تخضع لسيطرتهم الكاملة»، على حد قوله.

إلى ذلك، أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره التركي مولود جاويش أوغلو بأن الادعاءات بتورط واشنطن في الانقلاب الفاشل، كاذبة وتضر بالعلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.

جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأميركية قال في بيان، إن كيري أكد دعم واشنطن للحكومة التركية المنتخبة ديمقراطيا، داعياً إياها إلى ضبط النفس واحترام سيادة القانون خلال تحقيقاتها في هذه المؤامرة.

وأردف قائلاً «لقد أوضح وزير الخارجية الأميركي أنّ الولايات المتحدة ستكون مستعدة لتقديم المساعدة للسلطات التركية التي تباشر هذا التحقيق، لافتاً إلى أنّ وزير الخارجية التركي «شكر الولايات المتحدة على دعمها».

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو، أمس، إنّ فشل الانقلاب في تركيا لا يمنح الرئيس أردوغان «شيكاً على بياض» لتجاوز الديمقراطية، مؤكداً على ضرورة إعمال أحكام القانون في تركيا، وأنّه لا يمكن أن يكون هناك تطهير دون أن يأخذ القانون مجراه.

كما أشار وزير الخارجية الفرنسي إلى أن وزراء الاتحاد الأوروبي سيؤكدون، اليوم الاثنين، في اجتماعهم في بروكسل على ضرورة التزام تركيا بمبادئ الديمقراطية الأوروبية.

في غضون ذلك، قال مسؤول تركي كبير لوكالة «رويترز»، أمس، إنّ الحكومة استعادت السيطرة على أنحاء البلاد رغم أنّ مجموعات قليلة من مدبري الانقلاب لا تزال صامدة في اسطنبول لكنها لم تعد تشكل خطراً، مضيفاً «إنّه لم يلق القبض بعد على بعض العسكريين المهمين لكن يبدو من المرجح الإمساك بهم قريباً».

هذا و كانت قناة «خبر تورك» التركية، قد أشارت في وقت سابق، إلى أنّ زعيم الانقلابيين المفترض، و هو قائد القوات الجوية التركية سابقاً، الجنرال أقين أوزتورك، تمّ إيقافه في إطار التحقيق بملابسات الانقلاب الفاشل.

وأضافت القناة أنّ أوزتورك احتجز في قاعدة «أكينجي» الجويّة، بالقرب من العاصمة أنقرة، مضيفةً أنّ عسكريين آخرين كانوا معه القوا أسلحتهم وسلموا أنفسهم للسلطات.

أوزتورك، و خلال التحقيق معه، اتهم رئيس هيئة الأركان الجنرال آكار خلوصي بالتواطؤ معه، و قال «أنا فعلت ذلك بالتعاون مع آكار خلوصي».

من جهتها، قالت وكالة «الأناضول» الرسميّة، بأنّ قوات الأمن أوقفت قائد الفيلق الثالث في الجيش التركي، إردال أوزتورك، وعضو المحكمة الدستورية، ألب أرسلان ألطان، في إطار التحقيقات الجارية.

وفي وقت سابق، أعلنت مصادر أمنية عن توقيف قائد عام الجيش الثاني اللواء، آدم حدوتي، ورئيس أركانه عوني آنغون، في ولاية ملاطية وسط البلاد.

كما قررت محكمة تركية في ولاية دنيزلي، أمس، اعتقال 52 عسكرياً برتب مختلفة بينهم قائد لواء الكوماندوز الـ11 والحامية العسكرية في الولاية العميد كامل أوزهان أوزبكر.

وفي حادث منفصل، أفادت وسائل إعلام تركية بأنّ قرابة 50 جنرالاً وأميرالاً أوقفوا للاشتباه بتورطهم في محاولة الانقلاب، بالاضافة إلى 100 ضابط.

وأوضحت المصادر، أنّه في إطار العمليات الأمنية التي تشنّها السلطات ضد ما يسمى في تركيا بـ»الكيان الموازي» المتهم بالضلوع في المحاولة الانقلابية، أوقفت قوات الأمن، 10 أشخاص منه.

وطالت موجة الاعتقالات، وفق المعطيات الأخيرة، نحو 3 ألاف عسكري، بينهم ضباط من رتب مختلفة، والبعض منهم برتب عالية، متهمين بالتورط في محاولة الانقلاب.

هذا وأقيل أكثر من 2700 قاض في مختلف المحاكم، بينهم ما لا يقل عن 10 قضاة في المحكمة الإدارية العليا أوقفوا للاشتباه بتورطهم في الانقلاب.

إلى ذلك، أحالت السلطات اليونانية، أمس، إلى القضاء 8 عسكريين أتراك فروا إليها عقب محاولة الانقلاب، حيث تم نقلهم إلى القصر العدلي بمدينة أليكساندروبولي، مكبلين ببعضهم، على متن حافلة خاصة.

هذا ومن المنتظر أن يخضع العسكريون لعملية تحقيق من قبل السلطات اليونانية القضائية، والمثول أمام المحكمة خلال فترة وجيزة، حيث قالت المتحدثة باسم الحكومة اليونانية أولجا جيروفاسيلي، «سنضع في عين الاعتبار التهم الموجهة للعسكريين الأتراك التي تتضمن المحاولة الانقلابية ضد الديمقراطية، والنظام الدستوري في تركيا».

وكانت مروحية عسكرية تركية، حطّت أول من أمس، في مدينة أليكساندروبولي اليونانية المحاذية لحدود تركيا، وعلى متنها 8 عسكريين شاركوا في محاولة الانقلاب، قبل أن تتسلمها السلطات التركية في وقت لاحق من اليوم نفسه.

وفي السياق، قال المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش إن العسكريين الموقوفين على خلفية محاولة الانقلاب، سيحالون إلى المحاكمة خلال فترة وجيزة لينالوا جزاءهم العادل.

وتوعد قورتولموش بمحاسبة المتورطين في محاولة الانقلاب، مشيراً أنّ الشعب تمكن ببصيرته وفعله المقاوم من دحر الإنقلابيين وإفشال محاولتهم، معتبراً أنّ «تركيا لم تشهد محاولة إنقلابية بهذا القدر من الوحشية ولهذا رفضها الشعب ونزل إلى الشوارع والميادين رغم إطلاق الإنقلابيين النار وقصفهم لمؤسسات الدولة».

وشدد المتحدث التركي على أنّه «لا يمكن للذين لهم صلة بمنظمة فتح الله غولن الإرهابية، البقاء مموهين في مؤسسات الدولة»، متعهداً بـ»الكشف عن الجهات التي تقف وراء المحاولة الإنقلابية، وكل الجهات المرتبطة بها، ومحاسبتهم».

وأعرب عن اعتقاده أنّه «عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا فإن الولايات المتحدة لن تبقى غير مبالية حيّال طلب أنقرة تسليم فتح الله غولن زعيم المنظمة الإرهابية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى