قالت له
قالت له
قالت له: أحبك حتى النبض الأخير في قلبي. فقال لها: الحبّ لا يعترف بالمكان ولا الزمان، وهو ضوء المسافات الآتي من بعيد كقمر ليل صيف عذريّ، كلّما أطلّ القمر في سماء قرية أو مدينة، أرى في شفتيك ابتسامة الصباح. وكلّما طلعت شمس في كبد الصحراء أو من وراء بحر أو جبل، ترين بريق عينيّ.
قالت له: إنّ عقدة «أوديب» وفقاً لفرويد تصيب الأبناء والبنات إزاء الآباء والأمهات، فهل الزاوج خدعة الأباء والأمهات لأولادهم بزينة وأعراس، لتركهم يتذوّقون طعم الألم الذي تنكّروا لمذاقه في حلوق الآباء والأمهات، وظلّوا سنيّ حياتهم يعاملونهم كأنّ كلّ ما يفعلونه لأجلهم واجبٌ لا منّة وجميل فيه، لأنه فاتورة متصلة ـ مدى العمر ـ بمتعة عابرة كعقوبة الزمن على التسرّع؟
فقال: لذلك الأذكياء يخوضون الزواج كشركة مدروسة التفاصيل، ويضعون الأحلام الوردية جانباً، ولا يساومون على ما يسعى الزواج إلى انتزاعه، وهو الحرية بِاسم الوفاء والإخلاص، وشرّعت له النصوص. فقالت: وفي الحبّ؟
فقال: أحادية لا تشارك أحداً، ولا ينصّ عليها عقد، ولا تحتاج عقد الذنب إلى الإلزام، فكل شيء سواد أمام بياضها.
قالت: أتحبّني أم تتزوّجني؟
فقال: نصفٌ بنصفٍ كي نعدل.
فقالت: أيّهما قبل الآخر؟
فقال لها: ندع الزمن يقرّر.
فقالت: هل تستطيع الأفضل إن بدأت بالأسوأ؟ أنت تكذب. ومضت تقول: زواج أساسه شراكة تطمح للحب ربما يكون هو الجواب، لا حبّ يتطلّع إلى زواج.
قالت له: أتحبني؟ فقال: لك كلّ الحبّ، فقالت: إذاً تدعني أقبّل عمامة السيّد وأكون لك؟ فقال: لا تتسرّعي لأنّني أريدك قبل ذلك اليوم وحتّى يأتي ذلك اليوم، فقد طلبت اللقاء منذ زمن ولما يأتي موعد مروري للبركة بين يديه، سيكون عيد قبولي عنده أن أكون استشهادياً.