دردشة صباحية
يكتبها الياس عشّي
زائر سوري وصل إلى لبنان عبر مركز من مراكز الأمن، وحصل على تمديد لثلاثة أيام فقط عبر مركز آخر، سألني:
ـ هل تعرف الفرق بين العبور من بحر إيجه والعبور من مراكز الأمن على الحدود اللبنانية؟
قلت له:
معبر مائي، والآخر برّيّ.
أجابني:
ـ هذا في الجغرافيا، أما على الأرض فحدّث ولا حرج :
1 ـ في بحر إيجه قد تبتلعك موجة واحدة، وفي مراكز الأمن تموت قبل أن تتخلص من موجات الأوامر والأسئلة والإهانات التي توجه إليك.
2 ـ عبر بحر إيجه قد تصل إلى بلد صهيوني الهوى، ولكنه يحترمك كإنسان، وفي مراكز الأمن… الويل لك إنْ اكتشف انك لست من ملّته أو لا تتفق معه في ميوله السياسية.
3 ـ نزوحك عبر إيجه قد يكلف ألوف الدولارات، وعبر مراكز الأمن على الحدود لا يكلف أكثر من كرامتك كمواطن عربي.
4 ـ كم من الجثث لفظها بحر إيجه! ولكن كم من السوريين لفظتهم مراكز الأمن، وجلسوا على الأرصفة، وآحياناً ناموا فوقها، إلى أن ينادي المنادي من علوّه ، دون أن يخطر بباله أنّ من يناديه قد يكون أستاذاً جامعياً، أو كاتباً، أو طبيباً، أو عاملاً شريفاً.
5 ـ بحر إيجه إنْ غدر فيُسأل إله العواصف عن غدره، وموظفو الأمن في جبروتهم، وفي السلطة المعطاة لهم، فأيّ إله تجب مساءلته؟
سؤال بسيط: هل سمع موظفو الأمن الذين أحترمهم بالأسلوب الذي اعتمده السوريون حينما أجبرت الظروف اللبنانيين لزيارة سورية؟ لا أعتقد، لأنهم لم يكونوا قد ولدوا بعد، وليس من موجّه قام بهذا الدور… بل قاموا بدور معاكس لا يذكرك إلا بفيصل قاسم.