واشنطن: صديق «طهران» في بعبدا قبل تشرين الثاني أو…!
هتاف دهام
ليست مناقشة السياسة الخارجية في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية مجرد مسألة سياسة. السياسة الخارجية، وبخاصة تجاه القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، ستشكّل موضع تركيز كبير للإدارة المقبلة، بغضّ النظر عمن يُنتخب رئيساً للبلاد. يعني ذلك أنّ الدول في مختلف أنحاء المنطقة ستلعب دوراً كبيراً في هذا النقاش.
علاوةً على ذلك، سيلعب حلفاء الولايات المتحدة الدائمون في المنطقة دوراً رئيسياً واستراتيجياً في تنفيذ السياسة الخارجية الأميركية. وستؤثّر الآراء والمقترحات المحدّدة التي تقدّم بها المرشحون الرئاسيون على المنطقة بطرق مختلفة، مما يجعل نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2016 بالغة الأهمية لمنطقة الشرق الأوسط عموماً، ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً. هذا ما تناوله الباحث في معهد بروكينغز في واشنطن جون هوداك في تقريره عن الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
أتى التقرير على الاتفاق النووي الإيراني. يدعم الديمقراطيون كلاً من الاتفاق والرئيس، بينما يعارضه الجمهوريون بشدة. يتحدث عن النظرة الى «إسرائيل» يعتبر الجمهوريون وفق التقرير أنّ التزام الولايات المتحدة بأمن «إسرائيل» واستقلاليتها ودفاعها ومصالحها ينبغي أن يشكّل جزءاً أساسياً من السياسة الأميركية الخارجية. لا يختلف الديمقراطيون عنهم بالرأي كثيراً، إلا أنهم لا يعتبرون الرئيس أوباما مسؤولاً عن أيّ تعقيد في العلاقات بين البلدين.
بصرف النظر عن اسم الرئيس الأميركي المقبل في واشنطن، فإنّ مرتكزات السياسة الجديدة تجاه الملف السوري ستكون المزيد من التشدّد. هذا ما يعوّل عليه السعودي. لا سيما أنّ الرئيس الحالي أكثر اعتدالاً من المرشحين الجمهوري الملياردير دونالد ترامب أو مرشحة الحزب الديمقراطى هيلاري كلينتون.
لن تشبه المقاربة الأميركية المرتقبة في الشهور المقبلة مقاربة أوباما لأزمات المنطقة. يؤكد قطب سياسي مقرّب من الأميركيين لـ «البناء» أنّ أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية فرصة الأشهر القليلة المقبلة من ولاية أوباما لإيصال رئيس جمهورية صديق لها في لبنان. الفرصة السانحة اليوم ستُسدَل بعد تشرين الثاني. لن تقبل واشنطن بشخص ترامب أو كلينتون، برئيس في قصر بعبدا من فريق 8 آذار مقرّب من حزب الله. سوف تتجه الأمور نحو فرض رئيس توافقي. هذه الصفة التوافقية تحظى بتأييد الفاتيكان والدول الأوروبية أو حتى روسيا. لا يمكن لأحد أن يتجاهل دور موسكو وروما في لبنان. تأثير هاتين الدولتين ليس هامشياً. يجاهر السفير البابوي غابريال كاتشيا وسفراء دول الاتحاد الأوروبي الفاعلون في لبنان، بأهمية أن يكون الرئيس التوافقي في لبنان توافقياً مسيحياً وتوافقياً سنياً وشيعياً ليشكل ضمانة لحماية المسيحيين، لكن إذا سنحت الفرصة راهناً لانتخاب العماد ميشال عون فلن تقف هذه الدول الأوروبية عائقاً أمام وصوله الى سدة الرئاسة.
النافذة الأميركية الحالية التي تلفظ أنفاسها الأخيرة ستُقفَل بسرعة، يقول المصدر السياسي. ينطلق في «قراءته الخاصة» من أنّ الأمور سوف تذهب لمصلحة الفريق المعادي لسورية. سياسة جديدة للإدارة المقبلة في الشرق الأوسط، وبالأخصّ إذا وصلت كلينتون الى سدة الرئاسة. من المرجح أن يصل معها مجدّداً إلى وزارة الخارجية أقرب المقرّبين السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان. سبق لها أن عيّنته مساعداً لشؤون الشرق الأوسط في ولاية أوباما الأولى. يعرف جيفري كلّ خصوصيات لبنان. لا مشاعر شخصية تربطه بالقيادات السياسية. مصلحة أميركا فوق كلّ اعتبار. تختلف سياسته عن سياسة السفير ديفيد هل الذي زار الرابية أسوة بكلّ زيارات المقار السياسية، وربطته علاقة جيّدة بالجنرال.
من هذا المنطلق، تشيع أوساط التيار الوطني الحرّ معلومات أنّ الأمور في طريقها إلى التنضيج، وأنّ الملف الرئاسي يسلك طريق الرابية – بعبدا. بات الرئيس سعد الحريري أكثر اقتناعاً بهذا الحلّ الرئاسي. يشهد تياره احتداماً بين التسليم بعون رئيساً وبين الرافض أسوة بالعقدة السعودية العصية على الحلّ حتى الساعة.
وبناء على ذلك، هل الإيرانيون في وارد فتح بازار مع أميركا أوباما حول بعض القضايا الإقليمية، ومنها الرئاسة اللبنانية؟ أم القاعدة الإيرانية بالعمل المعتمدة منذ الاتفاق النووي أن لا بحث في الملفات الإقليمية مع الولايات المتحدة سيبقى هو السائد؟ هذا موقف إيراني مبدئي لا علاقة له بلبنان أو باستحقاقه الرئاسي، يرتبط باعتبار طهران نفسها في الموقع الأقوى. لا تريد أن تخضع لعمليات الابتزاز الأميركية في أزمات المنطقة.
بمعزل عن ذلك، إذا كان الإيراني ينظر إلى الإدارة الحالية بأنها راحلة ولا يريد أن يعطيها أوراقاً مجانية وهي تغادر سلطة القرار. يبقى السؤال هل تبدّل الجمهورية الإسلامية سياستها مع إدارة جديدة سواء كانت لصالح الرئيس الجمهوري أو الديمقراطي على ضوء وقائع حاسمة وكبيرة ستجري في المنطقة في الأشهر الفاصلة ما بين الإدارتين؟ ما حصل في تركيا رأس جبل الجليد، بحجم الانزياح الهائل في الوقائع الذي ستكون المنطقة عرضة له. هل يستفيد لبنان من هذه الانزياحات وينجح الإيرانيون في إيصال مرشحهم في لبنان؟