في حضرة عبدالله عيسى: نحروك فانتصرت
د. محمد بكر
أبرقت دماؤك تخبرنا: هذا المسك لن تضرّه لوثاتهم وفحيح غدرهم…
يكاثر فينا نداءاته، معانقاً زغاريد النسمات المقدسية التي لفحت روحك واستوطنت قلبك.
أيا عبد الله لا تحزن، فأظفارك الناعمة نالت من جلود الخنازير، أمطرتهم بوابل الخزي، وبسرعة البرق انتصب هذا العود الطري، واشتدّت هذه البراءة الطاهرة، دوّت صيحاتها زئيراً زئير…
ستحكي أولى القطرات، كم ساء سبيلهم وكم اسودّت قلوبهم، وستخط في صفحات الأجيال، كيف تختال سواعد أطفالنا الغضّة على شرفاتهم الحمراء، كيف تسحق جبروتهم وتعرّي عوراتهم، فهي ورجالات أمتي سواء.
قل لهم يا عبد الله إنّ غيّهم سيخبو، وعهرهم سيجلو، فكيف ينال عاهرٌ من طهر الدماء… هي وحدها الباقية… ترسم من عبق طهرها، وبلون ياسمينها امارة النصر، وبجانب العرش تكتبك سيّد الشهداء… أميراً أمير…
امرر بجراحاتك وأنين صرخاتك على ضمائرنا التي غاصت في وحول الضلال واليباس، الفح بلهيب بأسك حميتنا الغائرة في ثرى الذلّ وغياهب الخنوع، انسف فيهم جبال الرقود وكبائر الموبقات ودوائر السوء، فأنت المكتوب في سجلات الأبطال والحاضر بين صور الكبار، كبير…
نحروك فتعالت دماؤك فوق الأسى، وانتصرت تزف أهازيج العز وترسم في عليين مقعدك القدسي، وفي رحاب الأقصى ومع قطرات الندى وانبلاج نور الله كانت أول الحاضرين، سلاماً للمقاومين، بشرى الثابتين، أهزوجة المنتفضين، اندفاعة الخائفين، مدرسة التضحيات، ففي مشهد السيوف عظيمة هي الدماء… تبوح ألسنتها: هل من نصير؟
نم قرير العين يا صغيري، فأنت الكبير ونحن الصغار، أفضت دموعنا أحرقت أفئدتنا، لروحك المسجاة بعبير الأرض وزعفران السماء… ألف تحية وسلام…
كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83 gmail.com