مؤتمر الحزب الجمهوري يتوّج ترامب… وينتحر
اتجهت معظم الأنظار والاهتمامات الأسبوع الماضي صوب مؤتمر الحزب الجمهوري، وترشيحه دونالد ترامب رسمياً. سيلقي قسم التحليل نظرة فاحصة على المؤتمر وما رافقه ويشهد من انقسامات أفقية وعمودية، التي تجسّدت أمام الجميع طيلة أيام المؤتمر.
تركيا: الانقلاب وتداعياته
أعاد معهد كاتو تذكيره لصنّاع القرار بأنّ الأزمة الجديدة في تركيا تبرهن مجدّداً ما ينبغي على الولايات المتحدة تفاديه من تدخل في شؤون الدول الأخرى. وأوضح انّ العلاقة الثنائية بين واشنطن وأنقرة «تدلّ على مدى صعوبة التراجع عن التدخل حالما يبدأ المسار، وواشنطن تتدخل بثبات لتغيير خريطة الشرق الأوسط وما يستدعيه من مساعدة تركية». واستطرد بالقول انه لا يدعو لانكفاء الولايات المتحدة او انتهاج سياسة تعزلها عن العالم «لكن ينبغي عليها التخلي عن سياسة تغيير العالم بالقوة». وتساءل المعهد عن حكمة واشنطن في الاستمرار «بدعم واحتضان رجل لا يمكن الوثوق به».
http://www.cato.org/publications/commentary/turkey-crisis-another-painful-lesson-why-us-should-avoid-foreign-meddling
استقرأ معهد كارنيغي الصعوبات «المؤلمة في الداخل التركي، لا سيما في سيادة الحكم والقانون والاستقطاب» بعد الانقلاب. وندّد المعهد بنية الرئيس التركي «تفعيل عقوبة الإعدام مما قد يؤدّي لتعليق الاتحاد الأوروبي مفاوضات انضمام تركيا». واضاف انّ «الأخطر من ذلك شنّ أردوغان حملة مطاردة ضدّ مؤيدي رجل الدين المبعد فتح الله غولن المشتبه بهم».
http://carnegieeurope.eu/publications/?fa=64101
كما تناول معهد كارنيغي انقلاب تركيا والذي «سينجم عنه خيارين في المدى القصير. قد يمضي الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم استثمار النجاح في إفشال الانقلاب لتمرير برنامجهم الرامي لإقامة نظام رئاسي… بيد انّ هذا الخيار يواجه صعوبات جمة، مما يعيد الى الأذهان الأجواء السياسية عقب قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد الاوروبي». الخيار الآخر هو ما يترتب على «تركيا من تداعيات وعدم قدرتها الاستجابة لمناخ عدم الاستقرار والاستقطاب الحادّ بالنظر الى التحديات الأمنية والسياسية الهائلة».
http://carnegieeurope.eu/strategiceurope/?fa=64117
أعرب معهد الدراسات الحربية عن قلقه من انحدار تركيا نحو مثال باكستان، اذ قد يؤدّي الانقلاب الى «لجوء أردوغان إلى مسلحين لا يخضعون لسلطة الدولة لتوفير الحلول الأمنية… ومن شأن قوات المسلحين اما ان تكون ملحقة بالقوات المسلحة التركية او يوكل لها مهام شريك مرحلي لأردوغان في مرحلة إعادة البناء والهيكلة». وأوضح المعهد انّ الرئيس التركي «قدم الدعم لتنظيم القاعدة والمجموعات الملحقة في سورية، وللقيادات العليا التحرك بحرية نسبية في تركيا.. كما انه الراعي الرئيس لأحرار الشام». وحذر المعهد من الاستمرار في السياسة الراهنة «بالاعتماد على القاعدة لتحقيق اهداف أمنية لتركيا.. كما انّ مناخ حرية التحرك من شأنه تحويل تركيا الى دولة راعية للإرهاب على غرار باكستان».
http://www.understandingwar.org/backgrounder/how-turkey-could-become-next-pakistan
زعم معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى انّ الرابح الأول من انقلاب تركيا هو الرئيس الروسي بوتين نظراً «لخشيته من ايّ انقلاب يحاول الإطاحة بحاكم استبدادي وقناعته بأنّ الولايات المتحدة تقف وراء الانقلاب.. ولا يزال مستقبل تركيا غير مؤكد، ولكن بوتين بارع في تحويل مثل هذه الحالات لمصلحته». وخلص بالقول انّ اجراءات أردوغان القمعية «قد تعقد علاقاته مع الغرب.. وفي داخل صفوف الجيش قد يعني ذلك إلغاء إمكانية اعتماد «الخطة بـ« في سورية من جدول الاعمال».
http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/how-the-failed-turkish-coup-helps-putin
كما تناول معهد واشنطن تداعيات الانقلاب التركي في دراسة إضافية عبّر فيها عن قلقه من ان يؤدّي الانقلاب الى «إطلاق عنان حركات الدين السياسي في الشارع». وأعرب عن اعتقاده بأنّ الرئيس التركي «ربما يلجأ لتطويع تلك الحركة» لملاحقة ما تبقى من فلول الانقلاب «او استثمار الزخم الشعبي للتهيؤ لخوض انتخابات مبكرة تضمّن فوز حزب العدالة والتنمية بالاغلبية المطلقة وتعديل الدستور» بما يتسق مع طموحات أردوغان. واضاف ان جرت الرياح كما يشتهي أردوغان بمناصب «رئاسة الدولة، وزعيم الحزب الحاكم، فمن شأنه ان يرفع مكانته الى اقوى شخصية في تركيا.. منذ الخمسينيات».
http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/troubling-forces-unleashed-in-turkey
اليمن
استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الازمة اليمنية من الزاوية الأمنية «والعقبات التي تعترض بناء جيش وطني، اهمّها الصراع شبه الدائم بين فريق يسعى لتعزيز سلطات الدولة، وفريق عزز نفوذ القبائل التقليدية في السياسة.. وانعكاسته على مؤسسة القوات المسلحة». واضاف انّ العقبة الكبرى الأخرى تتمثل في انّ الصراع «ليس ثنائياً بين فريقين، بل متعدّد الأقطاب يشهد تعاوناً بين مجموعات محدّدة على بعض القضايا، وتنافرهما على قضايا اخرى ناهيك عن تقلب موقف كلّ مجموعة على حدة». وخلص بالقول انّ تلك العوامل «تفسّر لغز المأزق الراهن، واستعصائه عن الحلّ، مما يحيل السلام المنشود» الى هدف بعيد المنال.
https://www.csis.org/analysis/challenges-building-national-army-yemen
إيران
زعمت مؤسسة هاريتاج انه مع الكشف مؤخراً عن «محلق سري للاتفاق النووي ينص على تخفيف العقوبات بعد انقضاء 10 سنوات فقط»، واضافت على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية، مارك تونر، انّ الملحق «اطلعت عليه الدول المشاركة في المفاوضات، واقراره انه تمّ حجب التفاصيل عن التداول العام». واوضحت انّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «كان اشدّ حماساً للملحق المفرج عنه.. مدّعياً انّ مضمونه تمّ صياغته من قبل إيران، اذ انه محطة فخر واعتزاز». وأثنت المؤسسة على تفسير الوزير الإيراني «الذي يتيح لإيران الفرصة لتعزيز إنتاجها من اليورانيوم المخصب بمباركة من إدارة الرئيس أوباما».
http://dailysignal.com/2016/07/20/the-iran-nuclear-deal-continues-to-unravel/
منطقة الخليج
قضية استقرار الأوضاع في الخليج كانت من ضمن اهتمامات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية معتبراً انّ «عموم المنطقة شهدت تغيّرات جذرية في أهمية الموقع الجغرافي وقطاع التربية وفرص العمل.. وأضحت تسابق المدينية». واضاف انّ اتباع «طوائف مختلفة ومجموعات اثنية وعنصر القبائل تعرّضت اما للتشرّد او تقريبها لبعضها البعض». وحذر من التحوّلات التي طرأت على «منطقة الخليج وإحالتها الى الاعتماد الكبير والخطير على عوائد النفط والاقتصاد الريعي». وخلص بالقول انّ انهيار أسعار النفط «كشف عن خطورة العامل الاقتصادي وربما تحوّله الى خطورة توازي العنف.. وإحالة الثراء النفطي الى عوز وفاقة في ما يخص دخل الفرد».
https://www.csis.org/analysis/stability-and-instability-gulf-region-2016
من ميزات مؤتمري الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، انّ نشاطاتهما تخضع لنظام وسيناريو محكم لتفادي المفاجآت والظهور بأحلى صورة أمام الجمهور.
عقب افتتاح المؤتمر وتدوين مندوبي الولايات، برز نجل ترامب، دونالد جونيور، كرئيس لفريق مندوبي ولاية نيويورك، وما لبث ان أعلن في نهاية تعداد المندوبين عن مندوبي ولايته، مما أتاح للمرشح ترامب الفوز بأغلبية كبيرة من أصوات المندوبين. تنفيذ الخطوة وضبط إيقاعها لتحدث أكبر قدر من الصخب أتت في سياق سيناريو معدّ بعناية مسبقاً.
في اليوم الثالث للمؤتمر، الأربعاء الماضي، حدث ما كان غير متوقع واتى من خارج السيناريو باعتلاء المرشح السابق تيد كروز المنصة وسط ترحيب كبير، ما لبث ان تحوّل الى صراخ وإدانة له نظراً لعدم تأييده المرشح ترامب. وادّت فعلته ربما الى تعزيز دائرة مؤيدي ترامب، والأهمّ انّ كروز بفعلته قضى على مستقبله السياسي لخروجه عن النص المعدّ.
المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس، ساره بيلين، احتضنت كروز سياسياً مما ساعده على تبوؤ مواقع قيادية. وعلى الرغم من عدم حضورها مؤتمر الحزب، عبّرت بيلين عن «اساءة» كروز بالقول «خروج كروز عن تعهده لدعم خيار الأغلبية الليلة جاء بمثابة إنهائه مستقبله السياسي بنفسه».
المعلق السياسي في قناة «فوكس نيوز»، شارلز كراوثهامر، كان اشدّ وضوحا بالقول «أداء كروز شكل أطول خطاب انتحاري في تاريخ السياسة الاميركية».
أجمع المحللون عشية المؤتمر على حالة الانقسام الحادّة ومقاطعة عدد من قيادات الحزب للمؤتمر، وتصرفات كروز خير دليل على تجذر الانقسامات في صفوف الحزب، وتداعياتها لمستقبل الحزب بعد الانتخابات الرئاسية.
انقسام الحزب الجمهوري
تزامن انعقاد المؤتمر، في كليفلاند، مع قيادات حزبية رفيعة قاطعت المؤتمر لكنها تواجدت في المدينة عينها للتشاور، ابرزهم حاكم ولاية اوهايو جون كيسك. بعض القيادات الاخرى، التي اصطفت ضدّ ترامب منذ البداية، ينكبّون على تهيئة الظروف لاستعادة قيادة الحزب من ترامب.
ينطلق أولئك القادة من فرضية أضحت مسلماً بها بأنّ ترامب والحزب الجمهوري مقدمون على خسارة الانتخابات الرئاسية، بل خسارة كبيرة، ويتهيأون لاستعادة الحزب وحجز مقعد قيادي متقدّم.
قسم آخر من قادة الحزب الجمهوري، المتحلي بالواقعية، يعيبون على الفريق السابق ويخطّئون الاستراتيجية، مستذكرين ما حلّ بموقع الحزب من تدني ونسيان في عقدي الستينيات والسبعينيات تحت زعامة روكفلر، لم يستطع التغلب عليه الا بقدوم رونالد ريغان.
مناخ الاستقطاب الحادّ في البيئة الأميركية أرخى ظلاله على بنية الحزب الجمهوري وانشقاق تيار اكثر تشدّداً عام 2009، عرف بتيار حزب الشاي. دعمت قيادات الحزب، ربما مرغمة، عناصر التيار الجديد طمعاً في الفوز بأكبر نسبة ممكنة في مجلسي الكونغرس، فضلاً عن البيت الابيض. وما لبث الحزب الجمهوري «التقليدي» ان فاز بأغلبية مجلسي الكونغرس، رغم خسارته لمنصب الرئاسة، الأمر الذي حفز قادة الحزب للابتعاد عن تيار حزب الشاي، بعد استنفاذ غرضه في الحشد والإعداد الجيد للانتخابات.
حافظ التيار الجديد على وحدته بالرغم من نفور قادة الحزب، وبرزت المرشحة السابقة ساره بيلين وتحالفها مع اشدّ التوجهات يمينية، لا سيما في المجال الإعلامي، واثبت جدارته بفوز عدد من رموزه الانتخابات التمهيدية، منهم السيناتور تيد كروز.
ترسخ تيار حزب الشاي عميقاً في بنية الحزب منذئذ، مستنداً الى عدد من الممثلين في الكونغرس يرمز اليهم بالإفراط في التشدّد والتعصّب. في المقابل ايضاً اكتسب التيار خبرة غنية في تعبئة وتنظيم الجمهور الانتخابي والتواصل معه، بخلاف الممثلين التقليديين في الحزب الذين يرمز لهم من داخل المؤسسة الحاكمة. وفي هذا السياق، صعد دونالد ترامب لمركز الصدارة ولابتعاده عن مركز صناعة القرار في واشنطن.
يضاف الى كلّ ذلك فشل متواصل لقادة الحزب الجمهوري في التصدّي لسياسات الرئيس أوباما وإفشالها، الأمر الذي عزز مناخ عدم الثقة بالممثلين التقليديين عن الحزب.
يُشار الى انّ مؤسسة الحزب الجمهوري كانت تعوّل على المرشح جيب بوش بتصدّر المشهد الانتخابي، في بداية الأمر، بيد انّ أداءه الكارثي في الانتخابات التمهيدية كان نتيجة لعزوف قواعد الحزب الجمهوري عن وكراهيتها للقادة التقليديين، ومن بينهم السيناتور المتشدّد ليندسي غرام. وتردّد انّ القاعدة الانتخابية كانت تنظر بعين العطف على المرشحين تيد كروز والدكتور بن كارسون كأفضل ممثل عن قناعات القاعدة الانتخابية.
وبرز دونالد ترامب من خارج السياق منافساً فرض نفسه، وأسهمت براعته الخطابية التي تلامس الغرائز وتمنيات القاعدة الانتخابية في إزاحة المرشحين الآخرين من السباق، بل خاض سباقاً لا يتسق مع التوقعات والسيناريوات التقليدية خاصة في مجال الآلة الانتخابية. واثبت خطأ الاستطلاعات التقليدية ولم يعرها ايّ اهتمام يذكر.
توّج المؤتمر الحزبي دونالد ترامب، رغم محاولات الآخرين الالتفاف عليه، والانتحار السياسي الذي ارتكبه تيد كروز. واضحى ممسكاً بمراكز القوة داخل الحزب، اقله منذ الآن وحتى الانتخابات الرئاسية.
مستقبل الحزب، هيكلياً وقيادياً، لن تتكشف معالمه إلا بعد فرز نتائج الانتخابات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. سيصبح نجم ترامب أكثر لمعاناً ان توفرت ظروف فرضية أساسية، فوزه بالانتخابات الرئاسية ومحافظة الحزب الجمهوري على اغلبيته النيابية في مجلسي الكونغرس. ويدخل التاريخ السياسي من أوسع أبوابه مذكراً ببروز وفوز رونالد ريغان على خصمه ومرشح المؤسسة آنذاك جورج بوش الأب.
خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية ستؤدّي الى تعريض مستقبل الحزب للتكهّنات والانقسامات حتماً، وتحفز قياداته التقليدية إعادة النظر لاستعادة قرار التحكم بالحزب. بعض العارفين بخبايا قيادات الحزب يروّجون انّ استعادة الحزب ستكون ميسّرة «لو» اتخذ تيد كروز منهجاً سياسياً ذكياً في المؤتمر، وسيصعد نجمه ويتوّج رئيساً للحزب.
علاوة على المراهنة السابقة على كروز، هناك وجوه واعدة وفق قياسات قادة الحزب، منها: حاكم ولاية ويسكونسن سكوت ووكر حاكم ولاية تكساس السابق ريك بيري وحاكم ولاية انديانا مايك بنس. من المسلم به انّ تلك الاسماء ستتردّد كثيراً في حال خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية، والإعداد لجولة الانتخابات المقبلة عام 2020.
مشاهدات من المؤتمر
التباهي والتفاخر: كلّ مشهد في الاحتفالات او المؤتمرات السياسية يجري إعداده للظهور والترويج إعلامياً، وتتراجع الأبعاد الحقيقية. لعلّ ابرز دليل ما قام به مندوب ولاية فرجينيا والمدعي العام السابق، كين كوسنيللي، الذي سارع لرمي بطاقته الرسمية ارضاً امام الكاميرات. السبب خسارة فريق تيد كروز إقرار قضية إجرائية حساسة.
من غرائب المشهد عودة كوسينيللي لقاعة المؤتمر بعد فترة وجيزة دون إبراز هوية عضويته لدخول القاعة التي تخضع لرقابة وإجراءات أمنية متشددة تحرم ايّ فرد لا يحمل البطاقة دخول القاعة.
الغائبون
المؤتمرات الحزبية تعقد بحضور كثيف للأعضاء والمندوبين وفرصة للقادة السياسيين الاختلاط بقواعد الحزب. مؤتمر الحزب في عصر ترامب تميّز بتغيّب عدد لا بأس به من أبرز القيادات السياسية، يتصدّرهم الرؤساء السابقون جورج بوش الاب والابن، ومرشح الحزب السابق ميت رومني، واحد اركان الحزب الرئيسة جون ماكين.
خارج قاعة المؤتمر
استعدّت الأجهزة الأمنية الاميركية جيداً لتأمين الانضباط والحماية للمؤتمر، واستقدمت المئات من رجال الشرطة من مناطق ومدن أخرى، تحسّباً للمظاهرات التي أُعلن عنها منذ زمن للاحتجاج امام المؤتمرين. أعداد رجال الشرطة والأمن فاقت عدد المتظاهرين بفارق كبير. تميّز المؤتمر هذه المرة بسلاسة العلاقة بين الشرطة والمتظاهرين، بل وفرت الشرطة بعض الخدمات الضرورية للمتظاهرين، وتحلت بتسامح غير معهود. المتظاهرون ايضا وفوا بوعودهم بالتظاهر السلمي ونبذ العنف.
المبارزة الخطابية
التزم ترامب على غير عادته بنصائح فريق حملته الانتخابية بأنه يتعيّن عليه مراعاة خطاب معدّ سلفاً يقرأ على الجمهور، وظهر بمظهر يليق بمنصب الرئاسة. خطابه كان حاداً في لهجته ومراميه، وظهر كأحد السياسيين الواعدين بمنصب مقبل. ترامب أكبر الرابحين في المؤتمر بشهادة خصومه.
أبرز الخاسرين كان المرشح السابق تيد كروز، لرفضه تأييد ترشيح ترامب، وعزز الاعتقاد السائد بأنه حائز على أكبر قدر من الكراهية في مجلس ااشيوخ.
تجدر الإشارة ايضا الى الترحيب الفاتر الذي تعرّض له زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، قبل إلقاء خطابه المؤيد لترامب. وكافأه المؤتمر بالتصفيق الحادّ.
المرشح لمنصب نائب الرئيس مايك بنس جاء أداؤه متسقاً مع خبرته السياسية الطويلة، وسيحتلّ مكانة مميّزة في المشهد السياسي المقبل بصرف النظر عن نتائج الانتخابات.
أنانية ترامب وعشقه للظهور الإعلامي دفع نائبه المرشح بنس للمقاعد الخلفية، بيد انّ خطابه المتزن في المؤتمر، نسبياً، رمى لجسر الهوة في صفوف الحزب والتخفيف ما امكن من نزق ترامب.
مضمون خطاب ترامب، وامتداداً الحزب الجمهوري، كان ديماغوجياً شعبوياً بامتياز وينضح بالعنصرية ويهيّئ لصعود فاشية جديدة، خلفاً للمحافظين الجدد.