«الأسيريون» في قبضة الإرهابيين
حسين حمّود
بعد اغتيال الفلسطيني علي رضا عوض الشهير بـ «البحتي»، عاد مخيم عين الحلوة إلى دائرة الضوء نظراً للتداعيات التي سببّها هذا الاغتيال الذي أعاد التوتر إلى المخيم وسط غضب فلسطيني عارم كاد أن يفجّر الوضع العسكري في المخيم المذكور لولا كثافة الاتصالات التي أجرتها اللجنة الأمنية العليا من أجل تطويق ذيول الحادث ومنع تفاعله.
ومع أن تصريح قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب بوصفه «جريمة اغتيال البحتي حصلت على خلفيات شخصية وليس لها أي خلفية سياسية»، فقد شهد مخيم عين الحلوة اجتماعات أمنية فلسطينية توسّعت لتشمل فاعليات مدينة صيدا وصولاً إلى المسؤولين الأمنيين في الدولة، بعد النقمة الشعبية إن في المخيم أو خارجه، من التسيّب الأمني الذي استفحل في الآونة الأخيرة. وكان اللافت غير المسبوق، أو على الأقل النادر، هو مطالبة الفلسطينيين في المخيم بدخول الجيش اللبناني إليه «وتطهيره من القتلة والمجرمين والمطلوبين للقضاء اللبناني الذي ينغّصون على أهالي المخيّم حياتهم».
وبالفعل جرت اتصالات بين قيادات فلسطينية ومسؤولين في الأجهزة الأمنية اللبنانية لبحث السبل الكفيلة بإنهاء الصراعات في المخيم، حتى لو اقتضى الأمر دخول الجيش.
وفي هذا السياق قالت مصادر فلسطينية إن المطلوبين تم تقسيمهم إلى متهمين بجرائم بسيطة يمكن معالجة أمرهم بإجراءات سهلة، وآخرين متورطين باغتيال شخصيات فلسطينية، لافتة إلى أن عشرات المطلوبين من الصنف الأول سلّموا أنفسهم للأجهزة اللبنانية.
أما النوع الثاني فقد ارتؤي إرجاء البحث في أمرهم إلى مرحلة أخرى ملائمة، من حيث الظروف الأمنية والسياسية على الساحة الفلسطينية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى، رأت المصادر أن موضوع المخيم بات يحتاج إلى معالجة سريعة قبل أن يتضاعف عدد المتطرفين في المخيم الذين باتوا بالمئات، ويجرّوا المخيم إلى أحداث دموية وتدميرية على غرار ما حصل في مخيم نهر البارد.
وفي هذا الجانب كشفت المصادر أن عدداً من مناصري الموقوف أحمد الأسير لجأوا إلى المخيم بعد توقيف الأخير، يريدون تسليم أنفسهم إلى القضاء اللبناني، لكن التنظيمات المتطرفة تمنعهم من ذلك خوفاً من الإبلاغ عنهم وكشف هوياتهم وبعض الأمور الأمنية الحساسة التي بات يعرفها مناصرو الأسير المشار إليهم بحكم اختلاطهم مع الإرهابيين. إلا أنه مع ذلك تمكّن بضعة أشخاص من الخروج من المخيم وتسليم أنفسهم.
ووسط هذه الأجواء المستجدة في مخيم عين الحلوة، أكدت المصادر أن المخيم مقبل على مرحلة جديدة من الاستقرار الأمني وأن هناك سلسلة إجراءات أمنية ستتخذ على هذا الصعيد بتنسيق لبناني فلسطيني، خصوصاً أن الفلسطينيين باتوا على اقتناع تام بأن ملاذهم الآمن هو الدولة اللبنانية وتحديداً الجيش. وقد كان هذا الموضوع محور زيارة مسؤول الساحة الفلسطينية عزّام الأحمد الأخيرة إلى لبنان ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين ولا سيما وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقيادات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والتحالف الفلسطيني.