عادل شجاع… القوميّ المشعّ دوماً بمزايا إنسان النهضة
لبيب ناصيف
لا يمكنك إذ تتعرف اليه، إلا أن تحترمه وأن تحبه.
يجذبك بعمق تفكيره، وسعة اطلاعه، وثقافته، ووعيه العقيديّ، وصدق التزامه، إنما ايضاً بترفّعه، ورقيه، واحترامه للآخرين كما لنفسه، وتجسيده مزايا إنسان النهضة كلّها.
إنه الأمين عادل شجاع. عرفته كثيراً، في الوطن منفذاً للغرب، عضواً فناموساً للمجلس الأعلى، ناموساً لمكتب المجلس القومي، رئيساً للمحكمة الحزبية، رئيساً لمجلس العمد، وفي ليبيريا ناظراً للإذاعة، ناموساً للمنفذية، منفذاً فمندوباً مركزياً.
التقيته كثيراً. أجزم انه في كل مرة كان يرتفع أكثر بأخلاقه ورقيه وفكره وإيمانه بالحزب، ويرتفع في نفسي احتراماً بلا حدود، وحباً وارتياحاً لمزاياه، وثقة مطلقة.
وعرفته أكثر عند رحيله، عبر ما سمعت عنه، وما قرأت من رسائل وردت الى عمدة شؤون عبر الحدود، وما قيل فيه.
وفاته:
وافت المنية الأمين عادل شجاع يوم الأربعاء 15 تشرين اول عام 2008. في 16 /10/2008 وجهت إلى فروع الحزب عبر الحدود، وكنت أتولى مسؤولية العميد، الرسالة الآتية:
بكثير من الحزن ننعى رحيل الأمين الجزيل الاحترام عادل شجاع، أحد صفوة أمنائنا، الذي عرف بعمق وعيه العقيديّ وتميّز بمناقبه وسوية التزامه بالنهضة.
غداً يشيّع الأمين عادل الى مثواه الأخير في عين عنوب.
منح الأمين عادل رتبة الأمانة عام 1954، ومنح وسام سعاده بقرار من المجلس الأعلى بتاريخ 29/8/2008.
تولى مسؤوليات حزبية عديدة، محلية: منفذ عام في كل من الغرب وليبيريا، ومركزية: في المحكمة الحزبية، مكتب المجلس القومي، المجلس الأعلى، ورئاسة مجلس العمد وفيها كلها كان يشعّ بمناقب النهضة ويلتزم بفضائلها.
برحيله يخسر الحزب أميناً قدوة ستبقى آثاره النضالية والتزامه الرائع بمفاهيم الحزب العقائدية، الدستورية، الثقافية، المناقبية، حيّة في نفوس رفقائه في كل مكان تواجد فيه، وحضوره مستمر في تاريخ حزبه.
لاحقاً سنعمم بيان الحزب بنعيه، سنحكي وسيُحكى عن الأمين عادل شجاع الكثير، وهذا يبقى قليلاً أمام تاريخه الحزبي الغني والناصع والمضيء.
يوم الجمعة 17 تشرين الأول كان موعد بلدته عين عنوب مع زحف لا يتوقف من الرفقاء والمواطنين وكل من عرفه في حياته الحافلة بالعطاء وبالتجسيد الراقي لمفاهيم النهضة القومية الاجتماعية.
القوميون الاجتماعيون توافدوا من كل قرى الغرب، واليهم انضم أمناء ورفقاء وأصدقاء من مناطق مختلفة عرفت في الأمين عادل شجاع مزاياه وحضوره القومي الاجتماعي.
الوفد المركزي تألف من رئيس المجلس الأعلى الأمين محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب الأمين يحي جابر، العمد: الإذاعة الأمين جمال فاخوري، الدفاع الأمين وائل الحسنية، وعبر الحدود الأمين لبيب ناصيف، وعضوي المجلس الأعلى الأمينين توفيق مهنا واحمد هاشم.
شارك في التشييع سماحة شيخ عقل الطائفة الدرزية ناصر الدين الغريب، النائب السابق مروان أبو فاضل، محافظ الجنوب مالك عبد الخالق، وعدد كبير من رؤساء البلديات وفعاليات المنطقة.
بداية كلمة للرفيق توفيق رافع حمدان 1 تحدث فيها عن صديق العمر، الرفيق والأمين عادل شجاع، ساهمت في الإضاءة على ما تميّز به طيلة سنوات حياته من مناقب ومثالية والتزام بمصلحة الحزب.
كلمة أصدقاء الأمين الراحل ألقاها قصيدة وجدانية معبّرة صديقه الرفيق عادل زيدان، كلمة الحزب السوري القومي الاجتماعي كانت لحضرة عضو المجلس الأعلى الأمين توفيق مهنا تحدث فيها عن مسيرة الأمين الراحل، وتجربته الحزبية وقدوته النضالية، لافتاً الى أن بلدة عين عنوب التي يحتضن ترابها جثمان الأمين عادل شجاع، شكلت في التاريخ الحديث معلماً مقاوماً ضد الاستعمار والاحتلال، ومنها انطلقت رصاصات التحرير والاستقلال الحقيقيين على يد البطل القومي الاجتماعي سعيد فخر الدين، فأضحت معقلاً لرجالات الاستقلال والحرية والنهضة، وقدمت إلى لبنان وإلى الأمة رجالات كبار من أمثال الأمين عادل شجاع الذي أدى قسطه من النضال الدؤوب في سبيل انتصار قيم الحق والخير والجمال والحرية. كلمة العائلة ألقاها الرفيق حسن شجاع 2 وهو في زيارة الى الوطن بعد سنوات مديدة أمضاها في إدلايد أستراليا.
الى جانب عائلة الأمين الراحل تقبل الوفد المركزي التعازي ليغادر عين عنوبـ كما غادرها الأمين عادل شجاع، إنما بالجسد لتبقى ذكراه حيّة وحضوره مستقرّاً في وجدان كل رفيق عرفه.
كلمة الرفيق توفيق رافع حمدان:
طُلب مني أن أقول كلمة رفقائي في عين عنوب بالأمين الراحل عادل هاني شجاع فوافقت، ولكن الإحراج كان عندما بدأت أفكر في «الكلمة»، وأيّ كلمة بل أيّ كلمات تفي حق هذا الإنسان الطيب، رجل العقيدة والمبادئ وحامل رسالة سعادة العظيم، إنه أكبر من الكلمة وأسمى من الوصف.
فيا حضرة الأمين الجزيل الاحترام، يا أبا هاني، يا رفيق أخي عباس وحسن ريدان وفؤاد خليفة ويا رفيقي … ماذا أقول عنك؟ وماذا أقول فيك؟ وماذا أقول لك؟
أأقول عنك في مرحلة اغترابك الباكر الذي طال، وقد كنت النموذج الصالح والنادر في الصدق والأمانة والنزاهة والاستقامة والثبات ومساعدة الآخرين والتوجيه على الطريق القويم ولك صيت يفوح منه طيب المسك والعنبر، وباختصار كنت القدوة الصالحة لكل المغتربين وهذه هي ثروتك.
وهل أقول فيك إنك المثال في دماثة الأخلاق والتواضع والكبر والرصانة والهدوء، لقد كنت الرفيق الأمين الجدير برتبة الأمانة والقومي الاجتماعي الواعي الذي يسبر أعماق معاني تعاليم النهضة القومية الاجتماعية ويعمل بها وبوحيها، كما كنت الزوج المثالي والأب والقدوة والصديق الوفي المخلص.
وهل أقول لك إن غيابك خسارة… نعم وكم سمعت في هذين اليومين هذه الجمل: خسارة أبو هاني، خسارة لا تعوض الأمين عادل، خسارة في كل بيت…
نعم أقول لك يا حضرة الأمين عادل إن غيابك عنّا خسارة جسيمة لا تعوّض.
خسارة للأهل والأصحاب وخسارة للحزب أيضاً… نعم لقد خسر الحزب السوري القومي الاجتماعي بغيابك رفيقاً أميناً مناضلاً كان قدوة بالمسلكية المثالية والاعتدال والانفتاح والمحبة من دون ملل أو يأس، ولقد استطاع كسب محبة الجميع، جميع الناس حتى الذين يخالفونه الرأي وهذه ميزة لا يتحلى بها الكثيرون. سنتألم لغيابك عنا ولكنك ستبقى حاضراً بيننا وأنت الى جانب سعاده إبان مذكرة التوقيف عام 1947 وستبقى في محبتك الصافية التي لا يتغلب عليها النسيان، وسيستمر بقاؤك بشريكة عمرك وأولادك اطال الله بأعمارهم. إن الذي يحيا عمره في النضال الشريف المستمر والعطاء اللامحدود مثل الأمين عادل هو حتماً منتصر على الموت.
القصيدة التي ألقاها رفيقه وصديقه الرفيق عادل زيدان وعنوانها «لك في كل قلب في وداعك غصّة»:
لـي في ترابـك أخـوة أبـرار
لهم الخلود وفي القلوب مزارُ
نشـتاقهم فيعـود طيب أريجهـم
عطراً كما تتضوع الأزهارُ
نشـتاقهم فيعـود طيب أريجهـم
أعمالها تبقى كما الأثمارُ
بوركت يـا عين العيون وبوركت
فيك المكارم دوم والأخيارُ
أبناؤك حملـوا مشـاعلك التـي
بقيت على بعد المكان تنارُ
نشـتاق عباساً 1 وأنـس حضورهِ
ودماثة السفراء حين يزارُ
في الخارجيـة كان نجمـاً ساطعاً
لم تلهه الأزمات والأسفار!
وفـؤاد 2 كـان حكيم كل أسيـةِ
عصفت بنا فتبدد الإعصار
والحسنُ في «حَسَنِ» 3 الطباع ومرجع
الشاكي وممن تكتويه النارُ
واليـوم تفتقـد العدالـة عادلاً 4
فتعطل البسمات والأنوارُ
يا راحلاً عشـت الحياة مجاهـداً
إن الكبار على الصعاب كبارُ
قد كنـت سبّـاقاً علـى حلباتنـا
وبقيت يعلو جبهتيك الغارُ
أعطيـت مـا يعطي الكريم لقومه
بسماحة المعطاء حين يجارُ
فـي كل قلـبٍ فـي وداعك غصّة
محروقة وكأن فيها النارُ
أكمـل طريقـك للنعيـم وعش به
تلقاك فيه الصفوة الأبرارُ
أبنـاء مدرسـة الحيـاة تحيـة
لكم على مر الزمان مدارُ
أعطيتـم الوطـن الجريح دماءكم
وبعزمكم تتوالد الأقمارُ
ديـن المحبـة والتآخـي دينكـم
هذي الغراس وهذه الأثمارُ
هوامش:
1 الرفيق عباس حميّة / 2 الرفيق فؤاد خليفة / 3 الأمين حسن ريدان / 4 الأمين عادل شجاع / وكلهم من بلدة عين عنوب .
حفل التكريم في 21/12/2008:
لم تسع المقاعد الخمسماية في مسرح المدينة في بيروت، للقوميين الاجتماعيين والأصدقاء الذين وفدوا للمشاركة في تكريم أمين عرفوه قدوة ومثالاً وتلميذاً نجيباً لسعاده، فاصطف المئات عند مداخل المسرح وخارجه في تظاهرة تقدير وعربون وفاء. تقدم الحضور رئيس الحزب الأمين الجزيل الاحترام أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى الأمين الجزيل الاحترام محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب الأمين الجزيل الاحترام يحيى جابر، وعدد كبير من العمد، أعضاء المجلس الأعلى، أمناء ومسؤولين ورفقاء، وشارك من خارج الحزب أصدقاء أوفياء للأمين الراحل، بينهم محافظ الجنوب مالك عبد الخالق، السفير الدكتور عادل حمية، النائب السابق مروان أبو فاضل.
التقديم للرفيق فادي شوقي عبد الخالق. ثم كانت كلمات لكل من الرفيق جان داية، الدكتورة هادية حبيب حرب التي ألقت كلمة عين عنوب، سفير ليبيريا الرفيق فؤاد غندور، عميد الإذاعة الأمين جمال فاخوري، وختاماً كلمة عائلة الأمين الراحل ألقاها نجله الرفيق وسيم شجاع.
في بداية الاحتفال ألقى كل من حفيدي الأمين عادل شجاع، رامي إيلي معلوف وليان زياد نجار، كلمة قصيرة بالانكليزية أعربا فيها عما كان لهما الجد الأمين عادل، حضوراً مناقبياً وأثراً نفسياً لا يمحى.
في رحيل الأمين عادل شجاع:
في مؤلفه « في مواكب النسور» كتب الأمين مصطفى الشيخ علي هذه الكلمة في رفيقه وصديقه الأمين عادل شجاع، وهي كلمتنا نحن أيضاً في الأمين الرائع، قدوة ومناقبية وتجسيداً لانسان النهضة:
« هذا الإسم الكبير الذي كان يسبق صاحبه الى المكان والزمان فيشيع المحبة والاحترام ويمنح الثقة. ملأ المكان بوجوده وسيبقى في الزمان حتى بعد رحيله.
الأمين عادل شجاع، إسم تخطى حدود الذات، ليصبح عنواناً في التضحية والعطاء، ومثالاً في العمل والمثابرة ورمزاً في محاكاة الوجدان عن طريق العقل، وعلماً من أعلام نهضتنا العظيمة.
كان هادئاً رغم كل الضجيج الذي حوله، مؤمناً بقيم الحق والخير والجمال في أمته رغم كل العاهات التي تعتريها. ينشر الثقافة والمعرفة والوعي حيثما وجد، ويراهن على الخير في الناس، في كل الناس، دقيقاً في تعابيره منعاً لأي التباس. كان حالة استثنائية يحسب حسابها أينما حلّ، كما كان استثناءً في حياة كل من عرفه.
لا أعرف احداً لا يحب أو لا يحترم الأمين عادل شجاع، علماً أنه كان رجلاً واضحاً في مواقفه، ولا يساوم أحداً على إيمانه في عقيدته التي كان يمارس شعائرها بكل علانية واعتزاز.
لكنه تفرّد بأسلوب يميزه عن سواه، فيطرح أفكاره وآراءه وكأنه يحمل قلبه بين يديه، فيحاكي وجدان المستمع ويلامس مكامن الخير الذي فيه، وكلامه الذي يوحي دائماً إحترام الآخر مهما كانت خلافاته معه.
عائلته خسرت الزوج والاب والأخ، في حياته أعطاهم الحب والعطف والحنان والدفء والملاذ، من دون أن يسألهم يوماً أن يفعلوا ما لا يفعله هو نفسه. فكان مثالاً وقدوة في كل ما يصبو إليه. وفي مماته ترك لهم إرثاً كبيراً من محبة الناس واحترامهم وتقديرهم.
رفقاؤه خسروا رفيقاً ملهماً يمنحهم الثقة ويشحذ عزائمهم كلما أرهقهم مشاق المسير، أو ضعف إيمانهم أو ضلّوا الطريق.
في كثير من الأحيان كان وجوده حافزاً ومؤشراً بأن المسار ما زال بخير.
أصدقاؤه خسروا صديقاً وفياً يقرن القول بالفعل، يلجأون إليه لنصيحة يحتاجون إليها أو للاحتكام إليه في خلافاتهم.
الأب: هاني شجاع
الأم: فائقة أبو سلمان
اقترن من الرفيقة سميرة قاسم عبد الخالق ورزق منها:
المواطنة ندى عقيلة المهندس زياد نجار. وهي عضو ناشط في تجمع النهضة النسائي.
المواطن هنيبعل.
المواطنة ريما عقيلة الأستاذ إيلي معلوف.
الرفيق وسيم الذي خسرناه، حزباً وعائلة، في مقتبل شبابه. انتمى في مديرية عين عنوب عام
1994، ومنذ ذلك الوقت لم يعرف قصوراً عن واجب حزبي وبقي مشعاً بفضائل النهضة، متولياً
المسؤوليات الجسام حتى آخر زفرة من حياته.
رئيس لجنة تاريخ الحزب