زيارات الوفود الغربية إلى سورية: هل من نتائج؟
حميدي العبدالله
تكثفت زيارات الوفود الغربية البرلمانية أو وفود المجتمع المدني التي تزور سورية. ويمكن لحظ حقيقة أنّ الوفود التي زارت دمشق والتقت المسؤولين السوريين جاءت من غالبية الدول الغربية، ولا سيما الدول التي لعبت حكوماتها دوراً فاعلاً في دعم الحرب التي شنّت على سورية.
ولوحظ أنّ زيارات هذه الوفود زادت وتيرتها بصورة تتناسب طرداً مع الهجمات الإرهابية التي شهدتها العديد من الدول الغربية، ولا سيما فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.
الكلّ يسأل الآن ماذا بعد هذه الزيارات: هل تسهم في تعديل سياسات الحكومات الغربية، وتسهم في رفع الأذى والظلم الذي حلّ بالشعب السوري جراء الحرب الإرهابية التي شنّت عليه؟
للوهلة الأولى، يبدو أنّ الوفود التي تزور سورية لا تعبّر عن رأي حكوماتها وهي ليست في موقع صانعي القرار. ولكن هذا فقط للوهلة الأولى، أما في واقع فالأمر أنّ زيارات الوفود الغربية إلى دمشق تعبّر عن معطيات هامة أبرزها:
أولاً، زيارة الوفود ما كان لها أن تتمّ لولا موافقة الحكومات الغربية، لأنّ بعض الوفود لا تمثل ما يعرف في الغرب بالمنشقين، أي الذين يعارضون بقوة سياسات الحكومات الغربية، بل إنهم ينتسبون إلى أحزاب وكتل برلمانية وهيئات أهلية، إما أنها تدير الحكم أو قادرة على التأثير على صانعي القرار.
ثانياً، جزء من هذه الوفود قام بالزيارة لأنّ سورية اشترطت للتعاون مع الأجهزة الاستخباراتية الغربية لمكافحة الإرهاب، أن يكون هناك تغيير في سياسات الحكومات الغربية إزاء سورية، وبالتالي الأرجح أنّ الحكومات الغربية هي التي شجّعت بعض الشخصيات للمشاركة في هذه الوفود وإطلاق تصريحات تتفهّم فيها موقف الدولة السورية وتقدّم وعداً بأنها ستبذل كلّ جهد مستطاع للعمل على تغيير سياسة الحكومات الغربية في سورية.
ثالثاً، سواء جاءت هذه الوفود بتشجيع أو قرار من الحكومات أم لا، فإنّ زياراتها لسورية وإطلاعها على الأوضاع عن كثب، والإدلاء بتصريحات أمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وموقع هذه الوفود في المجتمعات الغربية، كلّ ذلك من شأنه أن يساهم في كسر الحصار المفروض على سورية. مثلاً عندما يقول كبير الأساقفة في قبرص أنه عندما يعود إلى بلاده سيطلع الرأي العام على حقيقة ما يجري في سورية، كما رآها هو وليس كما يرسمها الإعلام الغربي، وأنه سيضع الحقائق أمام سفراء الدول الأوروبية وسفير الولايات المتحدة، فكلّ ذلك سوف يساهم في التأثير على الرأي العام، ويولّد ضغوطاً على الحكومات وصانعي القرار في الغرب لحملهم على مراجعة سياساتهم إزاء سورية.