سعدات.. وفينيق المقاومة
نظام مارديني
يُعيد الإضراب عن الطعام الذي قرره أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأسير أحمد سعدات المسألة الفلسطينية إلى الواجهة من جديد بالرغم من قوة الإعلام في المعركة التي تخوضها الدولتان، السورية والعراقية السوراقية ضد الإرهاب، وتأتي هذه المعركة الرمزية لسعدات ضد الاحتلال، ويا للخيبة، بالتزامن مع لقاءات سعودية صهيونية كانت في الخفاء سابقاً وأصبحت في العلن حالياً.
اللقاء الصهيوني السعودي تحالف استخباراتي واستراتيجي لم يعُد خافياً على أحد في حال من الأحوال.. ولماذا إخفاء هذا «الخيار الخلاق» طالما لا أحد يحمي الخليج، وأنظمة الخليج من عدو وهمي، سوى عصا يوشع بن نون.. حتى رجب طيب أردوغان الذي كان يتوق الى لقب سلطان البر وخاقان البحر، وضع الإسلام والمسلمين جانباً ومد يده الى بنيامين نتنياهو، لكي يكون له مكان، ومكانة، في الدنيا بعدما خسر حوريات الآخرة أمام «داعش» و«النصرة» وأخواتهما في «الجهاد».
أين الصراع «الإسرائيلي» – الفلسطيني؟ تأمّلوا جيداً في وجه محمود عباس أو في وجه خالد مشعل ممَّ يشكو وجه اسماعيل هنية وهو يقبّل يد داعية الفتنة القرضاوي؟ ، بل حاولوا أن تكتشفوا تحت أي عباءة قطرية يقبع مشعل الآن، لتعلموا أين هي القضية الفلسطينية؟ انتفاضة السكاكين صرخة اليائسين الرائعين لا صرخة مَن لا يزال يختزن بين أصابعه حبر التنازل عن الأرض.. فتحية إلى أبنائنا الفتيان الرائعين الذين يطعنون الجنود الصهاينة في الصدر بينما يطعن آل سعود أبطالَنا في الظهر.
ظاهرة المقاومة اللبنانية الفذة، ممنوع عليها أن تتكرر في أي دولة من دول الهلال السوري الخصيب، لا سيما تلك التي تطل على فلسطين المحتلة مباشرة.. باعتبارها خياراً سيزيفياً ولا تفضي الى اي نتيجة، كما يوهمون الناس.
يُراد القول إن الصراع مع العدو بات من الماضي. الأيدي العربية والصهيونية متشابكة على السرّاء والضراء، وهذا زمن الصراع السني الشيعي.. صراع حول مَن يتدحرج أولاً إلى جهنم.
يريدنا آل سعود ومعهم محمود عباس وخالد مشعل أن نكون مثلهم عراة من المكان، عراة من الزمان، عراة حتى من الهواء.. ولكن هل هذه هي قضيتهم أم قضيتنا؟ الأميركي وليم كريستول يرى كما أن «ثمة أوبئة تبقى ما بقي الهواء، ثمة ايديولوجيات تبقى ما بقي الإسلام»!
إذاً، إن إضراب سعدات عن الطعام، وبما يمثله من رمزية، هو صرخة الجسد الأسير من غياهب الاحتلال لكل شعبنا في الهلال السوري الخصيب ولكل أحرار العروبة والعالم، خاصة أننا على حق أيها الباطل المتّسع وصرخة الجسد هذه ستؤرّخ طُهر الحقيقة من أن فلسطين الممتدة من البحر إلى النهر، هي لكل الفلسطينيين بتعاقب أجيالهم مثلما هي لكل السوريين في عموم سورية الطبيعية.
أحمد سعدات والأبطال الأسرى كلهم.. التاريخ يُصنَع بإرادتكم وبالعزّة في أنفاسكم التي تطلق رصاصات الحياة في وجه عدوّ لا يؤمن إلا بالموت.
أحدهم، وهو المدرك بثقافته المترامية ماذا تعني التراجيديا الفلسطينية للوجدان السياسي، والأخلاقي، والفلسفي في هذا العالم.. كان يقول «ليس كلما أراد أحدنا أن يعطس يستأذن أميركا».