الاستحقاق رهن «الميدان» و«الهواجس»
حسين حمود
ما تزال أجواء جلسات الحوار القائمة في عين التينة غير واضحة المعالم والاتجاه على صعيد رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب.
والبارز في هذا المجال تعليق الموضوعين الآنفين والانتقال إلى الإصلاحات الدستورية وتحديداً البحث في بنود اتفاق الطائف العالقة ولا سيما بندي مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية.
أما الاستحقاق الرئاسي فيبدو، بحسب مصدر وزاري «بعيد الأمد وموعد قطاف كرسي بعبدا لم يحن بعد بسبب عدم نضوج الطبخة الموضوعة على نار الميدان السوري».
وما إذا كان يتوقع خروج طاولة الحوار بنتائج ملموسة على صعيد الملفات التي تبحث أجاب: «لا شيء»، مستدركاً بالقول: «حتى الآن على الأقل».
وفي هذا السياق، ترى أوساط سياسية أن رئاسة الجمهورية معلقة على قرار تيار «المستقبل» ومن خلفه القرار السعودي، موضحة أنّ «المستقبل»، وبعكس ما يصرّح في العلن حول استعجاله انتخاب رئيس للجمهورية حتى يستقيم عمل المؤسسات الدستورية، فإنه في الخفاء غير مستعجل على هذا الأمر، طالما رئيس الحكومة هو المتنفّذ الأساسي في مجلس الوزراء المنوطة به مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن باستطاعة رئيس الحكومة بمفرده عرقلة أي أمر لا يرضى عنه هو أو تيار «المستقبل»، فلمَ العجلة، إذن، في انتخاب رئيس الجمهورية؟ تتساءل الأوساط.
إلاّ أنّ المصادر تضيف إلى هذا السبب هواجس تنتاب التيار المذكور ورئيسه سعد الحريري، من باب فتح الثغر في جدار الاستحقاق الرئاسي. من هذه الهواجس معرفة هوية رئيس الحكومة المقبل في حال انتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون رئيساً للجمهورية، في جلسة يحضرها نواب التيار لتأمين النصاب من دون تصويتهم لعون. فإذا كان رئيس الحكومة العتيد الحريري نفسه، فما هي تركيبة حكومته من حيث توزيع الحقائب والأهم عدد وزراء كل من فريقي 8 آذار و14 آذار، وما إذا كان الفريق الأول سيطالب بالثلث الضامن، وفي حال التسليم جدلاً بهذا المطلب ومنحه الثلث الضامن، فما هو الضامن لرئيس الحكومة لعدم تكرار ما حصل مع الحريري في حكومته السابقة باستقالة فريق 8 آذار الذي كان بحوزته، آنذاك، الثلث الضامن، وما تبع تلك الاستقالة من انهيار الحكومة برمتها؟
وتستدرك المصادر بالإشارة إلى أن هذا النقاش الداخلي هو في إطار محدود حتى الآن، اما الأساس في الاستحقاق الرئاسي فهو الموقف السعودي الذي يربط الوضع اللبناني بتطورات الميدان السوري واليمني والعراقي والذي ما يزال معقداً حتى الآن، بالرغم من أن الكفة الراجحة تميل حالياً إلى محور المقاومة.
واستطراداً، في حال سلّمت الرياض بهزيمتها، عسكرياً وسياسياً وبالتالي تراجع دورها في لبنان نسبياً، فإنها ستقف خلف مطالب تيّار «المستقبل» لعرقلة الاستحقاق الرئاسي إذا كان سيرسخ انتصار فريق 8 آذار في لبنان، ولا سيما حزب الله الذي تسعى السعودية بكل ما أوتيت من حقد عليه، لإنهائه وليس تهشيم وتشويه صورته وحسب.
وفي الانتظار يبقى الاستحقاق الرئاسي في ثلاجة «الهواجس الزرقاء» و«الغضب السعودي الأسود»، إلاّ أن الوضع الأمني اللبناني ما زال ممسوكاً لحاجة جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية له، وكل وفق حسابات ومصالح خاصة به. وهذا دفع المصدر الوزاري المشار إليه آنفاً إلى القول إن لبنان بلد العجائب. ففي العادة أو في منطق الدولة حالة الأمن مرتبطة طرداً بالحالة السياسية، فإذا كانت متدهورة يتدهور الأمن وإذا كانت جيدة فيكون هو كذلك، أما في لبنان، الآن، فلا علاقة للسياسة بالأمن، فالوضع السياسي في أسوأ أحواله بينما الأمن مستتب كلياً.