أديسيات

أديسيات

يُحكى أنه في الماضي البعيد، عاش قبطان شجاع وذكيّ وذو نظرة ثاقبة وحنكة ودهاء نادرين، اعتاد بحارته على مناداته بـ«الكابتن برافو». وقد شاع صيته بين البحّارة حتى صار العمل بإمرته حلماً يراود أيّ شخص يريد ركوب البحر.

في إحدى رحلاته، وبينما كان فى عرض البحر، لاحت من بعيد سفينة عُرف من من علمها الأسود أنها سفينة قراصنة. ساد هرج ومرج في السفينة، فما كان من «الكابتن برافو» إلا أن صاح في بحّارته بصوت قويّ واثق: «أحضِروا لي القميص الأحمر». فأسرع أحدهم وأحضر له قميصه الأحمر. حصل الاشتباك والتحم البحّارة مع القراصنة واستبسلوا واستشرسوا بالقتال حتى انتصروا.

ولم يكد «الكابتن برافو» وبحّارته يستريحون من المعركة، حتى ظهرت في الأفق سفينتان للقراصنة. فصاح فيهم بصوت أقوى ورباطة جأش أكبر: «أحضِروا القميص الأحمر». فكان ما أراد، وكالمعركة السابقة استبسل البحّارة وهم يشاهدون شجاعة قائدهم وإقدامه، حتى كبّدوا القراصنة خسائر فادحة وأعلنوا النصر.

وخلال احتفالهم بانتصارهم في المعركتين، سأله أحد البحّارة: «سيّدي القبطان، ما سرّ قميصك الأحمر الذي تحرص على ارتدائه خلال المعارك التي نخوضها؟». فأجابه «برافو»: «ألبس هذا القميص كي يغطّي لونه الأحمر لون الدم الذي قد أنزفه إذا ما أُصبت خلال المعركة، فيدرك رجالي إصابتي ويُصيبهم الهلع، وتوهن عزيمتهم، فتتراخى قبضاتهم ونخسر المعركة».

أُعجب البحّارة بذكاء قائدهم وحنكته، وسهروا محتفلين حتى بزوغ الفجر.

وبينما هم على هذه الحال، صاح أحد البحّارة: «قراصنة قراصنة… عشر سفن للقراصنة قادمة باتجاهنا».

هبّ البحارة على أقدامهم ونظروا إلى «الكابتن برافو» في انتظار أوامره. فنظر إليهم بالثبات ورباطة الجأش نفسهما، وصاح فيهم: «أحضِروا لي البنطال البنّي!».

بعد حركة الذكاء والحنكة الأميريكة في تعويم «جبهة النصرة» «المعتدلة»، وإلباسها «قميصاً» جديداً يتمثّل بفك ارتباطها بتنظيم «القاعدة». وبعد حركة الغباء والرعونة لـ«المعتدلين» أنفسهم عندما قاموا باستهداف مروحية النقل الروسية بصاروخ أميركي، ونكّلوا بجثامين طاقمها بشكل بشع ومستفزّ. تُرى، هل صاح كيري: «أحضِروا لي بنطالي البنّي؟»، أم بعد؟

أديس ديرمنجيان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى