تفاصيل صغيرة
تفاصيل صغيرة
نصادف في حياتنا اليومية، نماذج مختلفة من الناس. ومن الطبيعي أن تختلف طبائعهم وأمزجتهم وميولهم. فتجدنا نتقاطع مع البعض ونختلف مع آخرين. إنما لفت نظري نموذج من البشر، هو صنيعة عصر المادة أو نتاجه. فتجده يقيس علاقاته بالبعض بمفهوم الربح والخسارة، كما لو أنه يحمل ميزاناً في داخله. تسكنه طباع التاجر، ويتجسّد كلّ شخص له على هيئة بضاعة. فهذا بضاعة رائجة، وذاك بضاعة كاسدة، وآخر سلعة مطلوبة… وهكذا!
هذا النمط من الأشخاص مصاب بما أسمّيه «فوبيا المادة». مشكلة هذا النموذج من البشر، ليست فقط في نظرته إلى الآخرين، إنما في نظرته إلى ذاته. فيقيس علاقات الآخرين به أيضاً من مبدأ التكسّب والمنفعة. ولذلك لا يمكنه أن يدرك الجوهر الحقيقي للعلاقات الإنسانية. لا يمكنه أن يفهم معنى أن نقدّم من دون انتظار مقابل. كلّ شيء بالنسبة إليه يخضع لمبدأ «الميكافيلية». هذا النمط من الأشخاص، يعيش الحياة بمادية صرف، ولذلك علاقاته في مجملها سطحية وموقتة، وكلّ سعادة ينالها هي متعة مأجورة مدفوعة الثمن. لذلك، تجده في إفلاس روحيّ دائم رغم غناه… وللحديث تتمة.
منى عبد الكريم