معارضة.. جرذان تجارب أم بنات هوى؟
نظام مارديني
ستبقى الأزمة السورية باختلاف صورها التي تعود إلى جذور عديدة تبدأ بتطوّر هذه الدولة العلمي ولا تنتهي بحالة الاكتفاء الغذائي الذاتي التي كانت قد وصلت إليه. ستبقى هذه الدولة السورية عنوان بقائها الوحيدة التي لا دَيْن خارجي عليها رغم الفساد الذي كان يعشعش في الكثير من مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية . في المقابل كان هدف رموز ما تُسمّى بـ «المعارضة» هو البحث منذ بداية حراكها عن المال والسلطة. وهذا يتمظهر بسببين أولهما: حضاري يتعلق بأزمة الوعي، والآخر أخلاقي يتعلّق بأزمة القيم الأخلاق ، وقد سَهُل على أقطاب التأزّم اتخاذ حجاب عازل عن حقيقة الوجه الأصلي، والظهور بمكياج رجالات الطوائف والأعراق المدافعين عن مظلومياتها التاريخية وحقوقها المضيّعة.
أدّى العقل الخارجي الأميركي ـ السعودي ـ القطري ـ التركي دوراً حاسماً في تحريك النوازع الباطنية في «المعارضة» السورية ولعب الدهاء الخارجي على بساطة وسطحية المستوى المعرفي لعقل «المعارض»، والمستوى القيمي للنفس «المعارضة»، فأبرق إليه فكرة السرقة والاستفادة المادية كفضاء للانتظام السياسي في وجه الدولة السورية يمكن للقارئ المتابع أن يكتشف بسهولة كمية هذه السيولة النقدية التي غمرت كلاً من برهان غليون وعبد الباسط سيدا وميشيل كيلو وجورج صبرا وأحمد الجربا ورياض حجاب. ولعل أكثرهم وقاحة كانت سهير الأتاسي التي وبعد انكشاف سرقتها 20 مليون دولار من المساعدات الإماراتية المقدّمة للاجئين السوريين، قالت إنها ليست الوحيدة التي احتفظت لنفسها بهذه الأموال، بل إن كل أعضاء الائتلاف «المعارض» قد نالوا أموالاً طائلة من الدول الأوروبية والسعودية وقطر والإمارات، ولم يصل شيئاً من تلك الأموال للتنظيمات المعارضة داخل سورية ولا حتى للاجئين السوريين في الخارج… . والعقل الخارجي لطالما ضمن تدفق المصالح والمغانم عبر «المعارضات» المحلية التي تنام في دواخلهم ذئاب جائعة للمغانم والشهرة. وهكذا اختبر هذا العقل جرذان «المعارضة» باعتبارهم كائنات تجربة بأن وضع أمامهم سلة واحدة للاختبار: «المحاصصة، السلطات، المنافع» وملأ فضاء التجربة بعوامل مساعدة للتفاعل تخدم رغبتهم وتنشط اختيارهم لهذه السلة. فهي خيار المنفعة والقوموسيون والفوضى وعدم المساءلة، وإلا ما جدوى أن يقطع العقل الخارجي كل هذه المسافات لتغيير نظام في الهلال السوري الخصيب؟
تجلّت سيمياء أزمة الوعي الحضاري والفكري في عقل «المعارض»، الذي تخلّى عن مصطلحات «الحرية» و«الديمقراطية»، و«حقوق الانسان»، و«المجتمع المدني» بعدما انتهت مدة صلاحياتها عند الأميركيين والأتراك.. كما عند مشيخات آل سعود وقطر، وفضحت عدم قدرة هذا العقل على استثمار فرصة تاريخية للمشاركة في بناء أسس الدولة المدنية، التي تفصل الدين عن السياسة وتلغي الحواجز بين الطوائف والمذاهب، بل كان هذا العقل أشبه بكرنفالٍ فريدٍ سقط في بئر العار والخيانة.. لقد كان دافع البحث عن السلطة والمال طريقاً سريعاً لإشباع جوعه الغريزي التاريخي للغنى والتبغدد والترف.
معارض غاضب من حلب اعتقل 17 مرة يصف هذا الطراز من المعارضين الذين تُفرض عليهم حتى ملابسهم الداخلية بـ «بنات الهوى». وقال: لم أسقط برصاص النظام وأنا أتظاهر، بل سقطت من الخجل من هذه المعارضة.. ليس باستطاعتكم أن تتصوّروا ماذا تفعل المعارضة في حلب؟