أردوغان ما بعد.. بطرسبورغ!؟
نظام مارديني
عشية قمة «باكو» التي جمعت كلاً من بوتين وروحاني وعلييف، على ضفاف قزوين الصاخب، حطّ أردوغان في بطرسبورغ أمس، في لقاء جمعه بالرئيس الروسي لأول مرة بعد انقطاع دام منذ 15 تشرين الثاني 2015.
وإذا كانت قمة باكو، عقدت، لمواجهة النفوذ الأميركي ـ الأوروبي التقليدي في المنطقة، وأرادها بوتين لإطلاق تجمّع دولي يفتتح مرحلة جديدة من التصدّي الجماعي للإرهاب والتطرّف كعدو متفلّت بدأ يطرق أبواب العالم، فإن لقاء بطرسبورغ، يأتي على وقع محاولات خرق الطوق عن حلب، التي يسعى الحلف المعادي، الأميركي السعودي، إلى إسقاطها وإضعاف دمشق. ولذلك يعلّق أردوغان آمالاً كبيرة على عودة الحرارة الى خط أنقرة ـ موسكو، خصوصاً بعد توتر علاقة بلاده مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على خلفية الانقلاب الفاشل على نظام حكمه.
يدرك بوتين حاجة أردوغان له على الصعيدين السياسي والاقتصادي، خصوصاً ما يتصل منها بالخطوات التي يجب على أنقرة اتخاذها من أجل تنفيذ مشروع «السيل التركي»، القاضي بمدّ أنابيب لنقل الغاز الروسي عبر تركيا إلى حدود اليونان، وإنشاء مجمع للغاز هناك، لتوريده لاحقاً الى مستهلكي جنوب أوروبا.. ولاحقاً أغرى الديبلوماسيون الروس أردوغان بالقول «إننا وإيران وتركيا يمكن أن نشكل حوضاً اقتصادياً واستراتيجياً لا يُكسر.. ولكن ماذا سيُقال عندما تنضمّ أذربيجان إلى هذا الحوض الغني بالغاز والنفط..؟
وهل سيكون أردوغان سخيّاً مع بوتين في الملف السوري بعيداً عن تصريحاته العنترية؟
تكمن الإجابة على هذا السؤال خلال الايام المقبلة في كيفية استجابة أردوغان لسحب ضباطه واستخباراته التي تدير معركة الإرهابيين في حلب مع الضباط الأميركيين والسعوديين، ويغلق حدود تركيا في وجه الإرهابيين الـ 360 ألفاً الذين قال عنهم مركز «فيريل» الألماني إنهم دخلوا سورية منذ نيسان 2011!
من خيال الفيلة الى خيال الذبابة.. هكذا مضى أردوغان، قبل قمة بطرسبورغ، بعدما غسل الماضي بين تركيا وسورية، كما بين تركيا وروسيا، وراح يتصرف كما لو أنه السلطان العثماني الذي لا يُشقّ له غبار والذي لم يكن يرى أن ثمة قوى اخرى في المنطقة ترفض توسيع «جلد الفيل»، أي جلد تركيا، ولو قيد أنملة…
كبا الحصان، وكبا السلطان معه بعد الانقلاب الفاشل وصمت الحلفاء.. بل ودورهم في الانقلاب. الرئيس التركي لم يكن يتصوّر أبداً أن القيصر الروسي سيدعمه بقوة ضد الانقلابيين كما ظهر، هكذا، وبهذه القوة في سورية.. «لعبة» مصالح؟ نعم هي تقاطع مصالح روسية تركية، مثلما هي بين موسكو ودمشق وطهران.. وهي لطالما كانت هكذا منذ بداية تشكل الدول.
في مؤتمره المشترك مع أردوغان، أشار الرئيس الروسي إلى أن مقاربات بلاده من سبل تسوية الأزمة في سورية لم تكن تتطابق دائماً مع المقاربات التركية في السابق، لكنه شدّد على أن «لموسكو وأنقرة هدفاً مشتركاً في هذا السياق هو تسوية الأزمة في سورية»..
يدرك بوتين انه لولا أردوغان لما أخذت الحرب او الحروب في سورية ذلك المنحى الكارثي.. فهل سيُغلق أردوغان بوابته أمام الإرهابيين، أم سيبقى يراهن على اللعب عسكرياً، وحتى آخر سوري، بعدما أصبح حلمه باقتطاع المنطقة الممتدة من حلب الى اللاذقية، من الماضي؟